
Loay Taha raises a series of questions about the role of the artist, whether a fine artist or a writer. He compares the expatriate in his homeland with the motherland(er), of which he is one.
Can the artist restore what has been destroyed? Is the beauty imprisoned by the tragedies of the people?
Can artists prove to unbelievers that they can create beauty out of nothing?
Why do expatriates recreate the world out of their dreams, whereas the home-lander digs into the pain integral to the land to paint, write or sculpt the past?Is it compulsory for the home-lander to interpret tragedies rather than create beauty?
هل بوسع الفنان أن يرمم ما تهدّم من حيطان الزمان والمكان؟ وهل يدرك وهو في زمن القحط والسنين العِجاف والعاقر من الخصوبة، بأنه يخوض حرب
الذاكرة ضد جحافل النسيان؟ أم قُدّر للجمال أن يظلَّ أسير مأساة الشعوب التي لم يُطلق سراحها من سجون خذلان الجمال؟
وهل على الفنان أن يقدم البراهين على أنه كائنٌ موجود بذاته، ويثبت للملحدين بقدرة الفن على خلق الجمال من العدم، أم أنه ليس مضطراً أن يقدّم البراهين والنظريات الجدلية ويتفرغ لخلق إبداعٍ سيصبح برهانه ودليل صدقه وحقيقة وجوده؟
لكن السؤال المعلق على سقف الذهول: هل يحق للفنان أن يسأل الحياة وكهنتها عن مكانته وهل يحق له أن يأخذ مساحة ينفرد بها، تكون مملكته وركن لعزلته الواعية، دون أن تتعرض تلك المملكة لغزو القباحة وإلاّ تحطم تماثيله الجميلة ويحاكم بتهمة خلق الأوثان؟
المنقب الأجنبي، يبحث في بطن الأرض الحبُلى، عن المواد الخام ليستخرج منها مادة ثرائهِ وسطوته وتشكيل العالم كقطعة معجون لينة على مقاس طموحه وأحلامه الكبيرة. والفنان المحلي يبحث تحت الأنقاض وينبش تراب الألم ليخرج مادة إبداعه ويجسد هذا الألم ويعيد تشكيله إما على هيئة لوحة أو قصيدة أو يجعله ثوباً طويلاً على شكل رواية؛ لكن السؤال الملح والملح الذي يرش على جرح الدهشة النازف: هل على الفنان العربي أن يبقى مجسداً للألم ويكتفي بترجمة المأساة إلى لغةٍ مقروءة أو مرئية ولا يتاح له الوقت ليخلق أشكالاً جديدةً ومبتكرةً للفرح؟
المخرج الأجنبي يبحث عن سيناريو غريب، بعيداً عن النمطية؛ لا كي يخلقَ منه دهشةً سينمائية بل ليخلق منه حالةً جدلية كبيرة، ويهيئ عقل المشاهد على استساغة طعم الغموض ويمرن خياله المتأهب على سباقات الذهول حول عوالمٍ غريبة وكواكبٍ جديدة لأن المخرج الأجنبي جزء لا يتجزأ عن أفكار وطموحات دولته التي يراها الدولة العظمى. بهذا هو يستطيع أن يجعل من المتلقي والمشاهد جزءً من الحلم لأن الفكرة الجدلية التي انتقاها المخرج تدغدغ غرور المشاهد وترضي فيه رغبة العظمة والسيطرة عندما يشاهد علم دولته يُسلط عليه الضوء كرمز إيحائي وإسقاط ذكي يملأ مخيلة المشاهد الأجنبي بشعور الامتلاء ويضاعف فيه الانتماء المطلق لدولته العظمى. ففي نهاية الفيلم يجسد القوة والإنسانية ويرسخ في عقل المشاهد بأنه ينتمي إلى دولة تمنحه الشعور بالفخر والتعالي، لأن المخرج يسرف بسخاء من أجل ترسيخ تلك القناعات والمقدرات الخيالية العلمية. لكن علينا أن نتوقف عند نقطة مهمة وننصف براعة المخرج الأجنبي لأنه استطاع تحويل السيناريو والخيال إلى واقع ملموس يعيشه المتلقي بشكل ملموس ويثبت مصداقيته فتتوطد العلاقة ما بين المخرج ومشاهده المحلي حين يشربان معاً نخب القوة والنصر.
السؤال: لماذا لا يملك الفن العربي تطلعات مستقبلية ولماذا نحن نعشق كراكيب الماضي وخرق التاريخ المهترئة، ولا نخلق وعياً مستقبلياً ونبتكر للمتلقي العربي عالماً جديداً ونعطي خيال المشاهد طرف الخيط وندربه على التأمل ونضع عقله الراكد أمام جدليات فكرية ونخلصه من عبادة النمطية والدوران في الحلقات المفرغة دون جدوى ولا نفعل له من شيء سوى أن نجسد له المأساة بلوحة ملطخة بلون الموت أو قصيدة أكمامها تعصر دماً أو رواية تسحبه حروفها إلى دهاليز السجون وعذاب السجان وقهر الجلاد إلى أن ينشف ريقه ويصاب بحالة فزع كبيرة تدفعه إلى الإحباط والقنوط ويتحول الوعي إلى لعنة فيختار البلادة سبيلاً يعتكف به طالما أن الرواية تؤكد وبكل يقين بأن مصير المثقف والواعي هو السجن والتعذيب.
هذا الفن المأساوي والألوان الداكنة والعبارات النقدية والتهكمية هو من خلق فجوة كبيرة ما بين الحلم والواقع وما بين المواطن والوطن وفقد الإنسان العربي شعوره بالانتماء وأصبح اللجوء والهجرة حلماً يداعب خيال الفنان والمتلقي بآن واحد. وفي كل مرة ومن بعد كل حرب فوضوية تحدث على تراب الوطن الكبير تصبح الهوية العربية عبئاً ثقيلاً ولعنة من السماء قد حلت علينا نحن السواد الأعظم.
فهل الفنان بوجه عام هو المسؤول عن فقدان المتلقي لوزن وعيه، أم أن الفنان هو الآخر وقع أسير العجز واستسلم للسوداوية وانخرط ليكون توأم المتلقي؟
حين يتدنى مستوى الذائقة الفنية ويصبح الفن الراقي والهادف مصدراً للسخرية، فمن الطبيعي أن يصل الفنان إلى حالة استسلام أو يعيش في عزلة حتى عن ذاته. عندما يسخر المتلقي من ريشة الفنان التي ترسم الألوان الزاهية والمشرقة وينظر إليه على أنه يغرد خارج السرب لأن المتلقي قد تعود على أن يجسد له الفنان لوحة مأساوية بألوان قاتمة ليعترف به ويمتدح سوداوية الفنان لأنها تتناغم مع سوداويته. ويحرّم على بصره مشاهدة اللون الزاهي على اعتبار هذا اللون ضرب من الخيال ولا وجود له على أرض الواقع. إن العلاقة ما بين الفنان والمتلقي تكاد تكون مقطوعة وكل منهما يعيش في قطيعة عن الآخر كما هو حال الدولة هي الأخرى تعيش بعزلة وقطيعة عن المواطن.
وحين يصبح الفن حكراً على طبقة معينة وثلة قليلة إما من المثقفين أو من الأثرياء وهذا يعود لسببين
إما لجزالة الفن لغة ومضموناً فيصعب فهمه وتقيمه من قبل المتلقي المنهك،
أو أن يكون باهظ الثمن فلا يتمكن المتلقي البسيط الاقتراب منه
حتماً سيصبح الفن غريباً لا يفقه المتلقي العادي معناه ولا قيمته الفنية؛ فيدور الفن في حلقة ضيقة ومساحة صغيرة لا تتسع إلا للمثقفين وأصحاب الجاه والثراء هل هي حقيقة أنه كلما امتلأت خلايا الفنان بالمعرفة انتفخت شرايين عزلته عن الواقع؟ وكلما اتضحت رؤيته لماهية الفوضى وغاص في عمقها، انعدمت رؤيته للمتلقي البسيط؟
وأخيراً اختتم تساؤلاتي الحالمة بقول J.G Herdr
“الحقيقة أن الشاعر الذي يريد أن يسيطر على البيان، عليه أن يظلَّ مخلصاً لأرضه، وفي إمكانه أن يغرس فيها كلمات القوة؛ فهو يعرف تربتها وفي إمكانه أن يقطف الزهور منها لأنها أرضه، وفي إمكانه أن يحفر إلى الأعماق وأن يبحث عن التبر؛ وفي إمكانه لأن يرفع الجبال ويسيّر الأنهار فهو ربّ الدار”
---------------------------------------------------------------------------------------------- *Material should not be published in another periodical before at least one year has elapsed since publication in Whispering Dialogue. *أن لا يكون النص قد تم نشره في أي صحيفة أو موقع أليكتروني على الأقل (لمدة سنة) من تاريخ النشر. *All content © 2021 Whispering Dialogue or respective authors and publishers, and may not be used elsewhere without written permission. جميع الحقوق محفوظة للناشر الرسمي لدورية (هَمْس الحِوار) Whispering Dialogue ولا يجوز إعادة النشر في أيّة دورية أخرى دون أخذ الإذن من الناشر مع الشكر الجزيل