القيم وسلوك المرأة الحديث

د. فاتن عبد الجبار الحياني 

استاذ النقد الادبي الحديث في الدراسات الاولية والعليا في قسم اللغة العربية كلية التربية للعلوم الانسانية جامعة تكريت 

حين نشير إلى سلوك المرأة الحديث فعلينا التمييز بين جيلين أو فلنقل بين عهدين، عهد كانت فيه الأمية متفشية في النسبة الكبرى من نساء العراق، وفيه كانت المرأة  تتحدد وفق محددات معينة لا تتعداها إلا في القليل النادر الذي لا يقاس عليه بتاتاً، وعهد آخر لا نبالغ إذا قلنا أن نسبة ضئيلة لا تكاد تذكر من النساء لم ينلن فيه قسطهن من التعليم بسبب  ظروف معلومة أجبرت فتياتنا على هجر التعليم وعدم متابعة الدراسة. إننا إذن بين حقيقتين، الأولى معروفة سلفا، والثانية سلّحت المرأة بالعلم والمعرفة، وتبع هذين الرافدين مشاركة فعالة أكيدة في كل ميادين العمل مهما كان التّخصّص دقيقا أو محصورا بيد الرجال. لا ريب أن تختلف الصفة الروحية بين الأمس واليوم، فالقيم السائدة قديما و التي كانت المرأة تقبع بين زواياها المظلمة لم تعد ملائمة أو مناسبة لسلوكيات اليوم. لقد ولدت روحية جديدة تتعالى على مفاهيم الماضي وتشذب كثيرا من ممارساته. إن المرأة اليوم أمام محاور عدّة تتبع فكرا حرا ونظاما متقدما لا ينظر إلى الشيء من زاوية ضيقة لم تكن تحسن سواها، بل تعددت تلك النظرات وأخذت أوجها حضارية بدأ الرجل يفهمها ويتقن التعامل معها، وحسبك أن ترى في دائرة واحدة أو مؤسسة خليطا متجانسا من الرجال والنساء يؤدون مهمة واحدة وليس هناك مجال للأفضلية إلا في الكفاءة والدرجة العلمية ولا عوامل غيرها. بهذا يتشكل مفهوم جديد كل الجدة تتعاطى معه المرأة وبه وحده تثبت كيانها ورسالتها في الحياة ، وتبني على ذلك المفهوم سلوكا آخر ينحو إلى اقتلاع النظرة الأحادية والنزعة الفردية الذكورية، وتبقي –ودون أن تنسى– صفتها الانوثية التي تميزها من جنس الرجال. أما القيم الخالدة فهي ستبقى كما كانت وليس من سبيل إلى تغييرها لأنها من جنس الخير والحق والأخلاق، وهي باقية ما بقيت الحياة على الأرض، يشترك بها الرجال والنساء ويتفاضلون بها، كلٌّ على سعة استعداده وقابليته، كالصدق والأمانة والإخلاص وغيرها من القيم التي لا يستطيع العرف ولا الزمان تغييرها أبداً.

بكلمة مختصرة إن سلوك المرأة الحديث ينبع من أمرين جوهريين هما، ثقافتها الاجتماعية العامة، وهو عمودها، والثاني مشاركتها الرجل مع احتفاظها بالقيم الخالدة، وهو ما يمثل شعورها. 

---------------------------------------------------------------------------------------------- *Material should not be published in another periodical before at least one year has elapsed since publication in Whispering Dialogue. *أن لا يكون النص قد تم نشره في أي صحيفة أو موقع أليكتروني على الأقل (لمدة سنة) من تاريخ النشر. *All content © 2021 Whispering Dialogue or respective authors and publishers, and may not be used elsewhere without written permission. جميع الحقوق محفوظة للناشر الرسمي لدورية (هَمْس الحِوار) Whispering Dialogue ولا يجوز إعادة النشر في أيّة دورية أخرى دون أخذ الإذن من الناشر مع الشكر الجزيل

Leave a Reply