دور المرأة في التنمية الإدارية والاقتصادية

On the role of women, Ghassan Assafi sees that the wife’s role is at home, especially as a mother. If she must work (for economic and financial reasons), she should balance her family and professional duties.

Nevertheless, he admits that women have had (and still have) significant roles throughout history, whether in the East or the West, from a queen to a prime minister to a scientist. He only allows a few exceptions, though.

Assafi argues (with the support of previous American study) that women are superior in number, capacity, capability and education than men in their aptness to work, but their wages are smaller than mens’. Not only that, but they are used to market themselves or by others in an unethical way which is not acceptable. He wishes that women and society itself would work towards respecting women at all levels, as they comprise half the population worldwide and not only in the Arab world or the third world. 

غسان العسافي

تلعب المرأة دوراً مهماً وأساسياً في المجتمع، أيا كان هذا المجتمع، فالله تعالى خلق المرأة بمواصفات خاصة تتلاءم ودورها في العائلة والمجتمع.

المرأة هي الأم والزوجة والأخت. هي منبع الحنان والعاطفة، وهي بشكل من الأشكال، المكمّل الحسابي للرجل (والعكس صحيح) من حيث الدور والمهام والواجبات. و قد منحتها الطبيعة مواصفات لا توجد عند الرجال كما منحت الرجل بالمقابل مواصفات وقدرات غير موجودة لديها.

عندما نقول إنّ المرأة هي المكمّل الحسابي للرجل، أو العكس، فإنّما نعني أن دور أحد الطرفين لا يكون كاملا دون وجود الطرف الآخر على مستوى العائلة والمجتمع بشكل عام وتلك حكمة الله جلّ وعلا. وهنا لا نريد الدخول في تفاصيل الصفات والقدرات الجسمية والعقلية لكلّ من المرأة والرجل، فلا مجال لبحثها هنا. ما نودّ التركيز عليه هو الدور الذي يمكن أن تلعبه المرأة في مجالات التنمية الإدارية والاقتصادية والاجتماعية لأيّ مجتمع.

إبتداءً نقول إنّ الدور الأساسي للمرأة (الأم والزوجة) هو تربية الأجيال وتنشئتها  تنشئة صالحة وتوفير وسائل الراحة والاطمئنان للأولاد والزوج والحفاظ على بيت الزوجية وصيانته بحيث يكون الزوج مطمئناً ومرتاحاً نفسياً ومتفرغاً للاهتمام بأمور العائلة الأخرى وأمور عمله أو صناعته. هذا باعتقادي دور مهمّ وحيويّ لابدّ أن يكون أساساً وابتداءً للانطلاق إلى أيّ دور آخر للمرأة في المجتمع.

إنّ الطبيعة وفرت للمرأة الفرصة والظروف والمواصفات العقلية والنفسية والبدنية الملائمة للقيام بهذا الدور وإنّ قيامها به على أحسن وجه يدفع المجتمع كله نحو الرقيّ والتقدم. وبتقدّم الشعوب والمجتمعات وتطوّرها وتعقّد الحياة بشكل عام صارت للمرأة: الأم، الزوجة، الأخت أو الابنة أدواراً أخرى تقوم بها الى جانب دورها في البيت. بالطبع، تختلف هذه الأدوار وطبيعتها وحجمها وأهميتها من بلد إلى آخر، ومن مجتمع إلى آخر، وحسب طبيعة المجتمع وعاداته وتقاليده والأديان التي يعتنقها أفراد ذلك المجتمع. لكن يمكن القول إنّ أدوار المرأة تراوحت بين الرعي والمساعدة في الزراعة في بعض المجتمعات الزراعية والقبلية ووصلت إلى التجارة والهندسة والطبابة وبعض مجالات الإدارة والصناعة في المجتمعات المدنية المتحضرة. لكن تبقى أهمية دورها وحجمه في هذا الجانب وبلا شكّ محكوماً بمدى تمكّنها من إتقان تنفيذ دورها الأساسي في المجتمع كأمّ وزوجة. الخلل يظهر، لا على مستوى العائلة فقط، لكن على مستوى المجتمع كلّه إذا جاءت التزاماتها في العمل على حساب دورها الطبيعي الأساسي الأهم كأم وزوجة.

لقد تباينت الأنظمة الإدارية والاقتصادية والاجتماعية في دول العالم المختلفة في التجاوب والتعامل مع موضوع تشغيل المرأة وعملها،  ففي بعض المجتمعات المحافظة نرى أنّ فرص المرأة في العمل الفني والإداري والاقتصادي خارج المنزل محدودة إلى أقصى الدرجات ومحصورة في مجالات ضيقة جداً في حين قد نرى العكس في المجتمعات المنفتحة لا سيّما في الدول المتقدمة حيث تشغل المرأة مناصب متقدمة وتتبوأ وظائف إدارية وقيادية في المؤسسات والإدارات.  

في بعض الأحيان تصل المرأة إلى مناصب قيادية سياسية على مستوى الدولة كملكة ورئيسة للجمهورية ورئيسة للوزراء ووزيرة ورئيسة لمؤسسة وحتى عضواً في البرلمان. في تاريخنا العربي والإسلامي، القريب منه والبعيد، شواهد ناجحة على مثل هذه الحالات. كما نجد هذه الشواهد في الدول الغربية أكثر نجاحاً في الوقت الحاضر.

إن خروج المرأة إلى ساحات العمل المختلفة حدث لأسباب عدّة ربما كان معظمها اقتصادياً حينما كانت تضطر للعمل لغياب المعيل كالزوج أو الأب أو للحاجة المادية للعائلة،  لكن بمرور الزمن وتغيّر الظروف تغيرت بعض العادات والتقاليد وأصبح للتعليم دورٌ مهمّ ورئيسيّ ترك أثره في المجتمع عموماً وعلى المرأة بشكل خاص. فالمجال أخذ ينفتح واسعاً أمامها للتعلم والدراسة في المجالات كافة و ربّما كان هذا افضل متنفّس لها حتّى أنّها أصبحت تنافس الرجل في مجالات الدراسة المختلفة. وقد بينت العديد من الدراسات والإحصاءات أن المرأة، في دول عدّة، قد تفوقت على الرجل سواء من حيث العدد أو الانجاز حيث فاق عدد النساء الرجال في الكثير من الكليات والجامعات كما راحت  تتفوق على قرينها الرجل في الحصول على أعلى الشهادات والدرجات.

إذن شيئاً فشيئاً أخذت ساحة المنافسة تتوسع وتشتد بين الرجل والمرأة، ساعد في ذلك أن الحياة المدنية الحديثة قد وفرت الكثير من الخدمات والتسهيلات التي تخفف من عبء الواجبات العائلية والمنزلية عن المرأة، مما أتاح لها فرصاً أكبر للتوجه بثقل نحو الحياة الدراسية والعلمية والعملية، و لا يفوتنا أن نذكر أنّ التغير والانفتاح اللّذين شهدتهما االكثير من المجتمعات، خفّفا من القيود أمام المرأة ممّا أتاح لها الاندماج مع الحياة العامة بالشكل اللائق المناسب وبما لا يتنافى مع العادات والتقاليد والأعراف العامة السائدة والخلفيات الدينية للمجتمع. 

لكن، وعلى الرغم من كل ما سبق ذكره، فانّ المرأة ما تزال تعاني في الكثير من الدول والمجتمعات من ثقل التفرقة، ثقل العادات والتقاليد، التي قد تكون أحيانا جائرة غير متناسبة حتى مع أحكام الأديان السماوية وتعاليمها. وهذا ما نراه في المجتمعات الغربية كما نراه في المجتمعات الشرقية والمجتمعات المتخلفة على حد السواء أحياناً.

فالمرأة ما تزال تتعرض للتفرقة والاستغلال على أساس الجنس وتستغل في بعض الأعمال والنشاطات غير اللائقة حتى في المجتمعات الغربية. كما أنّ الدراسات أثبتت بأن الفرص ما زالت غير متساوية أمام المرأة قياساً بالرجل من حيث المرتبات والمزايا التي تحصل عليها و مستوى الوظائف التي تشغلها. و ممّا يثير الاستغراب أنّ الكثير من هذه الدراسات أجري في مجتمعات غربية، أمّا مجتمعاتنا الشرقية والعربية فهي تعاني نوعاً واحداً من المشاكل تقريباً فيما يخص عمل المرأة و بمستوى متقارب نسبياً.

ظهرت مؤخّراً حملات للمطالبة بمساواة المرأة مع الرجل في الحقوق والمزايا والمرتبات والقضاء على الفوارق في القطاعات الإقتصادية المختلفة.و قد تابعنا حملات تقودها الفنانات الأمريكيات إستكمالاً لجهود أخرى في دول غربية متعددة، كان الهدف منها القضاء على التفرقة بين النساء والرجال من حيث المرتبات والوظائف والمناصب والمواقع القيادية بشكل خاص. وقد نجد أحيانا مبالغة في هذا الأمر تحت ضغوط الرأي العام، ممّا يؤثر على الأوضاع المالية والوظيفية والإقتصادية للدول والشركات والمؤسسات المعنية.

كذلك نجد أن بعض الدول وبعض الإدارات و المؤسسات الدولية ومنها تلك التابعة للأمم المتحدة بدأت تضع موضوع المرأة نصب أعينها، وضمن برامجها وأهدافها.

كمثال على ما ذكرناه نستعرض بشكل سريع وموجز بعض نتائج دراسة أمريكية (خلال العقد الماضي ولم تتغير إلاّ نسبياً) عن دور المرأة في شغل الوظائف الإدارية القيادية ومقارنتها بالرجل ومقارنة هذه الوظائف بالوظائف الأخرى التي تشغلها المرأة عادة في المجالات أو الصناعات الأخرى فضلاً عن مقارنة مستوى الأجور المتاحة لكل من المرأة والرجل في هذا النوع من الوظائف. هذه الدراسة مع قدمها النسبي إلا أن نتائجها ما زالت مهمة و مفيدة، على الرغم من وجود عدد آخر من الدراسات المشابهة الأحدث نسبيا وقد أخذت هذه الإحصاءات والبيانات من بيئة العمل والمجتمع الأمريكي الذي قد يختلف في كثير من الأمور والتفاصيل عن المجتمعات العربية والشرقية وحتى عن بعض المجتمعات الغربية الأوربية.

ركزت الدراسة على (10) أنواع من مجالات العمل والصناعة هي: الاتصالات COMMUNICATION الإدارة العامة الحكومية  PUBLIC ADMINISTRATION، خدمات الأعمال و الصيانة، خدمات الترفيه والترويح والرياضة، خدمات مهنية متخصصة أخرى، خدمات تعليمية، تجارة التجزئة، التمويل والتأمين والعقارات، المستشفيات والخدمات الطبية، وأخيراً الخدمات الطبية المهنية المتخصصة.

وقد أشارت الجهة التي أشرفت على هذه الدراسة بأن هذه المجالات أو الصناعات العشر تغطي حوالي  70%  من الوظائف التي تعمل فيها النساء لقاء أجور أو مرتبات حسب أرقام عام 2000 (نتوقع أن تكون هذه النتائج قد تغيرت بعض الشئ اليوم عما كانت عليه آنذاك). لقد خلصت هذه الدراسة إلى ثلاث نتائج رئيسة عامة، هي:

· إن النساء اللواتي يشغلن مناصب إدارية قيادية متوسطة أو عالية في المجالات العشرة المذكورة في العمل وخضعن للدراسة هن بشكل عام على مستوى تعليمي أقل، أصغر عمراً وأكثر احتمالاً أن يكن من العاملات  بأسلوب العمل المؤقت – PART TIME WORK، وأقل احتمالاً أن يكنّ متزوجات قياساً بالرجال الذين يشغلون وظائف بالنوع والمستوى ذاته. 

· في أربعة من مجالات العمل المذكورة كانت هناك اختلافات إحصائية واضحة  بين عدد المناصب الإدارية التي تشغلها النساء قياساً بتلك التي يشغلها الرجال حيث كانت النسبة تميل بوضوح لصالح الرجال في حين وجد العكس في نوع واحد من المجالات أو الصناعات التي خضعت للبحث.

· توصّلت الدراسة الى أن المديرات النساء العاملات بدوام كامل – FULL TIME WORK   يحصلن على دخل اقل من المديرين الرجال في كل مجالات العمل الخاضعة للدراسة، بعد أن يتم تثبيت عوامل التعليم، والعمر، والحالة الزوجية، والعرق   RACE

ولملاحظة أنواع الفروقات في التعامل مع النساء الشاغلات لوظائف إدارية متقدمة، نستعرض بعض النتائج والأرقام التالية:

· كانت النساء المديرات في معظم مجالات العمل المدروسة اكثر شبابا وأقل عمراً من أقرانهن الرجال الذين يشغلون ذات المستوى والنوع من الوظائف، قد تعدّ هذه نقطة إيجابية لصالح النساء كونهن يستطعن الوصول إلى هذه المناصب الإدارية بوقت أقصر وعمر أصغر أو أن ترقيتهن إلى هذه الوظائف كان بشكل أسرع من أقرانهن الرجال.

 · إن النساء المديرات في معظم مجالات العمل العشرة المدروسة هن أقل احتمالاً بأن يكن متزوجات بما يقارب الثلث اذا ما قورنّ بأقرانهنّ من الرجال وربما تعزز هذه النتيجة ما ذكرناه في بداية هذه المقالة   بأنّ الدور الرئيس للمرأة في كافة المجتمعات يظلّ هوتربية الأطفال والعناية بالعائلة والاهتمام بالبيت ومن ثم الخروج إلى المجتمع الأكبر للاهتمام  بأمور العمل والأعمال. لذلك فأن المرأة في المجتمعات الغربية تفضل بشكل عام أن لا ترتبط بزواج أو أطفال أو عائلة إذا قررت أن تكون لها طموحات دراسية أو عملية أو وظيفية حيث غالباً ما سيصعب الجمع بين الاثنين إلاّ نادراً وبجهود مضنية واستثنائية.

  · في خمسة من المجالات العملية الخاضعة للدراسة وجد انه ليست هناك فروق جوهرية بين عدد الوظائف المشغولة بالنساء عن تلك المشغولة بالرجال،  وهذه المجالات هي: الاتصالات – الإدارة العامة الحكومية – خدمات الأعمال والصيانة – خدمات الترفيه والترويح والرياضة – و الخدمات المهنية و المتخصصة الأخرى.  في المجالات الخمسة الأخرى المتبقية من الأعمال والنشاطات الخاضعة للدراسة ظهرت فروقات جوهرية ملموسة ما بين الوظائف التي يشغلها الرجال و تلك التي تشغلها النساء،  ففي مجالات خدمات التعليم، وتجارة التجزئة، والتمويل والتأمين والعقارات، والمستشفيات والخدمات الطبية  كان تمثيل المرأة في الوظائف الإدارية العليا أقل من الرجل. في مجال الوظائف الإدارية الطبية المتخصصة المهنية كان العكس حيث تشغل المرأة ما يقارب  90%  من الفرص أو الوظائف المتاحة في المجال قيد الدراسة.

·إن الموظفات الإناث العاملات بدوام كامل – FULL TIME WORK كن بشكل عام أقل أجراً و دخلاً من الذكور من أقرانهن و قد يصل الفرق في الأجور إلى الثلث عما يستلمه الرجال في المستوى ذاته من الوظائف.

بشكل عام، نعود فنؤكد، إنّ موضوع عمل المرأة وشغلها للوظائف والحقوق والامتيازات الوظيفية والعامة التي تتمتع بها، يخضع لمعايير ومتغيرات وضوابط وأمور كثيرة منها دينية ومنها تشريعية ومنها اجتماعية لكن عموماً  يمكن القول أن وضع المرأة الآن و في كثير من دول العالم أفضل بكثير من حيث الحرية والحقوق والامتيازات وبالذات ما يتعلق بالعمل والدراسة والتدريب، لكن مع تغير الظروف الاقتصادية والاجتماعية في العالم بشكل عام نرى أن المنافسة تشتد بين الرجل والمرأة وانّ الفرص المتاحة ربما تتغير أو تقل. والبقاء دائما للأفضل.

مع أخذ كل ما سبق بنظر الاعتبار أرى ضرورة التأكيد، مرة أخرى، إنّ للمرأة دوراً اجتماعياً وأخلاقياً هو أهم وأسمى بكثير من الأدوار الأخرى في العمل والوظائف العامة،  وإنّ حصول المرأة على فرص التعليم والعمل إنما يعزز دورها في المجتمع كأم وزوجة وأخت وإبنة على أن تجيد الموازنة بين هذه الأدوار وتعرف كيف ترتب أولوياتها بالشكل الذي لا تخسر فيه احترام الناس لها واحترامها لنفسها. وأن تضع الأهم قبل المهم، وأن يكون كل ذلك ضمن الإطار العام الذي يمليه علينا ديننا الحنيف وتقاليد مجتمعنا الشرقي المحافظ.

إننا نحتاج إلى مزيد من الخبرة والدراسة والتبصر والتخطيط والتنظيم وجهود أخرى من الخبراء والمختصين للتعامل مع قضية عمل المرأة لكي نحاول تجنب الأخطاء الفادحة التي وقعت فيها معظم المجتمعات الغربية التي أدّى  عمل المرأة بها الى استغلالها على حساب العائلة و المجتمع والتقاليد مما قاد إلى ما يستشري في تلك المجتمعات من آفات و تحلل و فساد،  وربما يمكننا أن نكوّن لنفسنا ولمجتمعاتنا معادلتنا الخاصة المناسبة لنا والتي تضيف إلى قيمنا بدلاً عن أن تسئ إليها.

---------------------------------------------------------------------------------------------- *Material should not be published in another periodical before at least one year has elapsed since publication in Whispering Dialogue. *أن لا يكون النص قد تم نشره في أي صحيفة أو موقع أليكتروني على الأقل (لمدة سنة) من تاريخ النشر. *All content © 2021 Whispering Dialogue or respective authors and publishers, and may not be used elsewhere without written permission. جميع الحقوق محفوظة للناشر الرسمي لدورية (هَمْس الحِوار) Whispering Dialogue ولا يجوز إعادة النشر في أيّة دورية أخرى دون أخذ الإذن من الناشر مع الشكر الجزيل

Leave a Reply