
عبد الزهرة زكي
كنتُ قد آنستُ ناراً
كانت بي حاجةٌ إلى أن أتدفأ فأشعلتُ ناراً
،حطبٌ قليلٌ يكفي
،ويكفي معه قليلٌ من الوقود
وكان عودُ ثقابٍ واحدٌ كافياً لإشعالِ النار
.في ذلك الجو العاصف
،أحبُّ اللهبَ
،وأحبُّ دفئَه
.وتؤنسني النار
النارُ ودفئُها، وحدهما، كانا كلَّ ما يعنيني
.في ذلك الليل البارد وشديد العصف
،حتى أنّي تركتُ الموقدَ
وركنتُ لألوذَ بدفءِ النومِ وعمقِ الظلام
،حينما بات الحطبُ قريباً من الرماد
.وحينما ذوى فيه لونُ النار
حصلَ هذا
،قبل أن يأتي غريبٌ
،ويأخذُ إليه قبساً من النار
.فأضاءَ، بمكانٍ آخرَ، شعلةً، ربّما كان يحتاج إليها
وجاء ثانٍ، وأخذَ من النارِ أيضاً قبساً آخر
.فأحرقَ به غابةً بعيدةً
،لأظلّ مؤرَّقاً؛ لا أقوى على النوم
،تحت غشاوة ضوءِ مشعلِ الأول
.ودخانِ حريقِ الثاني
حيثُ لم يسقط المطر
.ليس كافياً للغيمة أن تكون سوداءَ لتمطر
،منذ أربعةِ أيامٍ وثلاثِ ليالٍ كانت الغيومُ كثيفة
،وكان الهواءُ ساكناً
،وما كان للأشجارِ، عاريةً، إلا أن تتطلعَ إلى مطرٍ
.والمطرُ لم يسقط
.كانت الريحُ قد مضت، ومعها مضى ورقٌ ميّتٌ
وكانت الطيرُ قد نأت عن أعشاشٍ
.لم يتبقَ منها سوى يباسِها
.الشمسُ منذ ليالٍ ثلاثٍ وأربعةِ أيامٍ لم تشرق
.وكانت الأشجارُ تتطلعُ إلى الترابِ تحتها
.وكان الترابُ تحتها يتطلعُ إلى الأشجار
،بينما هناك، في أعالي الرماد
،الغيمُ راكدٌ حيثُ هو
.وحيثُ لم يسقط المطر
حنوُّ الشجرة
ما أكثرَ الحجرَ الذي رُميت به
.هذه الشجرة
لقد مضى الرماةُ جميعهم
..وتواروا في الظلام
،وبقيت منهم أحجارُهم
،حيثُ هي هناك
محضَ أحجارٍ مهملةٍ
.أسفلَ ساقِ الشجرة
،لكن
،وفي كلِّ خريفٍ
ظلّت الشجرةُ
تخلعُ عنها ورقَها
لتحنوَ به على تلك الأحجارِ
دثاراً لها
.من موسمِ بردٍ آت
نجاة
الطائرُ الذي كان على الشجرة
.حلَّق بعيداً
فيما عيناه ظلّتا ترنوان بأسىً
،إلى الشجرة
وإلى موضعٍ ظلّ فيها
.لرصاصاتٍ خائبةٍ لم تصب هدفها