لم يكن ذنب الشجرة ~ Not the Tree’s Fault

Mais Abbas©

Painting by Tomaz Alen

This story addresses the theme of dreams sometimes not coming true.  Sometimes, we strive for a considerable period of our life to achieve a dream and, suddenly, something happens and the so-called achievement turns out to be trivial. We become ready to sacrifice it for the sake of a dear and close person, especially if that person is as dear as a mother. 

The story is about a young boy who sacrifices his big dream for a bigger dream; for the recovery of his mother from her illness. But we see that God, the Almighty, wills it otherwise. On many occasions, we want something so badly, but God wants something else and He does what He decides.  Thus, the boy does not get what he wants and the mother dies. On another day, he goes to the tree which, for that boy, represents a symbol of achieving childhood dreams. He starts blaming the tree for not helping him in achieving the dream of his mother’s recovery. Then thunder roars, and lightning illuminates a glass bottle hanging on that tree. It carries a message from his mother. The message is intended to ease his grief. Eventually, he realises that death is inevitable and that the dream is the symbol of survival. Therefore, he decides to strive for achieving his dreams and, after all, it was not the tree’s fault. 

ميس عباس

مرحباً أُدعى لينا. نادوني لي. سأحكي لكم حكاية جميلة غريبة. 

في أحد أيام الربيع الجميلة كنتُ أتجول كعادتي في الحديقة العامة، سارحة الذهن مندمجة مع نفسي كلياً. فجأة رأيتُ ما قطع اندماجي مع ذاتي. رأيتُ صبيّاً صغيراً جالساً قرب شجرة كبيرة كانت قد شهدتْ على حكايا  الكثيرمن الأجيال السابقة. كان جلوسه يبدو اعتيادياً ولكن ما شدّني له  هو طريقة تحاوره مع تلك الشجرة بنبرة معاتبة ودموع جارية. اقتربتُ لأستمع لحديثه وأعرف سبب العتاب هذا.

وقفتُ على مسافة خطواتٍ قليلة منه وإذا بسيل كلماتهِ يكتسحُ مسامعي وينغرس في قلبي لتغرورق عيناي بالدموع حين سمعته يقول لها: “خابَ أملي كثيراً يا صديقتي. لم أظنّ أبداً أنه سيأتي يوم تعتذرين فيه عن تحقيق أمنيتي. أدري أنّها لم تكن أمنية عادية كسابقاتها فقد كانت ثمينة جداً لكن بسيطةً. جلّ ما طلبته هو أن تتعافى أمي من المرض وتعود لنا بصحة وعافية. كنت أتمنّى كثيراً أن تتحسن، حتّى أنني تخلّيت عن حلم طفولتي لأجل أن تتحقق هذه الأمنية وتتعافى أمي ولكن! ثمّ غصّ ثم غصّ بالكلمات في حنجرته: “لم تتحقق أمنيتي، فقد ماتت أمي ورحلت بعيداً وأخذتْ معها حُلمي وكلّ حياتي”. 

ثم بدأ يبكي ويبكي… حاولتُ أن أقتربَ منه وأخفف عنه حزنه، لكن فجأة ملأ ضوء أبيض أرجاء المكان فاذا هو برق خاطف تبعه رعد مدوٍّ لينهمر المطر بعدها بغزارة وكأنّ السماء راحت تنحب لحال هذا الفتى الذي فقد دفء الأمّ. رفع الفتى رأسه الى السماء كأنه فهم رسالة المواساة التي نزل بها المطر اليه فوقع بصره على قارورة زجاجية معلقة على غصن قريب. ساقه الفضول إليها وسرعان ما تناولها بيده وفتحها ليجد فيها ورقة صغيرة. راح يقرأها محتميا من المطر بأغصان الشجرة الكثيفة.   تغيّرتْ ملامحه كثيراً. تحولتْ ملامح حزنه إلى شبح ابتسامة خفيفة ارتسم على طرف شفتيه وتبدّل عنوان دموعه إلى دموع فرح سالتْ من عيون ضاحكة ثم قبّل الرسالة واحتضن الشجرة. حينها لم استطع أن أتمالك نفسي ففضولي سيقتلني إن لم أعرف سرّ هذه الرسالة.  

اقتربتُ من الطفل وسألته عن محتوى الرسالة الذي غيّر مزاجه بهذه السرعة. ابتسم لي بعد أن علم بأني كنت أراقبه، ومد يده الصغيرة لي يناولني الرسالة.  

أخذتها وأنا أرتجف وقلبي ينبض بسرعة كبيرة. ما أن قرأتها حتى تحولتْ ملامحي كملامحهِ تماماً وكأنها عدوى قد انتقلتْ لي. كان مدوّناً فيها: “مرحباً يا صغيري. أنا متأكدة بأنك ستقرأ رسالتي هذه بعد وفاتي. سامحني لأني تركتكَ ورحلتْ ولكن ما باليد حيلة فما يكتبه الله لنا يجب أن نرضى به. أوصيك أن لا تحزن لفراقي. أعلم بأنك طلبت عافيتي مقابل تحقيق حلمك ولكني رفضت ذلك يا ولدي. لا تتخلّ عن حلمك لأنّي حينذاك سأموت حقا وستمحى ذكراي لأنّ حلمك يمثّلني أنا. فاجتهد وحققه وكأنني معك. واعْلم أنّه لم يكن ذنب الشجرة إن لم تحقق أمنيتك بل قراري أنا. أنا من غيرتُ الأمنية لأجلك ولأجل سعادتك. أحبك … والدتك: 

حبستُ دمعتي في عيني وابتسمتُ. أخبرته بأني سأكون معه وسأسانده ليحقّق حلمه. أذهلني ردّه :” تقصدين حلم أمي، فأنا من اليوم سأعدّه حلم أمي وسأعمل على تحقيقه لأني لن اخيب ظنّها أبداً.” 

الإسم : ميس عباس النعيمي  

العمر: 22 ربيعاً 

جامعة بغداد/ كلية التربية للبنات/ قسم اللغة الانكليزية / المرحلة الثالثة 

---------------------------------------------------------------------------------------------- *Material should not be published in another periodical before at least one year has elapsed since publication in Whispering Dialogue. *أن لا يكون النص قد تم نشره في أي صحيفة أو موقع أليكتروني على الأقل (لمدة سنة) من تاريخ النشر. *All content © 2021 Whispering Dialogue or respective authors and publishers, and may not be used elsewhere without written permission. جميع الحقوق محفوظة للناشر الرسمي لدورية (هَمْس الحِوار) Whispering Dialogue ولا يجوز إعادة النشر في أيّة دورية أخرى دون أخذ الإذن من الناشر مع الشكر الجزيل

Leave a Reply