بكائيات امرأة من الموصل

أ.د. بتول البستاني

منذُ يوم أمس
 النوافذُ مفتوحة
والأرضُ تهتزُّ بشدَّة
……….
هل كُسِرت قيثارتي ؟؟
 
***
يُحلِقُ الغمُّ بي عاليا
كأنَّه يرغب بالانفرادِ بي ؟؟
***
في مدينتي الآن
أتيهُ في ظلماتِ الأرضِ
وأبحثُ عن  خلاص                    
***
في صباحٍ مُكفهرّ
كانت السماءُ تُمطِرُ حُزنًا دمويًا  
تناثرَ عقُد عبيرِها 
وعجِزت عن لمِّ لآلئهِ ..!؟؟
***
يمرّ الفرحُ كلّ يوم كالخيال
فما أكادُ أرصدُ ملامحَهُ أو أقترِبُ منهُ
حتى تتقطّعَ خيوطُهُ وتضيعة
***
ليت روحي تبكي بصوتٍ عالٍ 
لعلي أرتاح
***
روحي مسجونة
قلبي في ثقبِ إبرةٍ مسدود
سريري ودَّع النوم     
انطلقي روحي 
لا تبقي رهينةَ المحابس
ما الذي يغريكِ بالبقاء ؟؟
***
تعبنا من انتظارِ المجهول
تعبَ المجهولُ من الانتظار
غادر حرفا الجيم والهاء المكان 
وزَحزحت التاءُ اللامَ فسقطت صرعى 
واحتلت مكانَها
***
أيّتها الدموع
من أقلق مضجعكِ ؟؟
لا تترقرقي هكذا في عيوني..؟؟
***
زهورٌ حمراء وصفراء وبيضاء 
وضعتُها في كأسٍ فيهِ ماء محلَى بالسّكر
بعد يومينِ
انكمشت الزهورُ وذبُلت
هكذا روحي الآن..؟؟
***
تنتابني رغباتٌ في البكاء
أتوقفُ عنها لأنَّ الصداع يزعجني بعد كلِّ نوبة بكاء ؛
لذا أطلقتُ العنانَ لقلبي
فظَلَّ يبكي حتى كاد يسكت عن الخفقان ؟؟
***
أيُّها العذابُ
لماذا تركتَ الأرضَ طولاً وعرضاً
وأقمتَ أُسُسَكَ في روحي
***
أدورُ في وحشةٍ سرمدية
هل أتوقف 
 أم أظلُّ أدورُ حول مكانٍ محتوم ؟؟
***
حينما افترشتْ ضفافَ دجلة
هرباً من الاشتباكات
عرفتْ قيمةَ الصاروخِ الذي يُرعبُها انطلاقه ..؟
***
ما أفظعَ الإنسانَ وما أقبحه ..!!؟؟
ما أروعهُ ، وما أطيبه..!!؟
***
حينما اشتدّ القصفُ على حيّها 
استودعتْ قلبَها وذكرياتِها
وتاهتْ في الزُّحام 
***
الساعةُ الخامسةُ صباحًا
أتطلّعُ إلى الأُفقِ البعيد 
فلا أرى غير السُّخام 
السُّخام
أين ذهبت الشمس
السُّخام ..؟؟
***
ضجيجُ مولداتِ الحيِّ
يُشعلُ فيّ الألمِ الرابضِ في أعماقِ الإنسانية 
مُذ غادرَ آدمُ الجنّةَ وإلى الآن
***
حينما اشتدَّ السعيرُ عليها
تمنتْ لو تنامُ نومَ أهلِ الكهفِ 
لكنّها سرعان ما تراجعتْ ؛
خوفَ أن تصحو على واقعٍ أفظع ممَّا هي فيه 
***
تتلونُ عذاباتها كقوسٍ قُزح 
يتلذّذُ الآخرونَ بالتطلّعِ إليهِ 
أمّا هي 
فتتسلّلُ تحت الثرى 
نهرًا يذوي 
لا قرارَ لهُ 
***
هل من كوكبٍ آخر
أقضي فيه البقيّةَ الباقية من عمري..؟؟
***
يوجعُني عيدُ رأسِ السنةِ حدّ الدعاء 
ربّنا أفرغْ عليَّ سعدًا      
وألحقني بمن ينادونني 
***
يجلسُ الحزنُ القرفصاءَ 
ويترصّدُني 
فأهربُ .. أهربُ 
ثمّ أتوحّدُ بهِ 
***
مقفلٌ بابُ قلبي بالحزنِ
كبابِ غرفةِ (التّركِ) في بيتنا
***
مخدتي
كيف تبللتِ هكذا
ولم أكد أدخل عالمَ النومِ بعد،
هل كنتُ أبكي ؟؟
***
منذُ ليالٍ
خبأتُ أقمارَ ذاكرتي
ونجومَ حياتي
وشموسَ حرّيّتي
تحت السلالم في السرداب ،
………….
هل نلتقي أو يجمعُنا الزوال ؟؟
***
أُمنياتٌ تنامُ في سريري
أستيقظُ في الصّباحِ الباكر
تظلُّ خانسة
تنتظرُ شروقَ شمسِها ..؟؟
***
صباحٌ معبَّقٌ برائحة الشاي المهيّل 
يشوبهُ صمتٌ مهدّد
ينبيءُ عن أكثر من صاروخٍ غبيّ ..سيجيء
***
ليلُنا الآن 
لا قمر فيه ولا نجوم
تتسابقُ فيه الإطلاقاتُ النّارية 
وقذائفُ المدافعِ والهاونات
لقتلِ مزاميرِ وجودِنا وناياتِه ..؟
 
أخرج من بيتي 
أسلاكُ مولداتِ الحيِّ سماءٌ تظلّلني 
يلتفّ أحدُها حولَ عُنقي
وأغيبُ في الّلاشيء
***
لماذا كلّما استيقظتُ أشعرُ بتعب
ويتكوّرُ عليّ العذابُ حدَّ الاختناق ؟؟
أهو العمرُ..؟
أم هي الروحُ تعبتْ من انتظارِ الفرحِ المستباح


***
حينما تركتها الحربُ وحيدة
أدركها الّليلُ
فاحتضنتْ دموعَها ونامتْ ..؟
***
مرحبًا أيها الموت
في بغداد ، ديالى ، الرمادي ، الضُّلوعيّة
آمرلي ، الموصل ، جرف الصخر
هل تسمحُ بهدنةٍ قصيرة ..؟؟؟
***
في هذا اليومِ الربيعيّ ،
سيّانَ عندي :
سماع زقزقةِ العصافيرِ،
أو سماع صوتِ التفجيراتِ في مدينتي ..!!
***
أريجُ القداحِ في شارعنا اليوم
أنساني للحظاتٍ
رائحةُ الدّمِ في مدينتي                                                                  
***
كانت تنامُ على طيبِ أنفاسهِ
لكنّها ، كثيرًا ما كانت توقظهُ
إذ تضطربُ أنفاسُهُ
وتتقطّع 
تقولُ لهُ
استيقظْ 
إنهُ كابوس ..!!؟؟
بعد ليالِ
جفاها النومُ طويلًا …؟؟
 ***
أيّتها الكواكبُ المضيئة 
أطلّي على أغوارِ الروح 
فإنّها معتمة ..؟؟
 ***
أيتها العتمةُ الساكنةُ في روحي 
متى تنزاحين؟
 ***
يالهُ من نهارٍ خريفيّ بائس،
لم أستطع لملمةَ أحلامي المتناثرة فيه !!؟؟؟
 ***
لا أشمُّ إلا رائحةَ الدّم
 حاسةَ الشمّ هل فقدتها ؟؟
 ***
روحي أرضٌ جُرُزٌ
من يرويها ؟؟؟
 ***
وطني 
من عقدَ قرانكَ على الموت 
وخيّط بدلةَ زفافكَ السوداء؟؟
 ***
على زُمرّدِ الحزنِ 
وياقوتِ السأمِ 
ولآليء القارعات 
وإستبرقِ الزمنِ المفخّخ 
ومرجانِ الدّم 
ومآسي الغضب 
أُمارسُ طقوسي اليومية 
وأختنقُ بالذهبِ الأسود ..!!؟
 ***
لماذا
ينسكبُ على الكون 
صمتٌ 
في لحظة انطفاء الحياة ؟؟
 ***
صباحٌ موحش 
يشعرُ بفراغٍ سرمديّ
وهو يلملمُ 
خيباتٍ سابقة ؛
ليعيشَ بها من جديد ..؟؟
 ***
في هذا اللّيلِ البهيم 
تختلطُ أصواتُ التفجيرات 
مع أصواتِ مولداتِ الحيّ 
فيتفلّتُ الزمنُ من بين يديّ
ويتفجرُ ليلي عبوةً ناسفة
أشعرُ بالسأمِ حدّ القرف ؟؟
 ***
في ليلةِ عيدِ رأسِ الأحزان 
تنطلقُ الألعابُ النّاريّة 
في سماواتِ العالم 
 من الأسفلِ إلى الأعلى 
وفي سمائِنا تنطلقُ ألعابٌ نارية
من  الأعلى إلى أسفل
لتخترقَ روحي 
وتترُكها رُكاماً ..!!؟  
  ***
آآآآه
أيّتها الدّنيا 
كيفَ خرجتُ منكِ صفرَ اليدين ؟؟
  ***
الأُمُّ تموتُ شهيدة
والبيتُ ساحةُ معركة !!؟؟  
***
الآن
أغرقُ في قاعِ الحزن ؟؟
  ***
القصفُ يشتدُّ على جامعتي 
تتهاوى الكلياتُ واحدةً بعد الأخرى
كأنّها جثثٌ ملقاةٌ بلا مبالاة
تنتظرُ من يحملُها إلى مثواها الأخير..!!؟؟
 ***
الآن 
من يوقفُ نزفَ الأحلام ؟ 
***              
تصبحين على خيرٍ صديقتي 
أمّا نحن
فننامُ على رعبٍ 
ونفزُّ على قصفٍ
ونصحو على ظلمٍ 
ومنازل محترقة ،
وعوائل مفقودة ،
وأراضٍ لفظت ما فيها حدّ التّشظي،
ففي كلِ مكانٍ منها أثر ..؟؟
***
كلّما خرجتُ من بيتي ،
ازدادت الرّكامات المتزاحمةُ في قلبي ..؟؟
***
الآن ،
أُقدمُ رجلاً .. وأُأخرُ أُخرُى ..؟
***                                  
سأقصُّ إصبعي ،
وأتمرّغُ بترابكَ ،
لأنني لم أحبّكَ كما ينبغي ..
***
الأرضُ اليبابُ تناديني ..
تتشبّثُ بي ..
تجرُّ أثوابي ..
أُحاولُ التخلَّصَ باختناق …
كابوسٌ ثقيلٌ يجثمُ على صدري …!!
أبتعــــــــــــــــــــــــــــــــدُ……
أبتعـــــــــــــــــــــــــــــــدُ……
أتعـــــــــــــــــــــــــــــذَّبُ……
أتعــــــــــــــــــــــــــــذَّبُ ……
ثمَّ أُعلنُ البقــــــــــــــــــــاء……
***
يا عجبـا ،
تنتظرُ الموتَ بالقصــــــــفِ ،
ثمَّ تموتُ  ،
بلسعةِ عقرب ..!
***
بيتٌ مُكَركَبٌ ،
ونهارٌ قائظٌ أعرج ،
وأيامٌ كيومِ سَحْبَل([1])..!!؟؟
وتجاريبُ منهكة ،
وخيباتٌ لا مبالية ،
وروحٌ مُبعثرةٌ تتشظّى ،
كأشلاءِ وطني ..؟؟
………………………
 
***
أتطهَّرُ بمياهِ ( أبو غريب)(1) ،
وأموتُ بنقاء …
***
في العذابِ المطلقِ ،
أتجلَّى شمساً تحرِقهم …
***
مطفأٌ ضوءُ قلبي ،
مطفأٌ ضوء بيتي ،
مطفأٌ ضياءُ شوارعِ  مدينتي ..
أيّها الموت :
طرقي وعرةٌ اليكَ ،
طرقكَ معبدةٌ كُلّها ،
ومفعمةٌ بالضياء ..
فلماذا تأخرت عليّ ..
لماذا ؟؟
 ***
سحبُ حيرتي مثقلة..
أتمطرُ غيثاً ..؟؟
أم عذاباً ؟؟ 
 ***
دوارٌ في الخارج ،
دوارٌ في الداخل ،
أين أجدُ السكينة ؟؟
 ***
كانَ …
كانَ …
كانَ …
ما الذي سيكون ؟؟؟
 
 ***
نارُ الجوى تحرقني
فأسقطُ صرعى 
على أرضٍ لا ينبتُ فيها يقطين ..
***




([1])يوم سحبل : يوم شديد من أيام العرب اختلطت فيه دماء الناس بدماء الحيوانات .
.
(1)قيلَ في 5/ 5/ 2014: ان مسلحين مجهولين تلاعبوا بإغلاقِ وفتح سدَّة الحبَّانيَّة ، أو ان مجرى نهر الفرات حُول عن مجراهُ الأساسي  فحصلت فيضانات ارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة تجاوزت المتر ونصف المتر ووصلت إلى الدور السكنيَّة وقتلت أطفالاً في منطقة أبي غريب ، وانتشرت الأوبئة من جراء تواجد القوارض والأفاعي السّامة التي أدّت إلى تسمّم الكثير من الأشخاص ، وغادر الأهالي بيوتهم..؟؟

---------------------------------------------------------------------------------------------- *Material should not be published in another periodical before at least one year has elapsed since publication in Whispering Dialogue. *أن لا يكون النص قد تم نشره في أي صحيفة أو موقع أليكتروني على الأقل (لمدة سنة) من تاريخ النشر. *All content © 2021 Whispering Dialogue or respective authors and publishers, and may not be used elsewhere without written permission. جميع الحقوق محفوظة للناشر الرسمي لدورية (هَمْس الحِوار) Whispering Dialogue ولا يجوز إعادة النشر في أيّة دورية أخرى دون أخذ الإذن من الناشر مع الشكر الجزيل

Leave a Reply