
ترسم الأب وتكتب عنه


بالأمس وسماء الآغا واليوم ماهود أحمد، أمّي وأبي والرّحيل الأبديّ
عندما رسمت هذا العمل وأنت في المستشفى لم أعلم أنّه سوف يكون رثاء لرحيلك، فها قد صارت الأيّام كبعضها صامتة لا حياة فيها وأصبحت الجدران تضيق عليّ والهواء من حولي يخنقني
أريد أن أراك، ولا أراك. أبحث عنك بين الوجوه على أمل أن أجدك صدفة … أمل أضاعه القدر
لقد كبرتُ يا أبي من العمر عشر سنوات و ظهري قد انكسر ولا مفرّ إلى الخلاص فملامحك في زوايا البيت ما تزال تتبعني وظلّك يرافقني
أناديك في البيت: “بابا وينك؟” ولا أسمع سوى صدى صوتي، فغرفتك أصبحت باردة ولم يبق منك ومن أمّي سوى صندوقين وحيدين يحويان زجاجتي عطركما وبعض الأشياء
يا ويلتي من هذا الفراق والوحدة والسّكون
رسمتَ نساءك يبكينك، ينادينك على أمل أن تعيد لهنّ الرّوح بفرشاتك وألوانك. كنت دائماًتتساءل عن الموت وعن شعور الموت. ها أنا الآن أسألك يا أبي: كيف هو الموت؟ هل رأيت أمّي؟ هل تحدّثت معها؟ هل تراني، هل تسمعني حين أناديك وأصلّي لك؟
ليت الموت يستأذننا يا أبي ليخفّف عنّا حرقة الفراق. لكن ليس بيدي حيلة سوى الاستيقاظ من هذا الكابوس والإيمان بأن حكاية الأب الحنون والصّديق والأستاذ والباحث والفنّان قد انتهت
لكنّك ستبقى حاضراً خالداً بأعمالك وإبداعاتك ومحبّتك للنّاس
وها هي لوحاتك تناديك وتتحدّث عنك









