
من تمجيد المشترك الإنسانيّ إلى موت الواقع
أهمية السينما في الألفية الجديدة لا تنبع من سطوتها فقط بل من كونها أداة لفهم العالم وتفسيره ووسيلة لتأسيس الحضور وإدراك الذات الفردية والجماعية وتخييل تاريخها وراهنها ومستقبلها. إنّها وسيلة لتحقيق الأنطلوجيا1مارتن هيدغر، الوجود والزمان، دار الكتاب الجديد المتحدة، بيروت لبنان، الطبعة الأولى 2012 (الحضور بمعناه الفلسفي)، سواء عبر خلق عوالم تخييلية أو عبر تمثيل الحياة ومحاكاة الواقع المعيش عبر ما يسمى بالمدرسة الواقعية على نحو ما نجد في المدرسة السينمائية الإيطالية، وهي في الآن نفسه تكوين حيوي للحياة في عنفوانها2Gilles Deleuze, Cinéma 1 – L’image-mouvement (Critique) Editions de Minuit 1983، لكن هل تستطيع السينما تحقيق هذا الإدراك وتعلي من القيم الإنسانية دون مخاطر تبديد الأثر الإنساني؟ ألا تساهم التحولات السياسية والفكرية والصحية في تحول هذا الإدراك وهل ساهمت التكنولوجيا الدقيقة في اغتيال الأثر والمشترك الإنساني؟ وهل ما قدمته السينما وهي تعلي من هذا المشترك إبداع أم محاكاة؟
أولاً: السّينما وتمجيد الحياة
ارتبط تمجيد المشترك الإنساني بما سُمّيَ بسينما المؤلف وارتباط الصناعة السينمائية بالكتابة: الرواية والسيناريو، لكن ليست الكتابة هي السينما. في المنجز السينمائي العالمي ثمة تجارب سينمائية كثيرة لا تستند إلى الكتابة الفيلمية بشكل مطلق وتعتمد على الارتجال وعلى الدهشة وتوالي الأحداث. ولا أقصد بهذا القول السينما العفوية، “فالبسيط هو الأكثر تعقيداً” بتعبير الفيلسوف المهووس بالسينما إدغار موران، وما يصطلح عليه بسينما المؤلف يمثل فقط شكلاً إلى جانب الأشكال الأخرى. واستطاع الكثير من التجارب السينمائية أن يقدم نماذج تعلي من صوت السينما كثقافة وكصورة. إنَّ الأمر يرتبط بالتمثل السينمائي للسيناريو وللواقع غير أنَّ التمثل السينمائي السطحي للواقع عبر تجزئته وتقطيعه هو ما جعل عدداً من الأفلام لا يعكس السعي نحو الحرية الإبداعية.
لقد سعت تجارب سينمائية مغربية إلى تقديم المدينة المغربية بتناقضاتها كلّها، والدار البيضاء على سبيل الذكر ليست “كازابلانكا” لمايكل كورتيز وليست “كازانيكرا” و”زيرو” ولا عين الذئاب ولا الأماكن السفلية. إنّها تاريخ نضالي وهي منجم اللغات الغني ومشتل الإبداع ومدينة الكدح والإنتاج ومدينة التطلعات والأحلام كما أنّها موطن الانتكاسات الفردية والجماعية، فهي هذا المزيج المتنوع الغني الذي يصنع ثقافتها ويعطيها نكهتها. هي كاريان سنطرال وناس الغيوان وجيل جيلالة وحلّاق درب الفقراء وانتفاضتا 1965 و1981. السينما المغربية اليوم تمر بمنعطفات حاسمة والوصول إلى صناعة سينمائية هو حلم العاملين في هذا القطاع.
والمشترك الذي نروم الحديث عنه لا ينحصر في القيم الإيجابية: الخير، التكافل، التضحية، بل قد نجده في القيم الموصوفة بالشيطانية: الخيانة، الخداع، القتل، ويمكن أن نجد هذا المشترك في مساحة الأرض المحددة في الفيلم وفي الفترة الزمنية المتخيلة وفي الموسيقى التصويرية.
السينما ليست بالسهولة التي قد تتبادر إلى الذهن لأنّها تقدم خطابات ينبغي التدليل عليها بمراعاة مقتضيات الفيلم، والتفكير في السينما كبنيات تفاعلية تكشف تاريخ الذات الفردية والجماعية ليس بالمنظور الظاهراتي3الظاهراتية، لدى إدمون هوسرل. هي فلسفة تهتم بدراسة الواقع كما يتجلى في وعي الإنسان، لأنها ظواهر وطريقة منهجية للوصول إلى المعنى. ينظر كتاب: Edmund Husserl ,La crise des sciences européennes et la phénoménologie transcendantale ;Trad. de l’allemand et préfacé par Gérard Granel ;Gallimard ,1989 ولكن بالحمولة السيكولوجية والأنطلوجية لأنّها تستند إلى وسيط بصري مرتبط بقواعد الصناعة السينمائية ومعاييرها. وهي لا تقدم المشترك الإنساني كمتعالٍ بل كفعل محايث للحياة.4أشير هنا إلى فيلم” عرق البلح” لرضوان الكاشف، وعرائس من قصب لجلالي فرحاتي.
وبموجب ذلك فإن المشترك الإنساني لا يستقر في فضاء محدود أو مغلق لأن جوهر السينما هو الحركة والفعل بما يسمح بتأويل هذا المشترك تساوقاً مع العلاقات المتشعبة لممكنات العمل السينمائي. السينما هي الحاملة لتاريخ الشعوب والأفراد عبر علاقات نسقية تتجاوز المعهود لصالح منطق السينما بوصفها التعبير الأمثل عن الاختلاف والتعدد كصيغة ممكنة للحياة بما يسمح بإعادة فهم الإنسان وفهم وجوده وتاريخه وتأسيس أخلاقيات التواصل تبعاً للقيم التي تقدمها الأنساق الفيلمية بما يسمح بصياغة نموذج/باراديغم الحياة والتغلب على فوبيا السير في الطريق المظلم، وتحقيق ما يسميه مارتن هيدغر “القفز في الظل”.
ثانياً: السّينما استعارة بصريّة:
السينما تتضمن ممتلكات الوجود وداخل تحققاتها الجمالية5في القيم والتاريخ والعلوم والموسيقى والدين والألوان والموضة والفرح والموت. تنتج الهوية كاختلاف لا كتماثل، ويمكن أن ندرك هذا التنوع مثلاً في أفلام هيتشكوك وتريفو إذ لا يمكن إدراك الصورة إلا بالتفاعل معها من أجل المصالحة مع ذواتنا6التطهير بالمعنى الذي تحدث عنه أرسطو. أو من أجل إلغاء المسافة بين الراهن والمحتمل. السينما تحقق ما يسميه المخرج ودي آلان بالحوار الإنساني على نحو ما نجد في “أحدب نوتردام” حين اختار كازيمودو العيش في كتدرائية العذراء الباريسية، وهذا الشبيه بالإنسان على الرغم من قوة مشاعره فإنّ هويته تتأرجح بين الإنسان والشيطان، أو في تحفة أكيرا كوراساوا “الساموراي السبعة” حين يدافع الساموراي السبعة عن القرية لا بدافع المال بل بدافع شرف الكلمة. تمثلات الحياة والمشترك الإنساني يمكن رصدها في فينموغرافيا السينما المغربية، وأشير هنا على سبيل الذكر لفيلم “حلّاق درب الفقراء” للراحل محمد الركاب الذي اختار الحديث عن المقصي في الحياة اليومية على لسان شخوصه المهمشين وفيلم “أشلاء” لحكيم عباس الفيلم الذي يزاوج على نحو مدهش بين الوثائقي والروائي ليقدم شخصيات في حالة اليأس والضعف والمعاناة ويقدم المشترك الذي يتمظهر في القلق والشيخوخة والموت والاعتقال ويقدم في الآن ذاته الحياة باختلالاتها كلّها كعرض لا ينتهي.
وضمن هذا المشترك يمكن الحديث عن الموت كموضوع للإدراك والتفكير في ما يقابله أي الحياة، فالموتى يعودون في السينما ليس كمعيق للحياة7انتشار الوباء، الزومبي، مصاصو الدماء. بل كحافظ لها، والحالة هذه فالسينما هي استئناف للحياة فيما نعجز عن تخيّله. إنّها الإنتباه إلى الجزئي والعابر الذي يتحول إلى مهيمن، والسينما وحدها قادرة على جعل القاتل ملاكاً كما في فيلم “العطر” عن رواية لباتريك زوسكيند من إخراج توم توكفر وأداء مبهر لبن ويشاو ودوستان هوفمان إذ تتحول الرائحة النتنة المنبعثة من سوق السمك بحي مونمارتر بشارع أوفير -حيث ولد باتيست غرنوي- إلى دافع لصنع الرائحة الأسطورية أو الرائحة المكتملة التي تقود إلى التخلص من ثقل الجسد. نستعير تعبير ليفيناس ونقول إنَّ تجربة مشاهدة الفيلم تجربة صعبة ومرعبة في إشارة إلى الصفة الدرامية لعلاقة المشاهد والسينما، وتبعاً لهذه الرؤية وارتباطاً بهذا المشترك فالسينما ليست مصدراً للبهجة فقط بل قد تكون مصدراً للحزن والقلق وربما الجنون. السينما استعارة للحياة ولأنساقها المختلفة وبخاصة الأنساق ذات المضامين الإنسانية والفكرية والاجتماعية المحلية والكونية والتي يتداخل في تشكيلها الواقعي والرمزي والعجائبي.
السينما هنا صناعة وتوظيف جمالي يحمل هوية الإنسانية ووعيها ولا شعورها الجمعي وتراثها المادّيّ وغير المادّيّ بل إنها تصنع ميثولوجيا خاصة بها وتعبر عن سردياتها وفق متخيلها وممكناتها الميلودرامية أو الكوميدية: كوميديا الفرح والكوميديا السوداء على نحو ما نجد لدى الراحل روبن وليامز. السينما فرجة جماعية شبيهة بما عبّر عنه جي ديبور8جي ديبور، مجتمع الفرجة: الإنسان المعاصر في مجتمع الاستعراض، دار شرقيات، ترجمة أحمد حسان. في كتابه مجتمع الفرجة حيث الكل يشارك في المشهد الاستعراضي لتتحقق المصالحة مع الحياة الفعلية عبر أعمال جماعية يعاد تشكيلها في سياق مركّب بهدف خلق مشهدية ساحرة حيث الإنسان أصبح محاصراً بالصور ولم يعد ممكناً العيش خارج ما سمّاه جيل دولوز “عصر الصورة”. لكن ينبغي التأكيد في هذا السياق أنّ السينما لا تحصر بصيغة المفرد بل بصيغة الجمع الذي يشيّد عوالمه وفق حوارية/بوليفينية متحركة وفاعلة، ويقصد بالبوليفونية9يمكن الإشارة إلى وجود أشكال متعددة للبوليفونية ومنها البوليفونية الأدبية مع ميخائيل باختين وجوليا كريستيفا وتودوروف، والبوليفونية اللسانية التلفظية مع أوزوالد دوكرو وأنسكومبر ومانجونو وجماعة سكابولين…، والبوليفونية التأويلية مع بول ريكور التي تسعى جادة إلى ربط النص بالتأويلات الحوارية المتعددة المتعارضة أو المتوافقة. التعدد في اللغات والشخصيات والأساليب والأطروحات والمواقف الإيديولوجية والتعدد في الضمائر والرواة والسرّاد ووجهات النظر وتعدد الأمكنة والأزمنة.
ثالثاً: السّينما لعبة مرآويّة
لا تروم الصناعة السينمائية والفعل المشهدي البصري استنساخ الواقع بغية قصدية مألوفة أو متوقعة لدى المشاهد بقدر سعيها إلى إشراك المشاهد في عوالمها وجعله مسؤولاً عن أحداثها ومشاركاً فيها. وتستطيع السينما اليوم فعل ذلك -في تقديري- بالاستناد على الطاقة الترميزية وممارسة لعبة المرايا والتلاعب بمشاعر المشاهد، وهو ما يمكن رصده في العديد من أفلام الخوف والحركة. بل إنَّ الأمر يمتد إلى الأفلام الميلودرامية مثل فيلم “نوح” من إخراج دارين ارونوفسكي عن قصة النبي نوح الذي تنتابه أحلام في كل ليلة عن طوفان هائل سيُغرق كل ما على الأرض من بشر وحيوان وشجر، فيعمد إلى صنع الفلك لإنقاذ المؤمنين من غضب الطبيعة ومن الطوفان. ويعيد فيلم “نوح” طرح علاقة التاريخ بسينما هوليوود التي تخلق تمثّلات مغايرة للنص الديني.
نوح هو الحفيد التاسع أو العاشر لآدم وهو الأب الثاني للبشرية بعد إنقاذه البشرية من الطوفان العظيم بوساطة سفينته تبعاً للرؤية الهوليوودية التي تستند إلى التوراة كأقدم كتاب تاريخي يتكون من خمسة أسفار هي مجموع ما نزل على سيدنا موسى، فتقدم لنا نوحاً الذي يصنع سفينته بإخلاص وصبر ويأخذ معه من كل نوع من المخلوقات اثنين، وكان عمر نوح وقتها بحسب التوراة 600 سنة.
مرآوية الصناعة السينمائية يمكن رصدها في الفيلم الأردني “ذيب” للمخرج أبو نوار فقد عمل المخرج على ممارسة جينالوجيا10ينظر كتاب، ميشيل فوكو، جينيالوجيا المعرفة، ترجمة أحمد السطاتي، عبد السلام بنعبد العالي، دار توبقال للنشر والتوزيع، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1988. تاريخ البدو، والمقصود بذلك إنجاز حفريات” بصرية” لرصد أنساق تشكل تاريخ البدو وتحولاته الثقافية والاجتماعية من خلال سرد حكاية الفتى البدوي ذيب وشقيقه حسين اللذين يتركان قبيلتهما.
وفي خضم رحلة خطرة يموت حسين ويجد “ذيب” نفسه لوحده في مواجهات صعوبات كثيرة. الفيلم يكشف نمطية الحياة البدوية في الأردنّ إبّان الحرب العالمية الأولى عام 1916 وثورة العرب ضد السلطنة العثمانية، فضلاً عن معاناة المعيش اليومي وقساوة البيئة وندرة أسباب العيش. يستعيد فيلم “ذيب” هذا الزمن ويجعل المشاهد مشاركاً في هذه المعاناة بل مشاركاً في الثورة ضد الاستبداد.
اللعبة المرآوية ذاتها نجدها في الفيلم المصري “حظر التجول” للمخرج أمير رمسيس. العنوان يوحي منذ الوهلة الأولى بأنّ موضوعه سيرتبط بالأوضاع السياسية لمصر في مرحلة حرجة من تاريخها المعاصر، لكنّ موضوعات(thématique) الفيلم بعيدة عن هذا الإدراك الأوّليّ لأنّ الحظر الحقيقي الذي يروم الفيلم كشفه هو الحظر الاجتماعي والنفسي من خلال جريمة جعلت امرأة – جسّدتها بمهارة الفنانة إلهام شاهين في دور “فاتن”- الأم الضحية التي تسجن عشرين عاماً بسبب قتل زوجها المتحرش والعنيف، ولم تعمل الأم على كشف الحقيقة لابنتها. الفيلم مرآة لقضية الاغتصاب وزنا المحارم والمسكوت عنه في المجتمع العربي عامّةً والمجتمع المصري خاصّةً. لكنّ الفيلم لايروم خلق حكاية بحبكتها الدرامية فقط بل جعل المشاهد عبر السرد المرآوي يستنكر هذه الأفعال الشنيعة وبذلك ربما يكون الفيلم قد حقق رسالته الأهم.
رابعاً: السّينما وموت الواقع
لم نعد نذهب إلى صالات السينما في مشهد جمالي يشبه الاحتفال العائلي بل نشاهد السينما في عزلة مميتة عبر ما أسماه جان بودريار11جان بودريار عالم اجتماع فرنسي ( 1927- 2007 ) بالمتلقّي المنزلي. وهذا التحول جزء من التحولات التي لحقت بالصناعة السينمائية وأشكال التلقي بعد نهاية السرديات الكبرى ومقولات التنوير، وبموجب ذلك أصبح الإنسان يعيش في واقع مزيف لا يمت بصلة لمعهود الحياة السابقة ومشتركها الإنساني، ولم تعد الأسرة والعائلة الأهم في حياة الإنسان بل ممارسة التظليل والخداع. نشير هنا إلى فيلم ‘The Wolf of Wall Street’ بتوقيع الألمعي مارتن سكورسيزي وبطولة ليوناردو دي كابريو. تدور أحداث فيلم ذئب وول ستريت حول سيرة شخصية حقيقية هي جوردن بلفورت الذي استطاع بدهائه في ثمانينيات القرن الماضي تكوين ثروة طائلة تقدر بمائة مليون دولار وهو في العشرينات من عمره من خلال عمله في بورصة وول ستريت. الفيلم يرصد هذه الشخصية ومَكْرَها في إيقاع الضحايا حتى من الأصدقاء. إنّه فيلم تتداخل فيه عوامل مرتبطة بالجنس والعقار والمخدرات وصراع الأباطرة في بورصة وول ستريت. البطل ضحية الجشع والاستغلال وصراع المال والربح غير المشروع، إنّه إدانة للرأسمالية المتوحشة والانعدام الكلي للقيم. إنَّ ثنائية الزيف والحقيقة من صميم سينما موت الواقع وسطوة سينما لا أصل لصورها بل من واقع انكمش وتضاءل حجمه لأن الواقع التخييلي الجديد الذي تقدمه السينما يتسم بالجاذبية والإبهار في غياب كلي لرسالة إنسانية واضحة، بل إن الأمر وصل إلى تمجيد الشيء مقابل نفي الإنسان إلى العدم.
نستحضر في هذا السياق فيلم “Simone” للمخرج أندرو نيكول Andrew Niccol إذ نجد (آل باتشينو) -في دور مخرج سينمائي اسمه فيكتور تارانسكي- يحاول إنجاز صناعة فيلم جديد فتتخلى عنه البطلة الرئيسة للفيلم مجسّدة الجفاء ونسيان ما قدمه لها فيكتور تارانسكي حين اكتشفها وجعلها نجمة سينمائية. بعد رفض المنتجين دعم فيلمه يجد نفسه –بالصدفة- أمام مبرمج كومبيوتر يُدعى هانك ألينو (إلياس كوتييز) على شفير الموت لإصابته بورم سرطاني في العين، يعرض على فيكتور مشروع برنامجه الذي أسماه (Simulation One) مجاناً. البرنامج قادر على ابتكار شخصيات على الكومبيوتر لا فرق بينها وبين الشخصيات الحقيقية. يشرع فيكتور باستعمال البرنامج كحلٍّ وحيد مغيّراً اسم البرنامج إلى (Simone). في بادئ الأمر يفرح فيكتور بنجاح فيلمه والأفلام التالية إلا أنَّ إعجاب الناس الزائد عن الحد بشخصية سيمون يجعله يشعر بالحنق فيعمد إلى مسح البرنامج من الكومبيوتر وإلقاء الأقراص المدمجة جميعها في قاع البحر. تتهمه الشرطة بقتل النجمة السينمائية سيمون ويعجز عن إقناعهم أنَّ سيمون ما هي إلا لعبة فيديو، إلا أنّ ابنته تنجح في استعادة البرنامج المحذوف وتقوم بإظهار شخصية سيمون على قنوات التلفاز العالمية فتنقذ أباها من السجن. الفيلم يكشف انتصار الزيف على الحقيقة، فالناس مستعدون لتصديق الكذب وغير مستعدين لتقبّل الحقيقة. ومع ذلك فإنَّ السينما هي هذا الحب الرومانسي الذي يقدّمه صنّاع السينما برؤى مختلفة، لكنَّ نظرةً ما كفيلة بجعلنا نحب الفن ونحب السينما ليس كاستعارة للحياة بل لأنها الحياة في اكتمالها.
الهوامش:
1. مارتن هيدغر، الوجود والزمان، دار الكتاب الجديد المتحدة، بيروت لبنان، الطبعة الأولى 2012
2. Gilles Deleuze, Cinéma 1 – L’image-mouvement (Critique) Editions de Minuit 1983
3. الظاهراتية، لدى إدمون هوسرل. هي فلسفة تهتم بدراسة الواقع كما يتجلى في وعي الإنسان، لأنها ظواهر وطريقة منهجية للوصول إلى المعنى. ينظر كتاب:
Edmund Husserl ,La crise des sciences européennes et la phénoménologie transcendantale ;Trad. de l’allemand et préfacé par Gérard Granel ;Gallimard ,1989
4. أشير هنا إلى فيلم” عرق البلح” لرضوان الكاشف، وعرائس من قصب لجلالي فرحاتي.
5. في القيم والتاريخ والعلوم والموسيقى والدين والألوان والموضة والفرح والموت.
6. التطهير بالمعنى الذي تحدث عنه أرسطو.
7. انتشار الوباء، الزومبي، مصاصو الدماء.
8. جي ديبور، مجتمع الفرجة: الإنسان المعاصر في مجتمع الاستعراض، دار شرقيات، ترجمة أحمد حسان.
9.يمكن الإشارة إلى وجود أشكال متعددة للبوليفونية ومنها البوليفونية الأدبية مع ميخائيل باختين وجوليا كريستيفا وتودوروف، والبوليفونية اللسانية التلفظية مع أوزوالد دوكرو وأنسكومبر ومانجونو وجماعة سكابولين…، والبوليفونية التأويلية مع بول ريكور التي تسعى جادة إلى ربط النص بالتأويلات الحوارية المتعددة المتعارضة أو المتوافقة.
10. ينظر كتاب، ميشيل فوكو، جينيالوجيا المعرفة، ترجمة أحمد السطاتي، عبد السلام بنعبد العالي، دار توبقال للنشر والتوزيع، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1988.
11. جان بودريار عالم اجتماع فرنسي ( 1927- 2007 )
المصادر:
- محمد اشويكة ، السينما المغربية تحرير الذاكرة ..تحرير العين منشورات سليكي اخوان طنجة المغربن الطبعة الأولى 2014
- محمد اشويكة، الجماليات البصرية السينمائي والتشكيلي نموذجا، منشورات الفكر التشكيلي، الرباط الطبعة الأولى 2016
- خالد الخضري، افلام راسخة سينما عربية ، مطبعة المعارف الجديدة المغرب، الطبعة الأولى 2004
- مارتن هيدغر، الوجود والزمان، دار الكتاب الجديد المتحدة، بيروت لبنان، الطبعة الأولى 2012
- جي ديبور، مجتمع الفرجة: الإنسان المعاصر في مجتمع الاستعراض، دار شرقيات، ترجمة أحمد حسان
- ميشيل فوكو، جينيالوجيا المعرفة، ترجمة أحمد السطاتي، عبد السلام بنعبد العالي، دار توبقال للنشر والتوزيع، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1988
- Gilles Deleuze, Cinéma 1 – L’image-mouvement (Critique) Editions de Minuit 1983
- Edmund Husserl ,La crise des sciences européennes et la phénoménologie transcendantale ;Trad. de l’allemand et préfacé par Gérard Granel ;Gallimard ,1989
---------------------------------------------------------------------------------------------- *Material should not be published in another periodical before at least one year has elapsed since publication in Whispering Dialogue. *أن لا يكون النص قد تم نشره في أي صحيفة أو موقع أليكتروني على الأقل (لمدة سنة) من تاريخ النشر. *All content © 2021 Whispering Dialogue or respective authors and publishers, and may not be used elsewhere without written permission. جميع الحقوق محفوظة للناشر الرسمي لدورية (هَمْس الحِوار) Whispering Dialogue ولا يجوز إعادة النشر في أيّة دورية أخرى دون أخذ الإذن من الناشر مع الشكر الجزيل