التّحديث والحداثة في القصيدة الشِّعريَّة المغنَّاة 

أحمد بسيوني

  المرجعية الأولى للحداثة الشعرية العربية المعاصرة هي واقع المجتمع العربي بما فيه من تحولات وتغيرات ومستجدات في حقول الثقافة؛ هذا الواقع أوجد عند الشاعر العربي تساؤلات وتطلعات نحو تغيير جذري في بنية القصيدة المغنَّاة يجعلها قادرة على استيعاب هذا الواقع والتعبير عن مضموناته. 

  كان التجديد فى القصيدة العربية هدفاً لكلِّ شاعر متفرِّد وقد بدأ فى شكل القصيدة وفي لغتها، فبعد أن جدَّد أحمد شوقي القصيدة العربية جاءت مدرسة (الديوان) ومدرسة (أبوللو) بقيادة عبد الرحمن شكري وإبراهيم ناجي ومن معهما ثم جاء التجديد مع نزار قباني. هذه المحاولات كلّها كانت في مضامين القصيدة وفي شكلها -إذ انتقلت من قصيدة البيت إلى قصيدة التفعيلة- وباءت محاولات التجديد في موسيقى الشعر بالفشل، حتى جاءت التجربة الجديدة في إضافة موسيقى جديدة ليست خليلية مع تجربة الشاعر عبد الحميد محمود، هنا تكتمل تجربة التجديد بدءاً بالتجديد في المضمون فالشكل ثم الموسيقى، وما يزل باب التجديد مفتوحاً للأجيال القادمة. 

  أمّا التحديث الموسيقيّ فى القصيدة المغنَّاة هذه فبدأ مع شوقي عندما كتب “مال واحتجب” ثم “مضناك جفاه مرقده” وتبعه علي محمود طه وإبراهيم ناجي الذي قسم القصيدة إلى مقاطع مختلفة ثم كان التجديد فى الموسيقى ذاتها مع “عيد الندى” و “ما أحلى جمال مكة!” مع عبد الحميد محمود في تجديد ذات الموسيقى. 

  إذن، القصيدة المغنّاة نزوع قديم لدى الشاعر نحو إكساب نصِّه بعداً إضافياً وتأثيراً مضاعفاً وانتشاراً اجتماعياً وهي محصلة مزج بين فنَّين: الشعر والغناء.

سجدة 

 الشعر العربيّ كلّه على موسيقى الخليل يُغنّى، وهكذا تغنّى عبد الوهاب وأم كلثوم وفيروز وغيرهم بالشعر المنتقى للغناء لأن الغناء يتطلّب الصورة الشعرية الواصلة بيسر لوجدان المتلقّي. في “سجدة” تتميز الصوفية بأنك  تستشفُّ الحب الإلهي دون تصريح؛ فأنت تذوب عشقاً مع الصورة الشعرية دون أن تكشف غلالة ماهية الحب. هذا النهج الصوفي أضفى على القصيدة جمالاً يجعل المتلقّي يشارك في العمل ويحسّه أكثر.

 تتناسب هذه المضامين مع الحداثة فالمغنّى من قبل ينهج للتصريح ولكن -في عصرنا هذا- يزيد العمل جمالاً أن تترك مساحة للمتلقّي لكي يتخيل الحالة الشعرية، وهذا ما قدمته أنشودة “سجدة” التي كتبها الشاعر الطبيب عبد الحميد محمود ولحّنها أحمد بدوي و غنّاها أحمد بسيوني (الكاتب). 

سجدة بصوت أحمد بسيوني
---------------------------------------------------------------------------------------------- *Material should not be published in another periodical before at least one year has elapsed since publication in Whispering Dialogue. *أن لا يكون النص قد تم نشره في أي صحيفة أو موقع أليكتروني على الأقل (لمدة سنة) من تاريخ النشر. *All content © 2021 Whispering Dialogue or respective authors and publishers, and may not be used elsewhere without written permission. جميع الحقوق محفوظة للناشر الرسمي لدورية (هَمْس الحِوار) Whispering Dialogue ولا يجوز إعادة النشر في أيّة دورية أخرى دون أخذ الإذن من الناشر مع الشكر الجزيل

1 Comment

  1. موضوع جيد و عرض فني جميل لكن لم أجد فيه التجديد الذي يتحدث عنه الكاتب و ترك مساحة لتخيل الصورة الشعرية، فهو مناجاة صريحة لا تتضمن أي معنى لا يصرح به الشاعر.

Leave a Reply