ألمانيا والحِراك الثقافي العربي

نجاة عبد الصمد

الثقافة بتعريف ابن خلدون: (هي الدراية الجيدة بكل ما يتعلق بمجال من المجالات فكرًا وممارسة)، وتأتي الدراية عبر تنمية الذوق والعقل/ الملكات البدنية والعقلية بأنشطةٍ تغذّيها وتشبع الحاجات الروحية للإنسان. وهي بهذا المعنى نتاجٌ اجتماعي وملكية اجتماعية معًا تتميز بالتراكم والتطور والإبداع ويتم تناقلها جيلاً عن جيل من خلال عملية التعلم عن طريق اللغة، ونعني بالثقافة هنا ليس الأدب حصرًا، كما لا يجوز حصر دائرة المثقفين بالأدباء والشعراء فقط. 

وصلت الموجة الأولى من المهاجرين العرب إلى ألمانيا في الستينيات والسبعينيات وتوزّعت على مساحة جغرافيتها الواسعة. أول الوافدين وأكثرهم كانوا الفلسطينيين، توالت بعدهم موجات الهجرة من أكثر من دولةٍ عربية، ومن تركيبات اجتماعية واقتصادية وعمرية متباينة؛ إذ أتوا طلبًا للعمل أو الدراسة أو للزواج بألمانية بقصد الحصول على الجنسية، ثم أضيفت إليها في الفترة اللاحقة دوافع اللجوء السياسي أو الاقتصادي، وكذلك الهرب الاجتماعي. واستمروا يقيمون فيها ويستقدمون ذويهم. 

ومع مضيّ الوقت و مع التشتت المكاني بين المقاطعات والمدن في ألمانيا، نشأت اختلافات كبيرة وعدم تجانس بين المجموعات العربية المقيمة فيها، فمن بينهم عرب رفيعو المؤهلات المعرفية العامة وآخرون يتمتعون بمؤهلات علمية وتكنولوجية بينما تغيب اهتماماتهم الثقافية العامة عربيةً كانت أو أجنبية، وعرب انسلخوا عن اجتماعياتهم وثقافتهم العربية واندمجوا في الحياة الألمانية، وعرب متزوجون من عربيات يهتمون بالأمور المعيشية والتجارية فقط دون إعارة أية أهمية لما يسمى بالثقافة العربية، وعرب ما زالوا يبحثون في بطون الكتب عن معلقات الشعر القديم وخواطر جبران ولا يرون في الثقافة العربية سواها، وعرب رأوا مغريات الحياة الاوروبية والمستوى والثقافي والحضاري المتقدم، وكأنما انتفت الحاجة إلى السعي خلف نشاطات ثقافية عربية توقظ فيهم ذكريات سبق وهربوا منها أو تقدم لهم تمنياتٍ وأحلامًا لم يعودوا يريدونها! وأخيرًا عرب يسعون إلى خلق حياة ثقافية عربية دوافعهم ووسائلهم إليها مختلفة وإمكانياتهم متباينة. 

حتى نهاية القرن العشرين، أي عصر المصادر الورقية والمعلومة المرئية بقيت مصادر الثقافة العربية في ألمانيا قليلة بالقياس إلى مثيلاتها في البلد الأم. ولم يصنع العرب في ألمانيا، مشرقيين ومغاربيين، ملامح حركة ثقافية مؤثّرة أو واضحة الملامح، ولعل التوقف عند مصادرهم إليها يوضِح الأسباب:

*أولاً: الكتب والمطبوعات العربية التي تطبع وتنشر في مختلف الدول العربية أو خارجها لم يصل منها إلى ألمانيا سوى بعضها وبكمية محدودة.

أما المطبوعات العربية الصادرة في ألمانيا من كتب ومجلات وصحف والمطبوعات الثقافية فمعظمها لم يتعدَّ كونه محاولات أولية وأحيانًا بدائية قليلة التشويق ومنخفضة المستوى الأدبي كثيرة الأخطاء اللغوية والطباعية وأحيانًا الإخبارية، فضلاً عن رداءة مستوى التنفيذ الفني وبدائيته من حيث التصميم والرسم والتصوير، كذلك محدودية التوزيع واقتصاره على مدينة الإصدار. ويرجح أنه قام بها أشخاص دفعهم حب المغامرة والرغبة بإصدار مطبوع ثقافي أسوة بالمجلات العربية التي تصدر خارج الوطن العربي، إضافة إلى دوافع وأهداف تجارية تارة وشخصية ومعنوية تارة أخرى، و قد يكون اعتمادها على الإعلان التجاري كمصدر أساسي للتمويل وتغطية تكاليف اضطرها للتنازل عن كثير من الاعتبارات الثقافية والذوقية. ولم تبرز دور نشر مهمة ربما بسبب ارتفاع تكاليف إنشائها والضرائب والإيجارات، وضعف قوته التنافسية في أسواق البيع الخارجية. كذلك لم تكن ثمة وكالات للأنباء ومؤسسات إعلام عربية.

*ثانيًا: بالمقارنة مع المطبوعات احتلّت المؤسسات أو المنظمات الثقافية العربية في ألمانيا مكانة متميزة على ساحة الحياة الثقافية وكان لها دور رائد وتوجيهي في دعم وتشجيع النشاطات الثقافية المختلفة، إلا أنها بقيت هامشية ومشرذمة إلى حد كبير ولم ترق إلى الريادة لأسباب ذاتية وموضوعية منها قلة المؤهلات وعدم التفرغ وضعف الإمكانات المالية المرصودة لها ومشاغل الحياة الاقتصادية والتجارية والمعيشية وظلّ ذلك يبعد العرب عن المساهمة أو الاهتمام بالجوانب الثقافية. وعلى صعيد آخر أدت التحزبات السياسية والإقليمية، لا بل والانحدارات الطبقية والدينية والطائفية والتخوفات الأمنية إلى إحجام الكثيرين عن المساهمة في الحياة الثقافية عمومًا.

*ثالثًا: الإذاعة العربية: استطاع العربي في ألمانيا التقاط كثير من الاذاعات العربية من داخل الوطن العربي وخارجه فضلاً عن إرسالٍ محدودٍ جدًا من داخل ألمانيا من حيث المدة والمواد المقدمة فلم يؤدّ دورًا يذكر. أما التلفزيون، وقد كان العصر عصر المعلومة المرئية، فقد كان هناك بث لأربع قنوات تلفزيونية عربية موجهة إلى أوروبا لكنها لم تلبِّ حاجات مشاهديها وأذواقهم بل كانت بعض برامجها منفرة.

*رابعًا الجهات الرسمية العربية من سفارات وملحقيات ثقافية والتي وظيفتها متابعة رعاياها في جوانب حياتية متعددة ومنها الثقافية بعيدًا عن الخندقة السياسية أو الأمنية، لكنها لم تفعل. كذلك الجامعة العربية التي من مهامها أن تحافظ على التواصل الثقافي والحضاري لهؤلاء الذين دفعتهم ظروف شتى للعيش في الخارج عمومًا وليس في ألمانيا وحدها، وأن تسعى للاستفادة من خبرات ومهارات الكثير من الأدمغة العربية المهاجرة، لكنها أيضًا لم تفعل.  

*خامسًا: الأقسام العلمية المختصة في الجامعات الألمانية والمراكز البحثية والثقافية ومعاهد اللغة العربية وأقسام علوم الشرق وكذلك معاهد وأقسام العلوم الإسلامية والمتاحف ومراكز الأبحاث المتخصصة: لوحظ على هذه الجهات أنها تعمل في مجالها العلمي والثقافي بصورة شبه منعزلة ولا علاقة لأهدافها بالحياة الثقافية للعربية في ألمانيا، تضاف إلى ذلك ندرة الدراسات والبحوث المتعلقة بالحياة الثقافية العربية خارج الوطن العربي ومنها ألمانيا، وعدم التقدير الصحيح لأهمية ذلك على كثير من المستويات. ومن المؤلم وجود نسبة غير قليلة من الأساتذة والباحثين العرب في مثل هذه المؤسسات لكنهم غائبون عن الحياة الثقافية العامة.

*سادسًا: الكاتب العربي: تراوح نتاجه بين الجيد والجيد جدًا حينًا والبسيط والبدائي حينًا آخر، كانت غالبية الأقلام جديدة على عالم الكتابة، عديمة النكهة أحيانًا كثيرة، تكتفي بالغَرْف من همومها الخاصة وتجاربها الشخصية المحدودة. عمل بعض المثقفين العرب والكتاب والصحفيين منهم على وجه الخصوص مع جهات ثقافية خارج ألمانيا من صحف ومجلات لاعتبارات موضوعية ومالية وشخصية.

حضور فردي: رفيق شامي روائي سوري يكتب بالألمانية ويترجم له إلى العربية، وقد أطلق لاحقًا مؤسسة السنونو التي استقطبت بعض الأقلام العربية. عادل قرشوللي شاعر ومترجم سوري كردي، زوجته ألمانية مترجمة. 

مثال عن محاولات فردية لتأسيس مشهد ثقافي في برلين: حوالي عام 1995 تشكل ما سمِّي يومها “ملتقى الثقافة العربية”، أهم مؤسسيه كانوا من الجالية الفلسطينية وكان لقاء شهرياً في صالة مطعم. أطلقوا على لقائهم اسم (ليلة أريحية) يحضرونها مع عائلاتهم ومجموعهم بين مائتين إلى ثلاثمائة شخص، كانت تبدأ بقصائد وقصص لبعض الأدباء الشباب يتبعها عزف موسيقى على العود وغناء. تحول اسم ملتقى الثقافة العربية إلى اتحاد المثقفين العرب كمنظمة مسجَّلة، ولم يتفق القائمون عليها على خطة واحدة فتحول اسم الاتحاد بعد سنة أي عام 1999 إلى منتدى الثقافة العربية الذي اهتم بإحياء الأدب القديم والحديث: ليلة المتنبي، ليلة الشيخ إمام، ليلة سميح القاسم، ليلة أندلسية… ألقوا أشعار المتنبي ولحنوا بعض قصائده وقدموها مغناة… 

في أواخر القرن العشرين ضيافة/دعوة نزار قباني ومحمود درويش ونصير شمة وسميح القاسم كانت بجهود فردية من أصدقائهم أو بدعوة من معهد الثقافات العالمية في برلين.

*سابعًا: معاهد ومدارس تعليم اللغة العربية: قامت على مبادرات فردية بدعم من الجهات الألمانية، لكن العلمية والمنهجية غابت عنها بسبب انخفاض مؤهلات القائمين عليها، لم يكونوا يتقنون هذه اللغة بأنفسهم، وقسم منهم جاء من بلده بتأهيل دراسي قليل، وكان الهدف منها استثماريًا لا مشروعًا علميًا ثقافيًا ينهض باللغة العربية لأبناء من أصول عربية لا سيَّما أنَّ أمهات معظمهم ألمانيات أو غير عربيات.

*ثامنًا: المؤسسات الدينية ودورها في الحياة الثقافية: انتشرت في ألمانيا جوامع ومساجد تؤدي فيها الفرائض وتلقى فيها الخطب والمواعظ، ويجري في بعضها تعليم القرآن الكريم وبيع الكتب والمجلات الدينية والتراثية.

*تاسعًا: مؤسسات ونشاطات أخرى كالمطاعم والمقاهي والنوادي الاجتماعية العربية والفرق الفنية والموسيقية: في واقع الحال تصدرت المطاعم المشهد دون غيرها. حضرت بعض الفرق الموسيقية والغنائية العربية وكانت في غالبيتها مدعوّة من قبل بعض الجهات الألمانية المعنية بشؤون ثقافات العالم ومنها دار ثقافات العالم في برلين مثلًا.

في الخلاصة، جميع الأنشطة محدودة ومتواضعة. لم يشكل واقع هذه المؤسسات مجتمعةً مؤشرًا إيجابيًا على نشاط الحياة الثقافية العربية في ألمانيا إن لم نقل إنّه لم تكن في ألمانيا حياة ثقافية عربية بالمعنى الدقيق بسبب طبيعة التركيبة البشرية للعرب المقيمين في ألمانيا، يزاد عليها الظروف اللامستقرة لآلاف العرب المتقدمين بطلبات اللجوء السياسي وحداثة الخبرة الثقافية وبساطة المستوى الثقافي والعلمي والتأهيلي لغالبية المندفعين للعمل في الأوساط الثقافية العربية والاستمرار في دوامة الدعم المشتت غير المبدع بسبب الظروف التي يعيش فيها العرب أنفسهم قبل كل شيء. وهكذا دأبت الحياة الثقافية العربية في ألمانيا أن تعيش واقعها التعيس وتقاوم مرارته بالتحدي الممكن. 

في أوائل القرن العشرين استمرت هذه الأنشطة مع بعض التحديث عبر بدء (الطفرة العربية) في برلين بدءًا من عام 2007، وكانت الحكومة الألمانية في هذه الأثناء تركز على استقطاب المضطهدين من الناشطين العرب الذين أقام معظمهم في برلين. وكانت برلين بدورها قد بدأت تأخذ دورها كعاصمة أوروبية للثقافة العربية.

أنشئ مهرجان سينمائي عربي يقام سنويًا منذ سنة 2009. يعرض المهرجان أفلامًا باللغة العربية مترجمة إلى الإنجليزية أو الألمانية  كوسيلة لتقديم بديل سينمائي للنظرة الأوروبية للعرب.  

نشطت الطفرة العربية هبة واحدة مع قدوم السوريين النازحين من حرب بلدهم عام 2015 بأعداد هائلة وطاقات شابة كثيرة ومتعطشة لفعل شيء وجلبت معها قضاياها وحبها للأدب والموسيقى حركت المشهد الثقافي في ألمانيا، منها ما تلقى الدعم من مؤسسات ألمانية أو أقام فعالياته بمبادرات خاصة بهم. 

من بين تلك المبادرات:

* تأسيس معهد الموسيقى العربية: هو مدرسة موسيقى تدرِّس الآلات الشرق أوسطية مثل العود والدربكة، ونظريات الموسيقى العربية والأداء الكورالي. 

*تأسيس مكتبة “بيناتنا”، وهي مكتبة عربية ومركز ثقافي. 

* تأسيس نادي سلام الثقافي الاجتماعي. 

*تأسيس كورال حنين للسيدات بمبادرة من رجاء بنوت السورية، وامتد الكورال من ألمانيا إلى تركيا وأمريكا وفنلندا..  

*إعادة تفعيل مركز موزاييك كمنتدى ومكتبة ثقافية.

*تأسيس مكتبة خان الجنوب: مكتبة ومنتدى ثقافي عربي.

*افتتاح مقهى “البرلين” وهو ناد على ضفاف النهر قدم موسيقى الريغي والهيب هوب ومزيجاً من موسيقى الجاز والإيقاعات الأخرى، واستقطبت مبادرته موسيقيين من معظم الدول العربية ورافقتها مطابخ عربية متميزة. 

*ثم تأسيس أول مدرسة عربية خاصة في برلين (مدرسة قلمون) بعد أن كانت اللغة العربية تُستخدم في المسجد وداخل الأوساط الدينية فقط، أصبح الكثير من طلاب هذه المدرسة من الألمان الذين لا صلة لهم بالعالم العربي، وعددهم يزداد شيئًا فشيئًا. وظهر التقدير المتزايد للثقافة العربية من السلطات الألمانية، فقد أضيفت مادة اللغة العربية إلى بعض مدارس الأطفال كمادة أساسية. 

*ثقافة المطبخ العربي: أصبح الاسم الشائع لشارع زونين آلليه (شارع العرب) حيث انتشرت ثقافة الأكل العربي بأنواعه وبخاصة السوريّ وهو أيضاً سوق كبير للبضائع والأنتيكات والطعام والفاكهة العربية.

*افتتاح مطعم (ملكة)، باسم صاحبته، وهو مطعم سوري متميز يقصده المهاجرون والسكان والوفود الرسمية. 

يتمتع المهاجرون العرب في ألمانيا، وفي برلين خصوصًا، بدعم مؤسسي أكبر مما قد يحصلون عليه في لندن أو نيويورك على سبيل المثال بغض النظر عن أجندتهم أو نواياهم أو عنصريتهم، فالحكومة مؤيدة للفنون والعلوم الاجتماعية، والأنشطة مدعومة بشكل أكبر من المؤسسات الأكاديمية والثقافية الألمانية مثل “مجلس الشيوخ للثقافة وأوروبا” في برلين ومؤسسة روزا لوكسمبورغ غير الربحية، فهذه مؤسسات منفتحة على الإبداع وقدمت لأصحابه ميزاتٍ كثيرة ورعت مهرجانات الأفلام العربية وفعاليات الموسيقى والأدب والمؤتمرات السياسية حول قضايا الشرق الأوسط، فاجتذبت الفنانين والموسيقيين والكتاب والمفكرين من مختلف أنحاء العالم إلى برلين. 

وبشهادة المختصين استطاع هؤلاء تغيير وجه الحراك الثقافي في ألمانيا وقدموا ما يمكن اعتباره المشهد الثقافي العربي الأكثر حيوية في أنحاء أوروبا عبر المسرح وليالي الشعر والمؤتمرات الثقافية والسياسية والعروض الراقصة والمهرجانات السينمائية. والزمن سوف يرينا إلى أين ستتوجه هذه الطفرة التي يتطلع الناشطون فيها إلى إرساء ثقافة طويلة الأمد لا أن تبقى مجرد أحداث عابرة. 

ملاحظات:

*بالتدقيق في واقع الحال يتبين أنّ هناك حدودًا يتم فرضها عند التدقيق في المواقف السياسية للناشطين، وتشمل هذه “الحدود” الكتب والمؤتمرات السياسية حول الشرق الأوسط والمهرجانات السينمائية العربية، وغالبًا ما تكون الأولوية لتلك الأفلام التي تناسب وجهة النظر الرسمية الأوروبية، والتي تعالج موضوعات مثل الحرب واضطهاد المرأة.

*ثمة مؤسسات ثقافية تعهدت السوريين ولم تعتن بانتقاء أصحاب الكفاءات أو المواهب العالية منهم وسط الفوضى والاستعجال، كما أن في ذهنية الألمان تقديمنا -كشعب ونتاج أدبي- على أننا المضطهَدون البكَّاؤون والزوجات المحجبات المعنفات وكلنا نطلب العون منهم ويجب على النتاج الأدبي أن يوافق تصوراتهم، ويظهر هذا من خلال التوجيه في الكتابة بين الكاتب السوري وقرينه الألماني، تشكلت شراكات ثنائية للدعم وقليلًا ما أعطت نتائجها بسبب سوء الاختيار وبسبب تعامل كثيرين من المشرفين الألمان مع مهمتهم من منطلق الموظف الجامد الذي يمارس عملًا مكتبيًا فلا يحاول أبدًا تطوير أدائه أو على الأقل لا يتمتع بأدنى ديناميكية. وهؤلاء انتشرت أمسياتهم كالفطر لحوالي سنتين ثم انطفأت بإفلاسهم الأدبي.

ما زالت الثقافة تحتاج إلى ركائز ليكون هناك عمل ثقافي حقيقي ومؤثر. وحتى اليوم لا مشهد ثقافي حقيقي في ألمانيا على رغم وجود قرابة خمس وخمسين جمعية ثقافية عربية مسجلة في برلين وحدها. ولعلّ بعض الأسباب: 

1 عدم الاتفاق بين المهتمين وانتظامهم في رؤية فكرية تتجسد على الأرض في مشروع موحد. 

2 عدم وجود دور نشر كبيرة ومؤسساتية.

3 عدم القدرة على اختراق الصحافة الألمانية بينما علاقة اللوبي اليهودي وثيقة بها، ومعظم القائمين على الصحافة الألمانية بالذات هم من مؤيدي الصهيونية، والقطبان في تنافس بالطبع غير متكافئ.

4 عدم وجود مؤسسة ترجمة متبادلة عربية ألمانية تترجم من وإلى العربية والألمانية معًا. يبدو أنَّ الألمان ربما ينتظرون من العرب مبادرات كهذه، وكذلك العرب!

أخيراً، فالنهوض بالثقافة العربية ليس مهمة العرب المقيمين في ألمانيا فقط ، بل هي أيضًا مهمة حكوماتهم، التي لا يعول عليها حتى اليوم، ومهمة البلد المضيف؛ فالأجنبي المثقف المقيم في ألمانيا أفضل بكثير من الأجنبي غير المثقف، عدا عن أن من يحقق شروط الجنسية سوف ينالها عاجلًا أم آجلًا وبالتالي سوف يصبح مواطنًا ألمانيًا عالي المؤهلات أو منخفضها.

---------------------------------------------------------------------------------------------- *Material should not be published in another periodical before at least one year has elapsed since publication in Whispering Dialogue. *أن لا يكون النص قد تم نشره في أي صحيفة أو موقع أليكتروني على الأقل (لمدة سنة) من تاريخ النشر. *All content © 2021 Whispering Dialogue or respective authors and publishers, and may not be used elsewhere without written permission. جميع الحقوق محفوظة للناشر الرسمي لدورية (هَمْس الحِوار) Whispering Dialogue ولا يجوز إعادة النشر في أيّة دورية أخرى دون أخذ الإذن من الناشر مع الشكر الجزيل

Leave a Reply