
ضمن ندوة الحراك الثقافي في المهجر بتنظيم من الدكتور علي حرب
إن التواجد الثقافي العربي في فرنسا محزن لأنه لا يتناسب مع عدد العرب والمسلمين وكان بالإمكان ان يكون أفضل بكثير لو توافرت له الظروف اللازمة من دعم مؤسَّسي أو مادي، وخصوصاً من طرف السفارات العربية المعتمدة في باريس، التي آخر همها دعم الثقافة العربية على الساحة الفرنسية وإيصال ثقافتنا وحضارتنا للعقل الفرنسي وبالشكل الذي يستطيع اختراق هذا الفكر.
أمَّا معهد العالم العربي الذي أريد له أن يكون واجهة العرب في باريس فقد أخفق في الكثير من مهامه لسببين:
أولاً: عدم توفر الدعم المالي اللازم من الدول العربية التي يدافع عن ثقافتها، وهذا انعكس بشكل سلبي على الكثير من نشاطاته، ثانياً: تعرضه لضغوط من بعض السفارات العربية، فقد تم منع بعض الأدباء والمفكرين المعارضين لسياسة أنظمتهم من إقامة ندوات أو محاضرات.
أمَّا من ناحية موضوع النشر والكتابة باللغة الفرنسية فقد أبدع عدد لا بأس به من الكتاب العرب، وبشكل خاص الطاهر بن جلون الحائز على جائزة كونكور الأدبية، ولكن المواضيع التي اختارها في كتاباته هي مواضيع تتناول الجوانب السلبية في المجتمع المغربي، كحالات الزواج من القاصرات وعادات الشعوذة والسحر، وزجَّ –أحياناً- الدين لأنّه يشجع مثل تلك العادات. بينما نرى الكاتبة ليلى سليماني وهي مغربية، توجه نقداً لجوانب من التراث العربي المغربي لكن بشكل بنَّاء جداً وبلغة رفيعة وتأخذ الجانب الحيادي وعدم الاستفزاز، أو التقليل من بعض الجوانب السلبية.
الكتاب الجزائريون تطرَّقوا، بشكل كبير، لموجة الإسلام السياسي في فرنسا وهاجموها بشدة وبعنف وبقسوة أحياناً، وعدّوا العنف الذي يمارسه الإسلاميون المتطرفون سببه محمد ودين محمد، على الرغم من أنَّهم يعلمون أنَّ الغالبية العظمى من مسلمي فرنسا لا تؤيد مثل هذه الاعمال، وبالطبع أشير إلى الكاتبين الجزائريين محمد الصيفاوي وبو علام بو صنصال.
وأختم بكاتبنا الكبير والعملاق أمين معلوف الذي نقل التراث والحضارة العربية من خلال رواياته المتعددة المكتوبة بلغة فرنسية رفيعة وراقية وبأسلوب تاريخي في غاية السرد الدقيق والموضوعي ودخل إلى قلوب الفرنسيين وعقولهم بالشكل الذي يفهمونه ويتقبلونه. وتيسر لي -ولله الحمد- أن أقرأ رواياته جميعها، من ليون الأفريقي إلى صخرة طانيوس، مروراً بالهويات القاتلة. ولو كان هناك عشرة من أمثاله على الساحة الفرنسية لكانت الثقافة العربية، على هذه الساحة، بألف خير.
وهناك مشكلة كبيرة مع بعض التيارات الإسلامية الموجودة على الساحة الفرنسية وهي في قرارة ذاتها تعتقد أنَّ بناء التكوين الفكري والثقافي لأبنائها يتم عبر تمسكهم باللغة الأم والتمسك بالعادات التي ورثوها وبالدين الاسلامي ورفضهم أي اندماج يقوم على التحدث إلى شعب الدولة المضيفة واختراق أسلوب تفكيرهم وإيصال الرسائل التي نريد إيصالها، ولكن اختاروا التقوقع والانغلاق وأضاعوا فرصة لا تعوض لإثراء لغتهم وفكرهم في بلد متعدد الثقافات والأفكار.
---------------------------------------------------------------------------------------------- *Material should not be published in another periodical before at least one year has elapsed since publication in Whispering Dialogue. *أن لا يكون النص قد تم نشره في أي صحيفة أو موقع أليكتروني على الأقل (لمدة سنة) من تاريخ النشر. *All content © 2021 Whispering Dialogue or respective authors and publishers, and may not be used elsewhere without written permission. جميع الحقوق محفوظة للناشر الرسمي لدورية (هَمْس الحِوار) Whispering Dialogue ولا يجوز إعادة النشر في أيّة دورية أخرى دون أخذ الإذن من الناشر مع الشكر الجزيل