دراسة الخطّ/الغرافولوجي مع هادي أبو عطا

سحر، شعوذة، فراسة، أم علم حديث؟

لبنى ياسين

بدءً نتعرف على علم دراسة الخطّ اليدوي (الغرافولوجي) وأهميته لنتعرف أكثر على ثناياه مع الأستاذ هادي أبو عطا

تفرعت العلوم وكثرت في نهاية القرن العشرين وبرزت علوم جديدة دانت بتطورها لعلوم أخرى ارتكزت عليها، ومن تلك العلوم نجد أنَّ علم تحليل شخصية الإنسان من خلال الخط ومن خلال الرسوم قد بدأ يبرز بخجل في بداية القرن الحادي والعشرين، فلقد استغل علماء النفس إمكانية التعرف على الذكاء العاطفي وقياسه عن طريق إسقاطات الجهاز العصبي والحركي بالرسم على الورقة طبقاً لمسار القلم على الصفحة، فالأشخاص الذين يتمتعون بالذكاء العاطفي هم القادرون على تمييز مشاعرهم والتعبير عنها واستغلال إمكانياتهم والاستمتاع بالحياة وفهم مشاعر الآخرين وإقامة علاقات قوية معهم وتحمل المسؤولية الاجتماعية دون الاعتماد على الآخرين في تسيير حياتهم. هؤلاء الأشخاص يتَّسِمون عادة بالتفاؤل والمرونة والواقعية وقدرة التغلب على الصعوبات. 

وقد ازدادت أهمية تحليل ميول الشخصية بالرسوم في نهاية القرن الماضي مع اكتشاف أهمية الذكاء العاطفي في صنع الإنسان الفعال، فالذكاء العاطفي يُعبِّر عن مدى امتلاك الفرد القدرة على قيادة الذكاء الفطري، أي أنَّ الذكاء العاطفي يعني مدى قدرة الفرد على التعامل مع العواطف سواءً كانت عواطفه أو عواطف الآخرين. يتجلى الذكاء العاطفي عند حاجة الفرد إلى العمل مع الآخرين في فريق واحد، فالإنسان الذكي عاطفياً هو الأكثر قدرة على التعاون مع الآخرين والتفكير المشترك وتقبُّل النقد والرأي الآخر والحوار والوصول إلى حلول وسط بما في ذلك حركات الجسم والتعبيرات الوجهية والكتابة بخط اليد والرسم.

في لقاء على التلفزيون:

تخبرنا (هيا قره كهيا) قصتها مع الغرافولوجي:

 عندما كانت في الثانية عشرة من عمرها طُلب إليها إجراء لقاء التلفزيون السعودي بوصفها أصغر كاتبة عربية. هناك وفي صالة الانتظار كان هناك عالم غرافولوجي تناول منها دفتر مذكراتها الذي كان باللغة الإنجليزية وحدَّثها عن نفسها فدهشت ممَّا كان في كلامه من الحقيقة عن شخصيتها وميولها.

أمر عالق مع أمي:

يتحدث محمَّد عن تجربته مع الخط:

كان يسخر من ذلك العلم دون أن يعلم أنَّ أحد الواقفين عالم من علماء الخط، فما كان من الرجل إلا أنّ طلب الكرَّاس الخاص بالشاب وراح يحدثه عن شخصيته. 

يضيف محمَّد: كنت ألوم أمي بيني وبين نفسي إذ أنها تفضل أخي عني وتدلله كثيراً، ولا أحد يعلم ذلك إلا الله. وإذا بالرجل يقول: هناك أمر عالق بينك وبين أمك، أنت تلومها بينك وبين نفسك على أمر ما.

نص نص:

أما عن تجربة منير مع الغرافولوجي، فيقول إنَّ تحليل شخصيته كان فيه أشياء كثيرة صحيحة، ولكن بالمقابل كانت هناك أشياء كثيرة غير صحيحة لذا لا يستطيع أن يؤمن به كعلم بل كنوع من الفراسة لا سيَّما أنَّ العرب عُرفوا منذ القدم بالفراسة وكان الأب يعلّمها لابنه ولها مبادئها.

سأسعى لدراسته:

هذا ما قالته رنا التي أدهشتها قراءة الخط والتوقيع من أحد المختصين، فحزمت أمرها على التزود من هذا العلم. تقول: ما أخبرني به أفادني في تصحيح مساري، وأنا الآن في بداية طريقي لتعلم هذا العلم.

كيف تنظر إلى تحليل الخط؟

سؤال وجهناه إلى ستين شخصاً من الجنسين من مختلف الأعمار، فكانت الردود كالآتي:

ما هو الغرافولوجي Graphology ؟

إنَّه علم تحليل الشخصية من خلال الخط والتوقيع والرسم. والمتمرس في هذا العلم يسمى غرافولوجست Graphologist أي الخبير في تحليل الرسم أو الشكل.

ويرى علماء الغرافولوجي أنّ الخط قراءة  للمخ أو للجهاز العصبي والعقل الباطني على الورق. 

ظهر هذا العلم في بداية القرن التاسع عشر كضرب من ضروب الفراسة، وكان للغرب دور كبير في وضع أسسه وقواعده بخاصة في فرنسا، وكان الطبيب الإيطالي “كاميلو بالدي” أستاذ الطب في جامعة “بولوجنا” أول من كتب عن هذا العلم ووثق أسسه في كتاب “كيف نحكم على سلوك شخص من خلال خط اليد؟” الصادر باللغة اليونانية وكان ذلك في عام 1622.

وكان للألمان دور كبير في تطوير هذا العلم فقد أنشأ الفيلسوف “لودوينج كليجس” الجمعية الألمانية للغرافولوجي سنة 1897، ودرس الخط من حيث السرعة، الحركة، المسافات بين الحروف، والضغط على الورق. وأصدر الإنجليزي “روبرت سودر” أول نشرة له في إنجلترا وأمريكا عن الخط والشخصية. بينما قام ماكس بوليرير وكارل جنج بتأليف كتاب ” الرموز في الخط” سنة 1931م. 

ويعدُّ “لويس رايس” مؤسس الجمعية الأمريكية للغرافولوجي السبب الأساسي في الاعتراف بالغرافولوجي كعلم حديث والقبول بتدريسه وافتتاح قسم له في جامعة علم النفس رسمياً في مجموعة من جامعات العالم.

ركائز الغرافولوجي ومبادئه:
يستطيع علم الغرافولوجي أن يكشف شخصية الإنسان (الجوانب الجسمانية والنفسية معاً) من خلال دراسة جوانب من طريقة الكتابة عدة، منها على سبيل الإجمال:

  1. درجة ميل الخط (عمودي، مائل إلى الأمام، مائل إلى الخلف).
  2. توزيع المساحات وسيادة بعضها على الباقي (العلوية، الوسطى، السفلية).
  3. استقامة السطر أو تعرُّجه.
  4. الضغط (ثقيل، متوسط، خفيف).
  5. العرض (سميك، متوسط، رقيق).
  6. الحجم (طبيعي، كبير، صغير).
  7. المسافات (بين الحروف، بين الكلمات، بين الأسطر).
  8. الهوامش (عريضة، ضيقة)
  9. السرعة (سريع، متوسط، بطيء).
  10. الإيقاع والنسق الكتابي ودرجة التغير في الحجم وفي الشكل على مستوى الحرف أو الكلمة أو السطر.
  11. الأشكال المختلفة للحروف.
  12. وغير ذلك.

دلالات بعض الرسوم العشوائية:

عندما يطول الحديث في الهاتف أو تطول المحاضرة أو نفقد التركيز فيما حولنا غالباً ما نرسم رسوماًعشوائية على الورق، وقد يطلب المختص ذلك ممن يريد تحليل خطَّه. هنا يكون لتلك الرسوم ومكانها في الورقة معان مهمة. مثال ذلك:

الدائرة: تعني أنّ الشخص الذي رسمها كريم، كتوم، متعاون، حليم، صبور مسالم، مسامح، لكنه ينتقم بقوة إذا غضب وهو متفتح، هادئ عند الحديث، ويميل إلى اللون الأزرق غالباً.

المربَّع:  محدود التعامل مع الآخرين، طاقته محبوسة، ذو هدوء ظاهر، مقتصد، حذر، متوتر في  داخله، يستجيب للضغوط الخارجية، يضغط بقوة على الورق عند الكتابة عادة، ويميل للون الأصفر غالباً.

النجمة: متزن ، منضبط،  يجيد الحكم على الأشياء، منتظم الطاقة، يحقق ما يطلب منه، مرن، حساس، هادئ، منضبط في عمله، موضوعي، مثالي في التعامل، يميل للون البرتقالي عادة.

المثلث: حكمه على الأشياء سريع، طاقته عالية، شخصيته قوية، حاسم، عصبي، يتعرض للشعور بالضغط بسرعة، سريع الانفعال مندفع، يعبر عن رأيه دون أن ينظر إلى العواقب، عجول، مزاجي، متعب في التعامل، يميل إلى اللون الأحمر عادة.

الخطوط والأشكال المتكررة: صبور، مثابر، منهجي، لديه قدرة على التركيز، كتابته متجانسة، دبلوماسي، حكيم، ماهر في المراوغة، مبدع، ذو تفكير واضح.

الورود والأزهار: تدل على شخص اجتماعي، ودود، حساس، متفتح، يحب الدفء، وذو شخصية ناعمة.

ميلان الخط ودلالاته:

إنَّ من أهم ما أنتجه تحليل الشخصية من خلال الخط نظرية ميل الخط التي تؤكد أنَّ ميل خط الإنسان يؤدي إلى معرفة جوانب مهمة عن شخصيته، إذ يبدأ الإنسان في تقليد الخط عند الصغر وفي مرحلة التعليم، وبالرغم من أنّ الناس يتعرضون إلى القواعد التي تحكم الخط ذاتها ولكن كل إنسان يكتب بخطه الخاص وبطريقته الخاصه في الكتابة التي تميزه عن غيره.

أنواع ميل الخط واتجاهه:

  1. ميول في اتجاه الكتابة.
  2. ميول في عكس اتجاه الكتابة.
  3. ميول عمودية على خط الكتابة.
  4. ميول متغيرة.

ميلان الخط  يعني اتجاه الميل على الخط الأفقي أو السطر وعلاقته باتجاه الخط خصوصاً الحروف العمودية مثل الألف واللام، فميل الخط قد يكون مع اتجاه الخط أو عكسه، فالخط اللاتيني يكتب من الشمال إلى اليمين ويعدُ هذا اتجاه الخط، أما الخط العربي فمن اليمين إلى الشمال ويجب أن يؤخذ هذا في الحسبان عند التحليل. إنَّ القوانين الخاصة بميلان الخط والبحوث والتي تمت في هذا الحقل كانت وما زالت منصبَّة على الخط اللاتيني ولم يأخذ الخط العربي حقه في البحوث حتى الآن، إلا أنَّ القوانين الرئيسة والأساسية لا تتغير.

حجم الخط هو المسافة بين أعلى الحروف والنقطة السفلية فيها، أو بتعبير آخر هو المسافة بين ارتفاع أعلى السطر أو أسفله، وهنا تبدأ أول إشارة إلى أنّ الخط له مناطق عليا وسفلى وكل منطقة لها خصائص ومميزات وتدل إلى حد كبير على شخصية صاحب الخط.

  • الخط الكبير:

هو الذي يصل في معدله إلى تسعة ملليمترات أو أكثر ومكتوب تحت ظروف طبيعية للكاتب حيث تعكس طبيعته في الكتابة، ويدل هذا الخط الكبير الحجم على أنّ الشخص موضوعي بدرجة كبيرة وأنَّه عملي النزعة ويجذب الاهتمام إلى نفسه عن طريق إجادته عمله والذي يبدو دائماً فخوراً به، ومعجب به ويحب النشاط الخارجي مثل الرياضة البدنية وله خيال واسع. أما إذا زاد حجم الخط عن هذا المعدل فإنَّ الشخص مبالغ إلى حد كبير ويتخيل أشياء يقصد بها إظهار ذاته بالقوة أو بالشجاعة، هذا الشخص في العادة ينقصه التحكم والحرص وقد يكون ميالاً للغيرة الشديدة أحياناً، والتي تحوله إلى عدواني وتظهر هذه الخصائص في الشخصيات التي تحب الظهور مثل الممثلين ومحترفي السياسة…. إلخ. 

والخط الكبير عادة ما يظهر لدى الأطفال في مراحل عمرية محددة، ويدلُّ أحياناً على أنانية في الطفل ومحاولة جذب انتباه من حوله إليه، ولو زاد الخط زيادة كبيرة عن هذا فنحن أمام مشاكل في الشخصية تكون عسيرة الحل ومتطرفة إلى حد كبير ويجب الإشارة في هذا المقام إلى أنَّ كبر الخط أو صغره قد يظهر أيضاً في كلمة واحدة أولها كبير وآخرها صغير أو العكس، وهذا العامل له دلالة أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار عند القياس. أما في حالة قياس حجم الخط عموماً ففي هذه الحالة فإنَّه تؤخذ متوسطات طول الخط من عيِّنة كافية.

  • الخط المتوسط:

من خمسة إلى سبعة ملليمترات ويدل على شخصية تسهل التعامل معها ويمكن أن تتكيف بسهولة، انبساطية في أغلب الأحيان وتتصف بالعلاقات الحميمة والكرم المادي أحياناً، ولكن يجب ربط هذا العامل بعامل آخر في علم الغرافولوجي وهو سعة الحروف، ويعرف هذا بالهواء الداخل في الحروف المقفولة مثل القاف والفاء والعين. وعامل الكرم في العاطفة أو المال مرتبط بمدى سعة الحروف، فكلّما زادت السعة زاد الكرم في العاطفة أو المال وكلما قلَّتْ قلَّ هذا العامل أيضاً.

  • الخط الصغير:

من ثلاثة إلى ستّة ملليمترات، ويدل على أنّ صاحبه موضوعي وعملي النزعة وغير متطرف في آرائه، وذو ذكاء حاد، يجيد التحصيل العلمي والتركيز ومهارات التذكر، يجيد التحكم في نفسه، ملاحظ جيد للتفاصيل، يجيد التطبيق العملي ويقع تحت هذه المجموعة العلماء والفلاسفة وأصحاب النظريات. أما إذا كان الخط أصغر من ثلاثة ملليمترات فنحن أمام شخصية شديدة التعقيد أنانية ذات أفكار خاطئة عن نفسها، فضلاً عن أمراض نفسية قد تكون واضحة التأثير.

أهم أساليب تحليل الخط

يعتمد تحليل الخط على اقتفاء الأثر برسم الحروف وشكلها وليس على الفحوى والمعاني المكتوبة في النص.

1. التحليل الشمولي: يعتمد على النظرة العامة للنمط البارز والغالب على النص الكتابي وكيفية طرحه على الورقة، كالهوامش المتروكة في الورقة وشكلها، وحجم الكتابة وتباينها، وتراص الحروف والكلمات والسطر واتجاهاتها، والضغط على القلم، وتنسيق الكتابة ووضوحها ونمطها إذا كانت دائرية أو مربعة أو مثلثة، وإذا كانت نهاية الحروف إبرية أو مبتورة.

2. التحليل الرمزي: وهو الاكتفاء بتحليل الأشكال والرموز الخاصة في النص الكتابي، مثل التواقيع والأشكال الهندسية أو الأشكال الفنية في الكتابة وتنسيقها، ويعد هذا النوع أقل دقة ومراعاة للتفاصيل.

3. التحليل التكاملي: وهو أكثر دقة من الأسلوبين السابقين، ويتضمَّن تحليل مميزات نمط الكتابة بناء على دراسة مفصلة بنواحيها جميعها والتعمق بقدر الإمكان ثم إعداد معدلاتها بناء على عوامل تحليل الخط.

كثيرون لم يسمعوا عن علم الغرافولوجي ولا يستطيعون الجزم ما إذا كان علماً أو فراسة أو شعوذة أو سحراً، لذا كانت لنا هذه الوقفة مع أحد أعلام هذا العلم الأستاذ هادي داود نعمان أبي عطا الحاصل على ماجستير إدارة أعمال وبكالوريوس علم النفس وهو  مؤهل في الإدارة المدنية ومدرس مؤهل في التعليم المهني.

     ·هل تعدُّ قراءة ميول الشخصية عبر الرسوم والخط ضرباً من الفراسة أم علماً قائماً بذاته؟

هو الاثنان، فراسة علمية لأنّ تحليل ميول الشخصية في هذا العلم (علم الغرافولوجي)  يقتفي الأثر الذي يسقطه باطن الفرد على الورق فيُعطينا مؤشرات عن مزاجه واهتماماته ومواقفه وكفاءاته ولكنه لا يفسر الأسباب ولا ينبئنا بالمستقبل. وهولا يعتمد على التنجيم أو الحدس الباطني.

فاليد التي تنفذ أوامر عقلنا الواعي في النص من ناحيةInput  وترسم الانفعالات بأمر العقل اللاواعي من ناحية أخرىOutput  بعفوية يصعب التحكم بها تؤدي إلى تفرُّد الشخص عن غيره، تماماً كبصمات الأصابع. 

·   كيف بدأ هذا العلم؟ وكيف يفيد منه الإنسان والمجتمع؟

نشأ علم تحليل الخط على خلفية شفافية شخصية الكاتب من خلال كتابته، تماماً كالفرد المُراقب بالكاميرات أو كالصائم الذي يعرف أنَّ الله يراه في كل زمان ومكان، فالكتابة تكشف باطن الكاتب وقت الكتابة. غير أن تحليل الخط اقتصر سابقاً على علماء النفس والمؤرخين ورجال القانون والمخابرات وتطور تدريجياً حتى أصبح عِلماً مستقلاً ومفتوحاً أمام الجميع يُدرس في المعاهد والجامعات الغربية. 

ابتدأ علم تحليل الخط  في أربعينيات القرن العشرين غير أنّه لم ينتشر إلا في نهاية القرن العشرين، واستخدم في العديد من الدول المتقدمة، وأصبح محور اهتمام شرائح واسعة من العالم الغربي تمشياً مع بداية عصر السرعة لسهولة وسرعة استنباط ميول الأفراد وطباعهم.

ويستعمل هذا العلم في معرفة الذات وتهذيبها أو تطوير مهارات المرء عند التقدم للانتساب لأي عمل أو الالتحاق بالتعليم الجامعي أو من أجل المقارنة القانونية والتاريخية أو التوجيهية.

·   كيف نشأت فكرة كتابيك “أُسس تحليل الكتابة” و”دليل تحليل ميول الشخصية بالرسومات” اللذين نشرتهما عن هذا الموضوع؟ وكيف كان صداهما؟ وهل يتقبل المجتمع العربي فكرة من هذا النوع ويقدم على قراءتها أو دراستها؟

إنّ معرفتي بدأت بالصدفة حين وقعت طريح الفراش إثر إصابتي أثناء العمل بمزرعتي الخاصة مما جعلني أبحث عن كتاب في مكتبة ابنتي التي رصدت اليقظة الفكرية منذ نعومة أظافرها فقد شملت مكتبتها المنزلية الكثير من المواضيع الشبابية.

وقد راقني كتاب “الشخصية بخط اليد”، قرأته وحاولت تطبيق طروحاته إلى أن وجدت نفسي منغمساً في الموضوع ورحت أبحث عن مصادر عربية. وقد درست هذا الموضوع بتوسع خلال أكثر من سنتين ومارست التحليل كهواية لسنوات عدة  حتى توصلت إلى قرار تأليف كتاب “أُسس تحليل الكتابة” باللغة العربية.

وابتدأت مشواري بكتابة ما توصلت إليه في هذا الموضوع بعد أن تبين لي مدى افتقار المكتبة العربية لهذا النوع من المؤلفات. قررت بدايةً إجراء بحث ميداني لمئات العينات من جميع إرجاء البلاد في محاولة لاستخلاص الدلائل الخاصة باللغة والحصول على ما احتاجه من الأمثلة التوضيحية.

وفي مجتمعنا هناك إقبال على طلب الاستشارة بخصوص الميول المهنية والتعليمية والعواطف، غير أنّه ما زال بعيداً عن مدى استعمالاته في المجتمعات الغربية.  

· هل تحدثنا عن حادثة طريفة أو غريبة مرت بك خلال عملك؟ 

مرةً باركتُ لإحدى زميلات العمل الحملَ فاستشاطت غضباً لأنها لم تكن تعرف أنّها حامل فظنَّت أّني أعيرها بالسمنة، ثم عادت واعتذرت بعد شهر.

· هل تتأثر عملية تحليل الخط بنوع اللغة؟ وهل يمكن لمختص عربي مثلاً أن يقرأ ميول رجل صيني من خلال خطه؟ 

نعم إلى حد ما غير أنّ ذلك متعلق بهدف التحليل، فمثلاً يمكن معرفة زيف المستندات لكن لا يمكن معرفة العواطف لأنَّ إسقاط الباطن بالكتابة يتم بلغة الأم فقط.  

· هل تتغير دلالات الرسوم بتغيُّر اللغة المستخدمة والمجتمع وثقافته؟ 

لا تتغير دلالات التحليل بالرسومات غير أنّه يجب مراعاة أجيال الرسامين لأنَّ التحليل يهتم بطريقة إسقاط القلم على الورقة ويقلل الاهتمام بمضمون الرسومات.  

· هل يمكن اعتماد هذا العلم في توجيه الطلاب مثلاً إلى نوعية الدراسة التي تناسبهم، أو اختيار الكفاءات لشغل المناصب الحيوية أو كشف التلاعب أو الخيانة في الشخصية غير السوية؟ 

نعم، وهذا من أهم مهام الاستشارة في الغرافولوجيا.

·   هل تختلف دلالات خطوط الطفل ورسومه عن البالغ، والمرأة عن الرجل؟ وهل يمكن تحديد جنس صاحب الخط أو عمره تقريبياً؟ 

بدايةً لا يجوز استعمال الكتابة لتحليل شخصية الصغار، إما في الرسومات فيجب مراعاة الأجيال لتقرير مؤشرات الشخصية. وفيما يخص معرفة جنس الكاتب أو الرسام فهذا ممكن غير أنّه صعب جداً وغير مجدٍ لأنَّ إناثاً كثيرات يحملن المؤشرات الذكورية ويسقطنها في الكتابة أو الرسم وبالعكس. 

·   هل يختلف خط الإنسان باختلاف بيئته وظروفه؟ وهل ذلك مقروء عندك كمختص؟ 

نعم، فالخط يمثل باطن الكاتب وقت الكتابة على الرغم من وجود سمات شخصية ثابتة يمكن معرفتها من خلال معاينة خط البالغين ومعاينة الرسومات للأجيال بعد عمر أربع سنوات.

· على الصعيد الشخصي، كيف تفيدك دراسة الخط والرسوم؟

أستعملها لمعرفة نشاط الموظفين والمهندسين الذين أختارهم في المشاريع التي أديرها، كما أتقاضى رسوم تحليل واستشارة.

·   هل هناك جامعات تدرس هذا الاختصاص بشكل أكاديمي؟ 

نعم، في البلاد الغربية. 

·   لنفترض أنّني أعطيتك رقيماً تاريخياً مكتوباً باللغة المسمارية، ما الذي يمكن أن تعرفه من خلال تخصصك عن الرقيم وكاتبه؟ 

الشيء الوحيد الذي يمكنني معرفته هو زيف الوثيقة.

·    إلى أي حد تتمتع تحليل الشخصية بهذه الطريقة بالواقعية والتطابق مع الشخصية الحقيقية صاحب الخط؟

يتعلق ذلك بمهارة المُحلل، فتحليل الشخصية يعطينا مؤشرات عن الشخصية ومزاجها، ومن الصعب جداً تزييف الشخصية في الكتابة، ويبدو أنّه من المستحيل تغيير ضغط الكتابة لتبني شخصية أخرى.

·   هل يمكن الإفادة من تحليل الرسوم لدى الأطفال الصغار لمعرفة اضطراباتهم النفسية وأسبابها؟ 

ممكن معرفة وجود عوائق ولكن من الصعب معرفة الأسباب، فالتحليل يعمل كالكاميرا يصور وجود العوائق ولا يفسره ولا يعالجه.

أهم مجالات استخدام الغرافولوجي:

  1. اكتشاف الجرائم والمجرمين مثل الإرهابي العالمي ماركوس مع وزراء النفط العرب في الطائرة المخطوفة.
  2. اختيار الزوجة المناسبة بالاطلاع على الصفات والطبائع المطلوبة من الخط.
  3. في الصفقات التجارية بالاطلاع على خط التاجرفتحكم ما إذا كنت تستطيع أن تتعامل معه أم لا.
  4. التوظيف، تستعمله 79% من شركات بريطانيا و80% من شركات فرنسا و85% من شركات ألمانيا.
  5. الطب الوقائي الذي يكشف العديد من الأمراض كالقولون وأمراض القلب والرئتين والسرطان وغيرها.
  6. خدمة العملاء لمراعاة طريقة العميل في فهم الأمور وتبسيط عملية الاتصال مع الآخرين.

وأخيراً تقبّل تحياتنا على هذا اللقاء الجميل وتعريفنا بالعلم التقني الرائع.

---------------------------------------------------------------------------------------------- *Material should not be published in another periodical before at least one year has elapsed since publication in Whispering Dialogue. *أن لا يكون النص قد تم نشره في أي صحيفة أو موقع أليكتروني على الأقل (لمدة سنة) من تاريخ النشر. *All content © 2021 Whispering Dialogue or respective authors and publishers, and may not be used elsewhere without written permission. جميع الحقوق محفوظة للناشر الرسمي لدورية (هَمْس الحِوار) Whispering Dialogue ولا يجوز إعادة النشر في أيّة دورية أخرى دون أخذ الإذن من الناشر مع الشكر الجزيل

Leave a Reply