المرأة العربيَّة المبدعة شعرًا ونثرًا

زينب فوَّاز (1844-1914) إنموذجًا

درِّية فرحات

المقدِّمة 

لم تكن المرأة العربيَّة يومًا متقاعسة أو متخاذلة؛ فقد سطَّرت صفحات ناصعة بيضاء على امتداد التَّاريخ، وأثبتت قدرتها على مشاركة الرّجل في الحياة العامة، وهي في تاريخنا العربي لها دورها المشهود في مجالات عديدة، وأدَّت بكلِّ جدارة دورها الفاعل في جاهليتها وإسلامها، فقد كانت أديبة تستسيغ الشّعر وتنظمه وتلذّ بالنّثر وتنسجه، وكان بين العربيّات شاعرات وأديبات مجيدات نقلت لنا الكتب أسماء كثيرات منهنّ: الخنساء، وأروى بنت عبد المطلب، وسكينة بنت الحسين، وبثينة بنت حباب بن ثعلبة العذرية، وسلمى بنت عدي بن الرقاع، وعاتكة بنت عبد المطلب، وعاتكة بنت زيد، وعمرة بنت مرداس، وليلى الأخيلية، وليلى العامريّة، ورابعة العدوية. وقد بلغ عدد الشّاعرات مائتين واثنتين وأربعين شاعرة من الخنساء إلى ولَّادة بنت المستكفي. ولم تكن المرأة العربيّة في عصر انبعاث النّهضة أقلّ رسوخًا في الفصاحة والبيان والشّعر والنّقد والقصّ من النّساء العربيّات عبر العصور الأدبيّة.

والبحث عن المكانة التي وصلت إليه المرأة العربيّة، والتّطوّر الذي اتّسم بها شعرها لا بدَّ أنّه ما كان إلّا نتيجة طبيعية لكفاح طويل، من هنا كانت الضرورة للعودة إلى نماذج لمبدعات عربيّات تميّزن ببصمتهنّ في الأدب العربيّ ومن هنا كان اختيار زينب فوَّاز.

    سنحاول في هذه الدراسة تبيان دورها وكيف كانت امرأة كاتبة مبدعة في زمن لم يكن فيه الطريق معبّدًا أمام المرأة عمومًا، فكيف بالمرأة الكاتبة؟

زينب فوَّاز (1844-1914)

ولدت في بلدة تبنين في جبل عامل 1844م ونشأت في أسرة فقيرة. كانت تبنين حينها مقر إمارة آل علي الصغير، وكان الحاكم يومها علي بك الأسعد، فتقرّبت الأديبة زينب فوَّاز من نساء آل الأسعد وقضت شطرًا من صباها في قلعة تبنين ملازمة لهنّ، لا سيما السيّدة فاطمة زوجة علي بك الأسعد التي كانت على دراية حسنة بعلوم الأدب، واستفادت منها، وتعلّمت منها القراءة والكتابة. ثم تزوّجت برجل من حاشية خليل بك الأسعد، ولم تستمر معه لاختلاف الأمزجة. بعد ذلك سافرت إلى دمشق فتزوَّجها أديب نظمي الكاتب الدّمشقي ثمّ طلّقها، وفي دمشق تعرّفت إلى ضابط في العسكر المصري فتزوّجت به وصحبها معه لمصر، وهناك ظهرت مواهبها، فكتبت رسائل عدّة في صحف مصر الكبرى، ونالت شهرة في الكتابة والشعر والفنّ، وكتبت روايتين نالت بهما زيادة في الشّهرة، وألّفت “الدُّرَّ المنثور في طبقات ربَّات الخدور”، فنالت به شهرة واسعة (سابايارد، بيومي 119-120).

كان صوت زينب فوَّاز الأوّل في الدّعوة إلى النّهضة والتّحرير وذلك في مواضيع شتَّى والقضايا التي تطرّقت إليها في الشّرق عمومًا، فلم تترك سانحة دون أن تسجِّل فيها موقفًا، وتركت أثرًا في الحركة الأدبيّة حتى أنّ البعض يرى أنّها صاحبة السّبق في كتابة فن القصّة قبل محمد حسين هيكل وروايته “زينب”، فهي رائدة كتابة فنّ القصّة في المجتمع العربيّ. 

من مؤلّفاتها: “الدُّرُّ المنثور في طبقات ربَّات الخدور”، أرَّخت فيه لاربعمائة وستٍّ وخمسين امرأة من نساء الشّرق والغرب/ “الرّسائل الزّينبية” وفيها ناصرت قضايا المرأة وحقّها في التّعليم والعمل/ “مدراك الكمال في تراجم الرّجال”/ “الجوهر النّضيد في مآثر الملك الحميد”/ ديوان شعر جمعت فيه منظومات لها/ الهوى والوفاء (مسرحية شعريّة)/ حسن العواقب/الملك قوروش.

إنّ الظّروف الاجتماعيّة والسّياسيّة هي التي دفعت بزينب فوَّاز إلى البحث عن مكان آخر تنشد فيه الأمان، فمن هنا كان تنقّل فوَّاز بين دمشق ومصر إلى أنْ استقرّ بها المقام في القاهرة. ولعلّ انتقالها إلى دمشق لم يكن خروجًا عن بيئتها التي عاشت فيها فهي تعدّ نفسها في أعمالها كلِّها كاتبة سوريّة، وقد يعود ذلك إلى أنّه في عصرها “لم يكن هناك لبنان وسورية كبلدين منفصلين، بل كانت كلّها سوريّة”(شعبان،1999، ص52)، ومنحها ذلك القوة والصّلابة لمواجهة أوضاعها الاجتماعيّة وساعدها على تجاوز أزمتها في زواجها الأوّل. وهي أوّل من طالب بتحرير النّساء العربيّات وطالبت بإصدار تشريعات لتنظيم حياة النّساء وضمان حقوقهنّ في التّعليم والعمل. وبهذا كانت أوّل امرأة تتحمّل تلك المسؤولية لقضيتها وتناقشها في المحاكم الدّوليّة، وهي بذلك قد سبقت قاسم أمين في دعوته، فكانت الرّائدة الأولى التي تحمل هذه الرّسالة في المشرق، وأنّه لا يمكن إنجاز الحضارة والتّطوّر والإصلاح دون المعرفة والعمل، مشيرة إلى أنّ الدّور الذي تؤدّيه النّساء يكتسب أهمية بالغة في خلق مجتمع مدنيّ ومتحضّر (فوَّاز، 1984، ص 20-21).

إنَّ التّلاقح الثقافي الذي خبرته فوَّاز في تنقُّلها بين جبل عامل ودمشق والقاهرة منحها شخصية قوية رائدة في أمور عدَّة، وقد انعكس ذلك في نتاجها الأدبيّ.

زينب فوَّاز ساردة 

أثار مصطلح الكتابة النّسويّة إشكاليّة على مستويي النّقد والإبداع، وأخذ يطرح أسئلة في حضورها وكينونتها على واقع المشهد الأدبيّ وعلى ظهور المرأة كساردة في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، ولم تكن المرأة اللبنانيّة بعيدة من هذا النتاج السّردي بل إنَّ دورها كان فعَّالاً في هذا المجال. ففي سياق البحث في الأدب النسائي وعن الرائدات في هذا المجال رأت د. بثينة شعبان أنَّ قبول رواية محمد حسين هيكل “زينب” على أنَّها الرواية العربية الأولى أمر يحتاج إلى مزيد من الدِّقَّة والتحرّي والتّنقيب، فرواية زينب قد صدرت عام 1914 وقد وجدت شعبان أنَّ هناك أعمالاً سرديّة من إبداع المرأة السّاردة، فقد توصَّلت إلى أنَّ الكاتبة الرّائدة للرّواية العربيّة هي زينب فوَّاز، وقد نشرت روايتها الأولى “حسن العواقب” عام 1899، ثم نشرت بعد سنوات رواية أخرى أسمتها “الملك قورش” وهي قصة تاريخيّة رمزيّة. ولأجل ذلك سنأخذ العمل الروائي “حُسن العواقب” أنموذجاً للعمل السّردي عند زينب فوَّاز.

أ. ملخَّص الرّواية

تدور أحداث رواية (حُسن العواقب) عن الصّراع بين أميرين هما تامر وشكيب على حكم منطقة جبل شامخ وكان في وصية الجد أن يلي الحكم من بعده الأرشد سنَّاً بين أبنائه ثم الأرشد سنَّاً بين أحفاده، وتتداخل في الرّواية شبكة معقدة من العلاقات العائليّة، فيحتدم الصّراع بين أبناء العمومة وكلّ منهم طامع في تولي العرش. وتقوم حبكة الرّواية على قصّة حبّ، فيقع شكيب ولي العهد الذي يتمتّع بخصال أخلاقيّة حميدة بحبّ ابنة عمِّه “فارعة” التي تبادله الحبّ. لكنّ الأمر لا ينتهي عند ذلك، فيدخل ابن عمهما تامر فيطمع بالعرش، ولا يكتفي بعرش السّلطة، إنَّما يسعى إلى الحصول على عرش قلب فارعة. وعلى الرّغم من أنّ ما يتمتّع به تامر من ثراء ومستقبل ممتاز يرجّح كفّة قبوله في مقابل شكيب اليتيم الذي لا يملك إلّا أخلاقه، فإنّ فارعة وأهلها لم يقبلوه وقبلوا بشكيب. وهذا ما يدفع تامراً إلى حبك الحيل بما فيها ترتيب اختطاف فارعة مرتين، وترتيب قتل شكيب، لكنّ شكيباً وفارعة لا يخضعان لهذه المحاولات ويصمدان في مواجهة تامر، فتقع حروب بين شكيب وتامر، إلى أن تستطيع فارعة الهرب، وتميل كفّة الحرب القائمة بين الطّرفين إلى شكيب، لتنتهي أحداث الرّواية بعقد قران فارعة وشكيب.

ب. أبعاد الحبّ في الرّواية

إذا كانت رواية “حُسن العواقب” رواية تصوّر الصّراع السّياسيّ والتّنازع على السّلطة، فهي رواية حبّ وعشق، ترسم حبكتها علاقة ثلاثية الأبعاد، بين حبيب وحبيبته، وتطفّل العذول الذي يسعى إلى إفساد علاقة الحب الصّادقة، فتحاك المؤامرات والحيل لكنَّ الغلبة تكون للحبّ في مواجهة الحاقدين. ولا يتوقّف الأمر عند هذا الأمر، فمن خلال هذه القصّة نكتشف الرّسالة التي توجّهها فوَّاز، فهي تريد من النّساء أن “يتّخذن مواقف حازمة ويعبّرن عن مشاعرهنّ بصراحة وحزم” (شعبان،1999،ص49). ولا يقتصر الأمر على هذا التّعبير الصّريح إنّما تتحوّل إلى شاعرة يصدح صوتها في التّعبير عن هذا الحبّ، فتقول بطلتها فارعة في الرّواية:

لقلبي حديث منك أنَّى خبأته إذا ما خلونا ساعة الوصل قلته 

وإنّي إذا أبصرت شخصك مقبلاً تغيّر مني الحال عمّا عهدته

وقال جليسي ما لوجهك أصفر فقلت له بالرّغم عني صبغته (فوَّاز، 1984، ص55)

إذاً بطلة الرّواية تمتلك إلى جانب جمالها اللغة التي تسمح لها بالتّعبير عما يعتمل في داخلها من أفكار، وهو ما يؤكّد رسالة الكاتبة التي غرفتها من حياتها، الباحثة عن نهضة المرأة في المجتمع، فلم نعد نميّز بين زينب فوَّاز وبطلتها فارعة، ففوَّاز في مناسبات عديدة وُصفت “بأنّها موهبة أدبيّة نادرة وأنّها درّة زمانها”(حسين، 2016، ص 63)، وهكذا كانت بطلتها “تملك قوّة النّباهة وفصاحة اللسان، ومعبّرة ومحدثّة بارعة” (فوَّاز، 1984، ص48).

ج. أبعاد القوّة والحقّ في الرّواية

إنّ القارئ لرواية حُسن العواقب يتلمَّس الوعي الفكريّ والثّقافي الذي تمتعت به الكاتبة زينب فوَّاز، فما مرّت به في مسيرة حياتها الاجتماعيّة من زواج وطلاق وما اكتسبته من انتقالها عبر البلاد دفعها إلى البحث عن حرية المرأة ومكَّنها من التّعبير عن رأيها وعدم الخضوع إلى مقاييس المجتمع، وهذا ما برز مع فارعة بطلة الرّواية التي استطاعت الدّفاع عن حبّها والثّبات على هذا الحبّ. ويمكن القول أيضًا إنّها كانت قادرة على الإعلان عن هذا الحبّ، فهي ليست خجلة أو متحفظة في التّعبير عن مشاعرها، وهذا يرتبط بحقّها كإنسان، وهو ما سعت إليه الكاتبة في كتاباتها. فاللّافت في هذه الرّواية الرّائدة التي كُتبت في مرحلة زمينّة متقدّمة هو أنّ النّساء يشكِّلنَ عناصر مهمة في مجتمعهنّ، بل إنّهنّ أيضًا يفهمن اللّعبة السّياسيّة (شعبان، 1999، ص49).

ولأنّ نادية فوَّاز نادت بحقوق المرأة وكانت مطالبة بتغيير وضعها وإصلاح شأنها نراها في الرّواية تؤكّد ضرورة استشارة الفتاة في زواجها، وهذا ما حدث مع فارعة عندما خطبها تامر، فقد كان جواب والديها أنّ لها حياتها وعليها أن تقرّر (فوَّاز، 1984، ص 80)، وربما لا يعدّ هذا خرقًا أو نداءً تحرّريًّا ذا شأن في يومنا هذا، بينما في حينه، أي منذ مئة سنة ويزيد، كانت استشارة الأنثى في أمر زواجها خرقًا للأعراف (حسين، 2016، ص 56) وجرأة نشهد فيها لزينب فوَّاز. 

هذه المرأة عجنتها الأيام فتعلّمت من الحياة ومن غربتها. فكانت قوّة فارعة في الرّواية صرخة من زينب فوَّاز تعلن فيها رفضها لما حدث معها، فهي الأنثى في مرحلة عنفوان مراهقتها وكغيرها من البشر تمتلك الإحساس والشّعور والرّغبة بالإفصاح والتّعبير عن مشاعرها الدّفينة، ففي أوّل صباها صدر قرار زواجها من رجل مسن يعمل في تربية صقور الصيد عند آل الصغير (الأسعديين)، وقد أشار الشّيخ أحمد عارف الزّين إلى أنّ الطّلاق من الصَّقَّار كان سببه عدم التّجانس وسوء التّفاهم بين الطّرفين (فرّان، لا.ت، ص 11)، فكيف يمكن لهذه الفتاة اليافعة أن تعيش مع أُمِّيّ وهي التي توقَّدَ فكرها وتوسّع وعيها؟  

د. الأبعاد السّياسيّة والاجتماعيّة في الرّواية

رواية “حُسن العواقب” تاريخ وتأريخ لحقبة زمنيّة مفصليّة في تاريخ جبل عامل، ترسم الصّراع السّياسيّ للتّهافت على السّلطة، وتعكس الأسباب الحقيقية الكامنة وراء المصائب السّياسيّة التي “حلّت بالعرب خلال تاريخهم الطّويل، التّنافس الشّخصيّ والحسد والغيرة والمصالح الأنانية الضيقة [التي] كانت مسؤولة غالباً عن كوارث سياسية كبرى حلّت بالعالم العربيّ في تاريخه البعيد والقريب”(شعبان، 1999، ص49). إذن، هي صورة عن المناخ السّياسيّ وانعكاساته الاجتماعيّة مع تصوير العلاقات العائليّة المرتبطة بالبعد السّياسيّ، وتسعى الرّواية إلى نقض تلك القاعدة وهدمها في اختيار الأمير وتقدّم مقابلها قاعدة رجحان العقل والتّعامل الجيد مع النّاس. وهذا من خلال المقابلة بين موقف كلّ من الأميرين شكيب وتامر.

استطاعت الرّواية نقل الواقع الاجتماعيّ فالكاتبة قد نهلت من بيئتها العامليّة وقدّمت رواية أخلاقيّة هادفة فيها دعوة إلى الثّبات على الحقّ، وهي رواية العبرة والأخلاق الحميدة، و”لا شكَّ في أنَّ الكاتبة كتبت رواية لتثقيف الأجيال وتنويرها لكنّ الرّسالة ليست مباشرة ولا تعليميّة بل تنبثق بشكل طبيعيّ من تعاقب الأحداث الممتعة والمقنعة”(شعبان، 1999، ص 50). 

زينب فوَّاز شاعرة

كما أبدعت زينب فوَّاز في الرّواية وكانت لها الرّيادة أبدعت شعرًا وكان لها ديوان شعريّ، فضلاً عمَّا نشرته في كثير من المجلّات والصّحف، وقد تجلَّت في شعرها موضوعات كثيرة.

أ. الحبّ والغزل في شعرها

الحبّ من القضايا الإنسانيّة المهمّة التي تشكّل حافزًا للإبداع عند الشّعراء، فنراهم يعرّفون هذا الشّعر من وجهة نظرهم، ومن خلال تجاربهم، فها هي زينب فوَّاز ترى الحبّ مجبولًا على الألم والهمّ:

وما الحبّ إلّا مقلةٌ دمعُها دمٌ وهمٌّ على همٍّ وكَرْبٌ على كَرْبِ (فوَّاز،2008، ص150)

تشبّه الشّاعرة الحبّ بالعين لكنّها عين مملوءة بدمع وبكاء، وما هو إلّا همّ وحزن وغمّ، ونراها في موضع آخر ترى أنّ الحبّ مرض لا علاج له ولا ينفع فيه الأسف:

الحبُّ داءٌ دفينٌ  ليس يدركه           علمُ الطّبيب ولا يجدي له الأسفُ

فإنْ لم يكنْ حفظ الودادِ طبيعةً      فلا خيرَ في ودّ أتى يتكلّفُ (ص185) 

وتشير زينب فوَّاز إلى ضرورة هذا الحبّ فهو كامن في الطّبيعة الإنسانيّة باقٍ في النّفوس، لكنّها تشترط فيه البعد عن التّكلّف وأن يكون طبيعيًّا، ولعلّ المفارقة في تعريف الشّاعرة للحبّ ذي المعاني الرقيقة أنّها ربطته مع مفردات تنتمي في بعدها المعجميّ إلى الوجه المضاد للحبّ، فالحُسْنُ يُظهر حُسْنَهُ الضِّدُّ.

هذا الألم هو الذي عبّرت عنه الشّاعرة وأفاضت في قصائدها فهيمن على ديوانها حقلان معجميَّيان الأول يرتبط بألم الحبّ ومرارته والثّاني بمفردات دالّة على الحبّ. ونورد على سبيل المثال لا الحصر: المعذّب- يذوب- دمعي- لهيب- العذاب- يصلي القلوب- سقم- الخفقات- يبكي دمًا- العذل- أنكرني- ذبت من شدّة الحزن- الكرب- الأوصاب – وحشتي- الحسرات- الفراق-جسمي البالي- تنازع- كبدي الحرا- براني الأسى- النوى-تجرّعت من أسى- سهاد- اشتياق ولوعة- حرّ أشجاني- قلب مكتئب- أكابد أشواقًا –عليل -نحيل – ضرام غرامه – حريق – أجفان بأدمعها – عذل وبين- وتوديع ومرتحل- الرزايا- الهجران- غراب البين- جرح قلبي- زال بؤسي- شفا نفسي من الألم … وإذا أكملنا المسح الإحصائي لسجّلنا صفحات تحتوي كلمات تشير إلى نفس واهنة متألمة تعاني من الحبّ ألمًا لما يتركه في نفسها من شجن وحزن، ولما يتركه من أثر في رغبتها في هذا الحبّ، فنراها شوقًا إلى هذا الحبيب تعدّد ما تعانيه من ألم:

وعددْتُ  أشواقِي  ليومِ لقائكم.        لأشكو الذي  ألقاهُ  منْ  ألمِ   الوجدِ 

ولكنّني  لما  حظيتُ   بقربِكم           تحيّرتُ  حتّى   ما  أُعيد    ولا  أُبدي

فيا عجبًا حتى لِسانِي يَخونني      وحتّى جُفوني في الهوى نقضتْ عَهْدي

فوالله ما طابتْ حَياتِيَ  بَعدكم       تُرى   أنتمُ   طَابَت   حَياتكمُ   بَعدي

 مددتُ إلى التّوديعِ كفًّا سقيمةً      وأخرى  على  الرمضاءِ   فوقَ   فؤادي

فلا كانَ هذا آخرَ العهدِ  منكم      ولا كانَ   ذا  التّوديع    آخرَ   زادي   (ص161-162)

فالشّاعرة تكابد لهيب الشّوق إلى هذا الحبيب، ولكن ينتابها أيضًا إحساس الحيرة عند اللقاء إذ يخونها عهد الهوى، فالحبّ يدفع المحبّين إلى الارتباط والتّواصل، لكنّه قد يتعرّض “لآفات كثيرة بعضها نفسيّ نابع من أحوال المحبّ أو المحبوب، وبعضها الآخر خارجيّ، يطرأ من تدخّل الآخرين، وبعضها من فعل الزّمن القاهر.” (عبدالله،28، ص98)، لهذا فهي تنشد اللّقاء لا الوادع.

ولتضارب مشاعر الحبيبة/ الشّاعرة فإنَّ فؤادها يلتاع وجسمها يذوي بسبب معاناتها الحبَّ والشّوق يبري جسدها، فتذرف الدّمع:

على قلبي  المعذّبِ  أنْ  يذوبَا         ويا دمْعي عَليكَ بأن تَصُوبا

فؤادي   كلُّه    أمْسَى   لهيبًا         وجِسمي جُلّه أضْحى مذوبا

إلى كمِ ذا العذابِ وليت شعري      علَام أطلتَ يا بدرُ المغيبا

وحسبُ الشّوق أنْ أفني دموعي    وأنّ الدّمع قَد أفنَى الغروبا

ومثلي منْ يذوبُ  عليكَ  شوقًا       ومثلك َسيدي يصلي القلُوبا. (فوَّاز،2008، ص147)

ولعلّ هذا ما يجعل الشّاعرة تلقي اللّوم على قلبها لأنّه رضخ لهذا الحبّ وألمه، فترى أنّ الحلّ يكمن في قسوة هذا القلب وعدم الاستجابة إلى نداءات الحبّ:

فليْتَك  يا فؤادي   كنت  فظًّا      غليظًا لا تُصَادُ ولا تَصِيدُ

وليْتكَ يَا فؤادي خُلقْتَ صخرًا      جمادًا  لا تُرادُ  ولا تريدُ

وليْتكَ يا شعوري كنتَ شيئًا       عديمَ الحسّ صاحبه بليدُ  (ص167)

والملاحظ استخدام الشّاعرة لأسلوب التمني طالبة من القلب أن يتحوّل إلى جلمود صخري لا يتأثر ولا يؤثّر في الآخرين، وإن كانت في موضع آخر تشتكي من قلبها القاسي:

لقد رقّ لي مما تجرّعتُ من أسى        فؤادُ عذولي وهُو أقْسَى من الصخر(ص171)

 ومن الملاحظ أنّ الشّاعرة في معظم قصائد الدّيوان تستدعي الحبييب الغائب لكنّ “حضوره مختبئ باستمرار خلف المشاعر الدّاخلية للشّاعرة التي تحسّ بضربات قلبه. هذا الآخر غائب على الدّوام بينما يبقى الخطاب الشّعريّ في بحث دائم عنه” (الدّوسري،2009، ص259)، وما يبقى أيضًا هو المضاعفات النّاتجة عن هذا الحبّ، من سهاد وسقم وبكاء دائم:

أيَا جِسْميَ البالي تجسّمتَ من ضَنى      ويا كبدي الحرّا تكوّنتِ من جمرِ

برانِي الأسَى   والحزنُ  بعدَ  فراقهم        فلمْ يتركَا مني سوى عَبرة تَجري

تُنازعُ  روحي   للخروجِ  يدُ   النوى          فَتحبِسُها عنّي الأماني في نحْري

سهادٌ    وسقمٌ    واشتياقٌ   ولوعةٌ           وصبحٌ بلا ضوء وليلٌ بلا فجر   (ص170)

ب. الحبّ الإلهي في شعرها

الحبّ الإلهي أصفى ألوان الحبِّ وأنقاها وأسمى أنواعه وأرقاها. تقف فوَّاز أمام قضية المصير والوجود والدّهشة ترتسم في ذهنها، فبداية الحياة دليل وجود، إنّها ترسم الرجاء/ الخشية في المستوى الموضوعاتي، وهو إن تركها فهي باقية، فالإنسان هو الفاني والأرض مستمرة تستقبل غيره:

بدءُ  الحياةِ  وجود  حيث         نَغْشاهُ ونظلّ نرجُو وما نرجُوه نخشاهُ

المرء في جوهر الدّنيا حكى عرضًا         يزولُ عنها وتبقى عنه دنياه

والعيشُ  في كرةِ  الغبراءِ       مشغلةٌ بينَ الحوداثِ والعقبى قصاراه  (ص112)

الحياة تأخذ بفكر الشّاعرة فتعبّر وفق فلسفتها عن طبيعة البدء والوجود وترسم الصّراع الذي يحياه الإنسان ومعاناته مع حوادثها ومصائبها، وقد تنحو في أفكارها إلى أبعاد فلسفيّة فيكون لها موقف من القدر:

فإنْ يكُنْ قَدرٌ قدْ عاق عن وَطَرٍ       فلا مردَّ لما يأتي به القدرُ  (ص168)

إنَّه استسلام لمشيئة القدر، فإذا أعاق القدر تحقيق غاية أو مأرب فلن يستطيع أحدٌ الوقوف في وجه القدر. تعلن الشّاعرة خشيتها من هذا القدر القادر على تغيير مسار رغباتها واحتياجاتها.

ج-  ثنائية الحياة والموت وشكوى الدّهر 

من المسلَّم به أنَّ لحظة الولادة لا بدَّ أن تقابلها لحظة الموت فما من مخلَّد على وجه الأرض، لهذا فقد شغلت هذه الثنائية الشّاعرة فارتبطت بموقفها من الدّهر تشكوه إلى الخالق: 

إلى الله أشكو جورَ دهرٍ معاندٍ         وقعتُ أسيرًا في يديه فجافاني (ص208)

إنّها تعيش غربة روحيّة نفسيّة سببها قساوة الدّهر الذي سبّب لها الألم والشكوى والتّشاؤم، فالإنسان يتأثّر بما حوله من المؤثّرات وتضعف مؤشرات المقاومة لديه وتقوى في مواجهة النّكبات والمصائب وفي مكابدة صروف الزّمان وتبرز لديه الشّكوى من الدهر والزّمان، وقد أكثرت الشّاعرة من وضع اللوم على الدّهر وقادها هذا إلى التّشاؤم:

أمنت  إلى هَذا وذاكَ  فلمْ  أجدْ             منَ الخلقِ منْ أرجُوه في عالمِ الحسّ

وأيقنت أنْ لا خلَّ في الكون يُرتجى       من النّاسِ حتى كدْتُ أرتابُ من نفسي.  (ص178)

إنَّها تبحث في دنياها عن الأمان والرضا النّفسيّ فلا تجده حتى باتت تشكّ في نفسها، إنَّ روحها تنشد الخلاص لكنّ ذلك لم يمنعها أن تسير في درب الحياة تبحث عنه إلى أن أيقنتْ أنَّه لن يكون في هذا الكون، ولعلّ هذا ما قادها إلى الشّكوى من الدّهر: 

لقد طال جَوْر الدّهر وهو مخادعٌ          فيمناه تُبكيني ويُسراه تمسحُ (ص160)

تواجه الشّاعرة ظلم الدّهر الذي باتت لا تأمنه فهو يقدم لها وجهين متناقضين: يبليها بمصائب تبكيها ثم يقدِّم لها وجهًا مرضيًّا أنيسًا يفرحها، فهل ترضى بمن قدَّم لها المصائب والبلايا؟ 

د- الأسرة في شعرها

الأدب ناموس اجتماعيّ يحاكي الحياة التي هي في أغلبها حقيقة اجتماعيّة، لهذا نرى الشّاعرة زينب فوَّاز تكثر من الحديث عن ابنها محمد بك السّهيل وهو في المكتب السلطاني في بيروت، وتعوّدت أن تصدِّر رسائلها له بأبيات من الشّعر، ومما قالته:

بُنَيَّ رعاكَ اللهُ  قلبي في  لظى          غلتْ لم تسكِّن حرَّها أدمعٌ سُجْمُ

وأصبو لريح هبَّ من نحوِ أرضكم      وأرصد نجمًا فوق مصرِكمُ يسمو  (العامليّ،2004،ص 563)

وتظهر جليًّا عاطفة الشّاعرة المحبّة لابنها وشوقها الدائم له، فدموعها تسيل فوق خديها من شدة الشّوق ولا تترك مناسبة إلّا وتعبّر له عن عاطفتها الجياشة، فها هو يتوجّه إلى مدرسة حمص فتخاطبه قائلة:

لأنْتَ مُنى نفسي منَ النّاسِ كلِّها          وقرّةُ عيني  بل ضِياها  ونُورها

فيا غائبًا عني وفي القلْبِ شخْصُه        ترفَّقْ  بأحشاءٍ  نواكَ  يُضيرُها

ولي مهجةٌ لا تحملُ البعدَ  والنوى         لكَ الله هل من مهجةِ أستعيرُها  (ص 564)

مشاعر أمٍّ رحل عنها ابنها فهي تعاني مرارة غياب قرّة عينها وتدعو الله أن يحميه، فقلبها لا يتحمّل البعاد والنوى. هي مشاعر كلّ أمّ يرحل عنها ابنها طوعًا أو مجبرًا، مشاعر الأم الحنون العطوف التي ترى في تربية ابنها صلاحًا للمجتمع. 

هـ- القيم الاجتماعيَّة والإنسانيَّة  

زينب فوَّاز كانت رائدة في دعوتها الإصلاحيّة، فقد دعت إلى تربية البنات قائلة: “المجتمع الصالح بنسائه الصّالحات، ولا يصلح طفل إذا شبَّ في حضن امرأة جاهلة ولا تتغير أخلاقه ما صار فيه طبعًا غزيزيًّا، فالطفل الذي أحسنت أمّه تربيته كمثل البناء الذي يرفع على أساس مبنيٍّ، فبالنّساء الصّالحات تعمر الدور والممالك ومن بين أيديهنّ تخرج الرجال” (فوَّاز، 2012، ص78)، ويبرز اهتمام الشّاعرة بالإصلاح من خلال حرصها على من يسهم في إصلاح الأمة والمرأة، فتمدح مجلّة “الفتاة” التي نشرت مقالاتها الإصلاحية، ومما قالته:

عزُّ الفتاةِ يَزينُ أربابَ الأدبْ        وبها ازدهى الجنس اللطيف كما أحب

لله    درُّ    فتاتنا    وفنونها         فلقدْ  حوتْ  من  كلّ  معنى  مُنتخب

فليَهنأِ الجنسُ اللطيف بنشأةٍ      ما كان يبلغها الزمانُ  ولو طلب  (فوَّاز،1984، ص154)

فالشّاعرة تقرظ مجلة الفتاة رابطةً بينها وبين دورها في خدمة الفتيات وما تقوم به من دور إصلاحي؛ فتنوّع موضوعاتها يخدم الجنس اللطيف الذي يزدهي بها.

ومن الموضوعات التي تطرّقت لها الشّاعرة ما يتعلّق بالعلاقات الإنسانيّة، ومنها ما له علاقة بالجيران مع بعضهم البعض، فنراها تولي هذا الجانب أهميته:

يامرحبًا بقدومِ جيرانِ  النقا          كملَ السّرورُ بهم وطابَ الملتقى

أنستْ بقربِهم المنازلُ واغتدى        الزّمانِ بهم  منيرًا  مشرقا

يا جيرةً صفتِ الحياةُ بقربهم        وغَدا بهم روضُ المسرَّةِ مونقا (ص184)

ترى الشّاعرة الأنس والسرور والإشراق والصفاء بجيرانها، ولعلّها بذلك تؤكد ما يرد في المثل الشّعبيّ ” الجار قبل الدّار”. وفي طيّات مدحها لجيرانها واعتزازها بهم دعوة صريحة لهذا العلاقات الإنسانيّة الضّروريّة السّاعية إلى التآخي والتلازم بين أفراد المجتمع، فمتى تكاتف الجميع معًا صلُح حال المجتمع. وتستمرّ دعوتها هذه من خلال تأكيد العلاقات الإيجابيّة بين الرفاق، فهي لا تنساهم مهما بعدوا عنها، بل إنَّ الشّوق يقودها إلى تذكّرهم، فهم في بالها حتى لو زهقت روحها:

لو كنتَ تبصر  حالتي           أغنتك عن وصفِ اشتياقي

ركض  الليالي  إنّها              قدْ  أبعَدتني  عنْ   رفاقي

ما كنتُ  أنساكم  ولو            بلغت بي  الرّوحُ   التراقي (ص186)

وهذه الصورة الإيجابية في العلاقات الإنسانيّة لا تمنع الشّاعرة من التّعبير عن بعض المواقف المعيبة في المسلك الأخلاقي عند بعض البشر:

أنستُ  إلى  هَذا وذاكَ  فلم  أجدْ         من الخلقِ من أرْجوه في عالمِ  الحسِّ

وما  رمتُ  من  أبناء دهر  معاندٍ          أخا  ثقة  إلّا  استحال  على  العكس

فأصبحت في ريب في من شطَّ أو دنا ولو كانَ في المرِّيخِ أو جبهةِ  الشَّمس

وأيقنتُ أنّ لا خلَّ في الكون  يُرتجى     من النَّاس حتى كدتُ أرتابُ من نفسي (ص177-178)

ولا نقول إنّ الشّاعرة قد وقعت في تناقض مع نفسها في مواقفها من المجتمع، لكنّها التّجربة الإنسانيّة التي تكون قد مرّت بها تدفعها إلى هذا التباين في مواقفها، فموقفها التّشاؤمي من البشر ما هو إلّا نتيجة إحساسها المرهف الذي جعلها ترتاب بالنّاس وحتّى بنفسها. وفي الحالين، الشّاعرة توجّه رسالة سامية إلى أفراد المجتمع في ضرورة التآخي وسلوك الأخلاقيّات السّليمة.

الاتّجاه الوطنيّ والقوميّ في شعرها

الـوطنيّـة نـزعـة اجتماعيّـة تـربط الفـرد البشـري بالجمـاعـات، فتتحدّث الشّاعرة عن قلعة تبنين التي أفنت الأجيال ولم يؤثر على أسوارها الدّهر:

يا أيّها  الصّرح  إنّ  الدّمع   منهمل         فهل تعيد لنا يا دهر من رحلوا

قدْ كنتَ  للدهرِ  نورًا   يستضاءُ  به         أخنى عليك البلى يا أيّها الطّللُ

قد كنتَ مسقط رأسي في ربى وطني     إنَّ الدّموعَ على الأوطانِ تنهملُ

تبنين إن كنتِ في بعدي على حزنٍ         فاليوم يوم رجوعي القلب يشتعلُ

وقفتُ   وقفة   مشتاقٍ  به  شغفٌ           علّي أرى أثرًا يُحْيَا به الأمل(ص29-30)

قصيدة بأبياتها الطويلة تتحدّث فيها عن عظمة قلعة تبنين أمام الأهوال والمصائب، وفيها أيضًا تتحدّث الشّاعرة عن حنينها إلى تبنين وقلعتها بعد أن تركتها وهاجرت إلى مصر، فهذه الدموع تنهمر منها اشتياقًا وحبًّا وحنينًا، وتبدو الشّاعرة في وقفتها هذه كالشّعراء العرب القدامى الذين وقفوا على الأطلال فأثارت أشجانهم، وهذا الشّجن يدفعها إلى العودة وقلبها يشتعل شوقًا، ويبدو من كلامها ” أنّها كانت تهمّ بالعودة إلى موطنها الأول، وكأنّما نفسها كانت تحدّثها بدنوِّ أجَلها. فقد ألمّ بها المرض وتوفيت في التاسع عشر من كانون الثاني عام 1914″ (ف.فوَّاز، 1984، ص14).

الخاتمة

لقد أفضت بنا الدّراسة التي أردنا من خلالها تعرُّف الرّكائز والسّمات التي تغلّف الكتابة النسائيّة إلى أنّ زينب فوَّاز مبدعة عربيّة، استطاعت أن تحصل على الرّيادة في كتابة الرّواية، وأن تكون محاولتها دلالة على إبداع المرأة، ومن الطّبيعيّ أنّ هذه المحاولة تُقاس قيمتها السرديّة بحسب زمانها. 

أمّا شعرها الوجداني فقد غلب عليه طابع الحزن والشّكوى وتصوير المعاناة من ابتعاد الأحبّة ورحيلهم، ومن الملاحظ أنّها ابتعدت عن التصوير الحسي للحبّ، ولعلّ هذا يعود إلى طبيعة البيئة التي نشأت فيها، فلم تكن لديها الجرأة لتصوير العلاقة الماديّة الجسديّة مع الحبيب واكتفت بتصوير المشاعر والأحاسيس. 

ويمكن القول إنّ دعوة الإصلاح التي نادت بها الشّاعرة دفعتها إلى وضع “كتاب الدّر المنثور” الذي ترجمت فيه لقرابة خمسمائة امرأة من جميع الملل والعصور، منذ بلقيس وحتى عصر وفاة المؤلفة. الكتاب طبع عام 1312هـ وعلى أهميته لم تجدد طبعته منذ أكثر من قرن، لكنّها لم تتحدّث عن نفسها، وتجدر الإشارة إلى أنّ من يسأل عن نتاج الأديبة زينب فوَّاز يصيبه الإحباط والتّعب، فمعظم نتاجها مفقود وغائب عن المكتبات ودور النشر، وبهذا تكون فوَّاز قد قصّرت في حقّ نفسها وحرمت الباحثين من المصدر الأصيل لتعرّفها، وكما يبدو فإنّ الباحثين أيضًا قد أهملوا هذه الكاتبة الرّائدة وتأخر نتاجها في أن يكون بين أيدي القرّاء. 

لهذا فإنَّنا نوصي بالاهتمام بنتاج زينب فوَّاز وجمع المنثور في المجلات والصّحف وإعادة نشر كتبها، وهو عمل يسهم في الإضاءة على كاتبة عربيّة بارزة. 

المصادر والمراجع

  • حسين، جميلة أمين(2016)، المرأة في الرّواية اللبنانيّة المعاصرة (1899-2009) (ط 1)، بيروت: دار الفارابي.
  • الدوسري، أحمد (2009)، اتجاهات الشّعر المعاصر في الجزيرة العربيّة (ط 1)، القاهرة: هفن للتّرجمة والنّشر والبرمجيات.
  • سابايارد، نازك، وبيومي، نهى(2000)، الكاتبات اللبنانيّات بيبليوغرافيا 1850-1950 (ط1)، بيروت: دار الساقي.
  • شعبان، بثينة(1999)، 100 عام من الرّواية النسائيّة العربيّة (1899-1999) (ط 1)، بيروت: دار الآداب.
  • العاملي، محسن الأمين، العاملي،حسن الأمين(2004)، روائع الشّعر العاملي (نفحة الأقلام في شعراء أمراء الكلام شعراء جبل عامل) (ط 1)، تحقيق محسن عقيل، بيروت: دار المحجة البيضاء ودار الرسول الأكرم”.
  • عبدالله، محمد حسن (1980)، الحبّ في التّراث العربيّ (لا ط)، الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، عالم المعرفة، العدد 36، ديسمبر.  
  • فرّان، لطفي(لا ت)، زرع أخرج شطأه (لا ط)، لا م، لا ن ج 3.
  • فوَّاز، زينب (2012)، الرسائل الزينبية (لا ط)، القاهرة:مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة.
  • فوَّاز، زينب(2008)، ديوان زينب فوَّاز (ط 1)، جمع وتحقيق حسن محمد صالح، بيروت: دار المحجة البيضاء.
  • فوَّاز، زينب(1984)، حسن العواقب، الهوى والوفاء (لا ط)، تحقيق وتقديم فوزية فوَّاز، بيروت: المجلس الثقافي للبنان الجنوبي.
  • فوَّاز، فوزية(1948)، وجوه ثقافيّة من الجنوب (لا ط)، تقديم بقلم حبيب صادق، بيروت: المجلس الثقافي للبنان الجنوبي.

---------------------------------------------------------------------------------------------- *Material should not be published in another periodical before at least one year has elapsed since publication in Whispering Dialogue. *أن لا يكون النص قد تم نشره في أي صحيفة أو موقع أليكتروني على الأقل (لمدة سنة) من تاريخ النشر. *All content © 2021 Whispering Dialogue or respective authors and publishers, and may not be used elsewhere without written permission. جميع الحقوق محفوظة للناشر الرسمي لدورية (هَمْس الحِوار) Whispering Dialogue ولا يجوز إعادة النشر في أيّة دورية أخرى دون أخذ الإذن من الناشر مع الشكر الجزيل

Leave a Reply