هبة عبد الجواد وحوار عن أساليب وبرامج التربية والتعليم العربية الحديثة 

* أسَّست برنامج إيديكويست للخدمات التعليمية بمصر، ولها اهتمام بتصميم البرامج التعليمية للبيئات ذات الموارد الفقيرة.

* البرامج التي أعمل عليها تعتمد على استراتيجيات تحفيز ملَكة التساؤل الفكري والفضول المعرفي وأؤمن بالتعليم التحويلي.

حاورها التربوية هبة عبد الجواد أحمد الحاج 

* ماذا تقرأ بطاقتك الشخصية والمهنية؟

– اسمي هبة عبد الجواد، تخرجت في كلية الهندسة بتقدير ومرتبة شرف إلَّا أنَّ ظروف السفر نقلتني للتدريس بعد التخرج مباشرة، اكتشفت حبِّي له فغيَّرت مجال دراستي وعملي، وتنقَّلت بين الوظائف في مجال التعليم معلمةً في مدرسة ومن ثُمَّ محاضرة في معهد للفنون والتصميم الإعلامي ثمَّ رئيسة للقسم، درَّستُ خلالها تقييم وتصميم مناهج ونظم تعليمية، وأعمل حالياً مديرة التعليم بمعهد المقاصد العالمي، كما أسَّست برنامج إيديكويست للخدمات التعليمية بمصر الذي يقدم مناهج وبرامج للمؤسسات التعليمية. وخلال عشر السنوات الأخيرة قمت بتصميم أطر تربوية وبرامج تعليمية ومناهج لمؤسسات في مصر والسعودية وقطر وأوغندا. لديَّ اهتمام خاص بتصميم البرامج التعليمية للبيئات ذات الموارد الفقيرة، والبرامج التي أعمل عليها تعتمد على استراتيجيات تحفيز ملَكة التساؤل ليكون لدى المتعلمين دوافع ذاتية للتعلم، ولينتقل من خلالها المعلم من التفكير بأساليب التدريس التقليدية إلى التفكير في تصميم الخبرة التعليمية.

وخلال الأعوام الأربعة الماضية قدمت مع فريقي الكثير من المشروعات التعليمية للأطفال والبرامج التدريبية للمعلمين والمدارس وخدمات تصميم المناهج للمؤسسات والهيئات التعليمية، فضلاً عن تنفيذ مبادرة مجتمعية سنوية غير ربحية. 

* هناك برامج ونظم تربوية تركن الى الأساليب التقليدية التي لا تهتم باحتياجات الطالب والمجتمع. ما هي الأسس والمبادئ التربوية التي تعتمدين عليها؟

– أؤمن بالتعليم من أجل التغيير أو بما يسمى بالتعليم التحويلي transformative learning، أي أن يُحدث التعليم تغييراً إيجابياً عميقاً في الفرد على مستوى فهمه وتفسيره للعالم، فضلاً عن مجمل تصوراته وتصرفاته ممَّا يمنحه القدرة على اكتشاف قدراته وتنمية مهاراته وصقل مواهبه والعمل على استثمارها وتطويرها ذاتياً وبشكل أفضل. وتأسيساً على ذلك فأنا أعتمد على مبادئ وأسس تربوية تعزِّز ملَكات التعلم الذاتي في الطالب وتُكسبه المعارف بالطرق التي تمكنه من استدعائها خارج نطاق (الخبرة) لاسيما في البيئات ذات الموارد المحدودة، زيادة على علاج مشاكل عدم الشعور بالأمان الاجتماعي والمعاناة من الفقر الثقافي والجدب المعرفي والتصحر الفكري، والعمل على تعزيز سيناريوهات التعلم بناء على إرشادات تربوية تساعد المعلم وتكسب المتعلِّمين خبرات ومهارات تتيح لهم العمل بما هو متيسِّر وفي الوقت المناسب (تطبيقًا لمفهوم منطقة النمو القريبة المركزية لفيجوتسكي، والتعلم بالملاحظة لباندورا) وغيرها من المفاهيم والمبادئ التي تتمحور حول المتعلم وليس على المحتوى أو على المعلم، كذلك العمل على توظيف استراتيجيات تتسم بمرونة التطبيق بخاصة في البيئات ذات الموارد الفقيرة. ولتحقيق كل أو بعض ما تقدَّم آنفاً فنحن نستخدم مبادئ علوم التنفيذ implementation science لضمان الوصول إلى فهم صحيح للمشكلات والاحتياجات التربوية وتطبيق لمنهجيات التحسين Improvement approaches بغية التغلب على عوائق التنفيذ ومن داخل المنظومة التعليمية ذاتها، ومنها استخدام طريقة plan/ do/ review method 

* وضعت الدراسات والبحوث الأخيرة السَّبَّابة والإبهام على جملة أسباب تقف وراء تراجع التعليم لاسيَّما الابتدائي منه في عموم الوطن العربي، منها التركيز على الدراسة النظرية وإهمال الجانب العملي والتطبيقي، وعدم استخدام التكنولوجيا والوسائل الإيضاحية الحديثة، والاعتماد على أسلوب التلقين والحفظ واعتماد المناهج الدراسية التقليدية، وسوء التخطيط، وسوء الإدارة أحياناً، ما ترَين في ذلك كله؟ 

– في مجتمعاتنا العربية كثيرٌ من المشاكل الناجمة عن ضغوط اجتماعية واقتصادية نقلت بمجموعها التعليم من منظومة تربوية لبناء الإنسان بشكل متكامل ومتوازن إلى منظومة وظيفية جامدة ينتقل فيها الطالب من مرحلة إلى أخرى دون أن يستفيد شيئًا ودون أن يُحدث لديه كلُّ أو جُلُّ ما تعلمه التغييرَ الإيجابي المنشود، فضلاً عن عدم القدرة على توظيف كل ما تعلمه بعد انخراطه في سوق العمل. وبالفعل فإن الكثير من التقارير والدراسات قد رصدت هذه الإشكالية، لكن –والحقُّ يقال- هناك توجهات لتبنِّي طرق وأساليب التعليم الحديثة في دول عربية عدة مع وجود بشائر على المستوى النظري والتطبيقي لتطوير السياسات التربوية وإعداد المناهج، تقابل ذلك منظومات تعليمية في دول عربية أخرى مازالت تعاني ضعف الأداء وقلة الخبرة واعتماد مناهج تركز على التلقين والحفظ، والذهول عن الاهتمام بالفوارق الفردية، وعدم التركيز على بناء متكامل لشخصية المتعلم. 

  وهناك جملة من التحديات والعقبات التي تسببت في هذا التراجع، يأتي في مقدمتها ضعف الإمكانات وضعف القدرات لضعف مستوى خريجي كليات التربية وغياب التعليم الجامعي المناسب لإعدادهم معلمين وتربويين مستقبليين، فضلاً عن عوامل تتعلق بمنظومة التعليم ذاتها فهي لا تعتمد على مناهج متطورة تستند إلى اتجاهات التعليم التي ترتكز على الطالب، ولا توفر طرائق التدريس المناسبة لتنفيذ هذه المناهج التي تم تطويرها، كما أنَّها لا تضع في اعتبارها بناء البيئة التعليمية اللازمة، بالتزامن مع قصور نظرة المجتمع العربي العامة إلى التعليم ممَّا ينعكس سلباً على المعلم وولي الأمر والطالب على حد سواء. فأحيانًا يقاوم المعلم تغيير أساليب التدريس التقليدية، وبعضهم ينحصر تفكيره وتقتصر نظرته للتعليم على أنَّها مهمة وظيفية، مع غياب التواصل بينه وبين الطالب لتحفيزه على التعليم. وبعضهم لا يمتلك المهارة أو الخبرة الكافية التي تمكنه من استخدام وسائل متعددة فيلجأ الى الأساليب التقليدية، مع ضعف الإمكانات، والكثافة العددية للصفوف الدراسية. وهناك من لديه قناعة شبه تامة بأن الأساليب المختلفة والمتجددة ليست ذات قيمة وقد تبعد الطلبة عن مضمون الدرس وحفظ المعلومات بالطريق التقليدية .

وهناك عوامل أخرى تتعلق ببعض أولياء الامور ممن لديهم فهم خاطئ عن التعليم ودوره في بناء الحياة والمجتمع، فتراه يضغط على الطفل ليحفظ ويحصل على أعلى الدرجات ولا يعير اهتماماً للقيم والمهارات المكتسبة، فهذه كلها تحديات ومعيقات تتطلب تغييرًا جذرياً في مفاهيم التربية والتعليم وأساليبها قبل الذهاب الى تطوير المناهج، فكثير من المناهج المطورة والدورات المهنية المكثفة تضيع وسط هذا الكم الهائل من التحديات والعقبات، لاسيَّما أنها لا تغير من قناعات القائمين على العملية التعليمية.

*هناك توجهات حديثة للاهتمام بملكات التفكير النقدي والبحث والاستكشاف. كيف يمكن أن يُدرَّب الطلاب على هذه الملكات، وإلى أي مدى يمكن تطبيق هذه الاستراتيجيات في مجتمعاتنا العربية مع ضعف الإمكانيات؟ 

– يعد تدريب الطفل منذ الصغر على مهارة الاستقصاء من أهم الاستراتيجيات التي تنمي التفكير النقدي، وبخاصة الاستقصاء التعاوني الذي يعني قيام الطلاب بالبحث والتقصي من مصادر مختلفة عن موضوع معين في صورة عمل جماعي، وتعتمد هذه الاستراتيجية على فلسفة (جون ديوي) الذي يرى أنَّ الصف المدرسي صورة مصغرة للمجتمع، وأنَّ تفاعل الطالب مع زملائه كمجموعة للتعلم التعاوني يماثل تفاعله في المجتمع، ويتم ذلك من خلال عرض مصادر معرفية متنوعة حول المشكلة قيد الدراسة، و يقسم الطلاب إلى مجموعات، تقوم كل مجموعة بصياغة الأسئلة ليتولى المعلم مهمة التحفيز عبر صياغة المزيد من الأسئلة ومن ثَمَّ العمل على تصنيفها وترتيبها على أن تتضمن أسئلة مفاهيمية وأسئلة مفتوحة وأخرى مغلقة، والقيام ببعض الأنشطة التفاعلية التي تعتمد على استخدام الطفل مفاهيمه السابقة واختبارها في ضوء ما يعرض عليه من معلومات جديدة، كما يمكن ممارستها في المنزل بشكل عفوي وتلقائي من خلال استثمار أوقات فراغ الاسرة، أو خلق لحظة قابلة للتعلم عبر إثارة موقف لتحفيز الطفل على طرح الأسئلة والبحث عن المعلومة أو إيجاد حلول لها، وإشباع فضوله العلمي بشكل تعاوني يتخلله الحوار الهادئ والنقاش البنَّاء، فضلاً عن الزيارات الميدانية والرحلات والجولات اللاصفية وقراءة القصص وما شاكل، وتصبح العملية أكثر جدوى في حال مشاركة الأب أو الأم الطفلَ فيها، وإشعار الأبناء بأنَّ لدى الأبوين الفضول ذاته للوصول إلى إجابة عن التساؤلات ثم تفنيدها، وهكذا تنمَّى لدى الطفل ملكة التمييز وإصدار الأحكام السليمة.

* لديك اهتمام خاص بما تسمينه ثقافة التساؤل، وتقديم برامج تدريبية للمعلم ولولي الأمر من شأنها أن تساعدهم على تحفيز ملكة طرح الأسئلة، فما سبب ذلك؟

– الطفل يسأل بالفطرة، ولديه فضول فطري لاستكشاف العالم من حوله، فإذا ما استُقبِل هذا الفضول واستُثمِر تربويًا في المنزل أو المدرسة فإنَّه سيعزز لديه ملكات البحث والاستكشاف والتقصي، وستتولد لديه الكثير من الأسئلة التي تحفزه على تعلم المزيد على الدوام وطرح الأسئلة دون تردد، وهنا تكمن الفائدة المرجوة، فمن عادة المعلم أن يطرح الأسئلة ليجيب عليها الطلاب، أما في المنزل فيتلقى الطفل الأوامر والتوجيهات والتوصيات الجاهزة، والمحصِّلة ضمور ملكة السؤال عنده لتصبح أسئلته تقليدية تحاول أن تجاري من حوله وليس من أجل الفهم والاستكشاف. 

وقد حدث معي موقف ذات يوم جعلني أركز جل اهتمامي على نشر الوعي لدى الأسرة وتغيير اتجاهات المعلم للاهتمام بتحفيز فضول الطلاب.فقد كنت في زيارة لأحد معارض الكتاب، ولفت نظري طفل يريد أن يشتري دمية على شكل حيوان غير مألوف نوعًا ما لكنَّ والدته رفضت وأجابته بطريقة جعلتني منذ ذلك اليوم أعقد العزم على تركيز جل اهتمامي على تحفيز الفضول الفطري لدى الأطفال والمتعلمين عامَّةً. يومها قالت الأم: سأشتري لك دمية تعرفها، مثل الدبدوب أو القطة. واشترت له بالفعل الدمية التي تعتقد في قرارة نفسها بأنها الأقرب إليه وسط إلحاح الطفل للحصول على دمية الحيوان الجديد الذي لم يسبق له مشاهدته. إنَّها حلقة مفرغة تضع الطفل وتنشِّئه في قوالب جاهزة وجامدة تمنعه من استكشاف العالم من حوله، ومنذ ذلك الحين شعرت برغبة قوية للاهتمام بكل ما من شأنه الإسهام في بناء بيئة تعليمية محفزة للفضول وللتعلم سواء في المنزل أو المدرسة من خلال برامج إثرائية تعتمد على التساؤل الذاتي وتثقيف الأسرة بمفاهيم تربوية تساعدهم على استقبال أسئلة الأطفال واستثمار اللحظات القابلة للتعلم (الطفل يسأل ليستكشف ويفهم، وليس فقط للحصول على إجابات نموذجية).

*ما الذي قتل الفضول المعرفي لدى الأطفال برأيكم، وهل للمدرسة دور في ذلك؟

– لندع الحكم القطعي على المدرسة بأنها السبب في ذلك كله لأنَّها كمؤسسة قد تكون بيئة تعليمية ممتازة أو بيئة تعليمية مجهضة لفضول الطلاب، ويمكننا القول إنَّ المدرسة التي تعلِّم الفرد الإيداع، وليس الإبداع، مدرسة طاردة للفضول المعرفي لأنَّها تحفِّزه على التهام أكبر قدر من المعلومات ( = إيداع) دون أن تزرع عنده الدافع لاستخدامها ولا معرفة كيفية استخدامها، ومدى حاجته الفعلية للمعلومات كلِّها من عدمها، ممَّا يجعله يعتاد على هذا النهج في التفكير فلا يستوعب المعلومة لكي يمارسها ويتقنها ويستخدمها وإنَّما لمجرد أن يستدعيها من الذاكرة لنقلها إلى مكان آخر، وهكذا تستمر العملية في المراحل الدراسية المختلفة. 

  لا شكَّ في أنَّ المؤسسة التعليمية التي تعلم الفرد تلقِّي المعلومات دون أن يفكر أو يميز أو يختبر صحة ما يتلقاه منها مؤسسةٌ تقتل الفضول والرغبة في البحث والاستكشاف.كذلك المدرسة التي تضغط على طلابها وتشعرهم بالقلق والخوف من الفشل هي مدرسة لا تكبح جماح الفضول المعرفي فحسب بل تمنع التعلم أيضاٌ. وقد أولى (جون هولت) هذه المسألة في خمسينيات القرن التاسع عشر اهتماماً خاصاً ودوَّنها في مذكراته (كيف يفشل الأطفال؟) وكان يرى أنَّ الطلاب لم يفشلوا لأنهم أقل ذكاءً بل لأنهم خائفون، ولأنهم يشعرون بالملل، ولأنهم يتعلمون بطرق لا تجعلهم يفكرون فيما يتعلمونه، ولأنهم يتعلمون أشياء لا يشعرون بأنها ذات قيمة أو جدوى. فالطالب انعكاس للتنشئة المدرسية، فإذا كانت هذه البيئة سلبية وغير محفزة للتعلم فسنرى في المستقبل أناساً فاقدين للفضول المعرفي الذي يؤهلهم إلى تطوير أنفسهم ذاتيًا، ولا يبحثون سوى عن الإجابات النموذجية حتى في حياتهم المهنية والأسرية، لينظروا إلى قيمتهم وشخصيتهم بالمنظور الذي تربَّوا عليه، فالذي يقوِّم الطلابَ كلهم على مسطرة واحدة مهما تباينت قدراتهم ومهاراتهم وإمكاناتهم يقع في المحذور . 

*(مبادرة تساؤل) إحدى المبادرات المهمة التي كان لكم إسهام فيها، حبذا لو توجزين لنا تفاصيلها ورؤيتها وأهدافها ورسالتها؟

– التفكير في المبادرة بدأ مع أزمة جائحة كورونا في العام 2020 حين أصبح فيه التعليم عن بعد. وقتها تبنت بعض الوزارات أسلوب كتابة البحوث الكترونياً بدلًا عن الاختبارات الصفية. في ذلك العام لاحظنا كيف تعامل الطلاب وأولياء الأمور مع تلك التجربة، وعلى الرغم من أنها كانت فرصة ليبحث الطفل بنفسه ويستكشف فالغالبية العظمى كانت تحرص على تسليم ما انجزت دون التركيز على ما تعلمه الطلاب أو ما إكتسبه من مفاهيم ومهارات وخبرات جديدة، فرأينا نسخاً للمعلومات من الشبكة العنكبوتية دون فهم، فضلاً عن واجبات يقوم بكتابتها الأباء بدلاً عن الأبناء، ولاحظنا ضعفاً واضحاً في مهارات الكتابة والبحث، ومردُّ ذلك كله إلى غياب الرغبة الذاتية في التعلم. 

وبناءً على ما تقدم فقد فكَّرت في تأسيس هذه المبادرة التي تهدف إلى تنمية الدافع الذاتي للتعلم وتعزيز الفضول الفطري لدى الأطفال واليافعين، وبدأت في تشكيل فريق من المتخصصين ممن لهم الفضل في نجاحها وتأسيسها منذ البداية. والمبادرة تطوعية بالكامل، وتقدم مجانًا عن بعد لقرابة مائتي طفل سنويًا، وتهدف إلى تنمية القدرات الكتابية والقرائية ومهارات البحث والاستكشاف للطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 9-17 عاماً، مع التركيز على الأطفال واليافعين في القرى والمناطق النائية، وتدريبهم من خلال وسائل متاحة تضمن تفاعلهم عن بعد وتحفيزهم على التعلم الذاتي. ورسالتها هي الإسهام في تعزيز اتجاه التعلم الحديث لتنمية ملكات البحث والاستكشاف والتساؤل لدى الأطفال من الفئة المستهدفة وتغيير ثقافة الأسرة والأطفال ونظرتهم القاصرة حول التعلم ومصادره، ليصبح طفلًا بإمكانه المنافسة قادر على التساؤل والابتكار والتعامل بفاعلية والتحلي بالمسؤولية فضلاً عن البحث عن مصادر ومهارات الربط بين المعلومات والكتابة، ليتم تقويم قصص المشاركين من قبل لجنة من المحكمين.كما نقوم بتدريب المتطوعين مهنيَّاً على مهارات التعليم والتدريب عن بعد.

وقد استطاعت المبادرة ان تحقق أهدافها بنسبة كبيرة، فقد حين لاحظنا تطور أسئلة الأطفال وقدرتهم على تفكيك أسئلتهم والبحث عن الإجابة واستخدام مصادر مختلفة وعدم الاعتماد على النقل من الإنترنت.كما لاحظنا أن الأطفال قبل التحاقهم بالمبادرة كانوا يسألون أسئلة تقليدية، لكن مع تفاعلهم مع المبادرة تطورت أسئلتهم وأصبح لديهم شغف وفضول لمعرفة المزيد، لنتفاجأ بأسئلة غير تقليدية تكشف عن هموم واهتمامات يتعرضون لها مثل: لماذا يتنمَّر الناس على بعضهم ؟

لماذا يخبِّئ أبي وأمي بعض الأسرار؟ 

لماذا يمر الوقت سريعاً عندما نلعب، ويمر ببطء عندما نقوم بواجباتنا المدرسية؟

لماذا الأسعار مرتفعة؟ 

وبعضها أسئلة علمية مثل نحو: 

لماذا السُّكَّر مضر بالصحة؟ 

هل يمكن أن نفهم لغة الحيوانات؟ 

كيف أحترفُ صناعة الروبوت؟

كيف تعمل ماكنة الخياطة؟ 

لماذا لا يتوقَّف صيد الحيوانات؟ 

لماذا لا يتوقَّف قطع الأشجار؟ 

لماذا يمتلك الكلب حاسَّة شمٍّ أقوى من غيره؟ 

لماذا الفهد أسرع من غيره؟ 

*وكيف يمكن تحفيز هذه الملكة، وتعزيز الفضول المعرفي، وما تأثيرها على شخصيته؟

– إذا كنا نتحدث عن الأطفال في المنزل فمن المهم استقبال أسئلتهم بترحاب وعدم وصفها بأوصاف نحو (هذا سؤال ساذج)، أو الرد عليهم بـ( ليس مهمًا أن تعرف). وأفضل أسلوب لتحفيز الفضول وإكساب الأطفال مهارات وقيم تربوية استثمارُ اللحظات القابلة للتعلم من خلال تعريض الطفل لموقف يحفز فضوله ليسأل، فيصبح مستعدًا لتلقي أية معلومة أو توجيه. 

أمَّا في المدرسة، فيتطلب هذا بناء الموقف التعليمي ليبدأ بحدث محفز للتساؤل، سواء بصورة أو بموقف تمثيلي أو بمقطع فيديو أو بمقولة ذات صلة، يكون الغرض أن يطرحوا ما لديهم، وخلال الأنشطة يطرح المعلم أسئلة تدفعهم لطرح المزيد منها، وليس مهمًا في البداية أن يجيبوا عن أسئلة المعلم، المهم أن يسأل الطالب، لأنَّ سؤاله الذاتي دليل على رغبته في أن يتعلم شيئاً جديداً. وإذا استطاع المعلم أن يفعل ذلك فسيكون لكل ما يبذله من جهد بعد ذلك في تدريس مادته معنى وجدوى لدى طلابه. ولا شكَّ في أنَّ تكرار التساؤل والبحث سيغير الكثير من قناعات الإنسان ليكون أكثر مرونة لتقبُّل الأفكار المختلفة وقراءة المعلومات والتاريخ والبيانات بفائدة أكبر.

*كلمة أخيرة.

– كلُّنا بنا حاجة للتعلم المستمر ولمزيد من المعرفة، ولا بدَّ من البحث الدائم والدائب في هذا المجال الذي يحيلنا إلى اتخاذ خطوات إيجابية في مجمل حياتنا، فالإنسان الشغوف بالتعلم شخص ذكي ونبه ومتفاعل ونشط ولا يقلِّد غيره تقليداً أعمى، وإنَّما يطوِّر نفسه ذاتيًا ويعمل على تطوير بلده وبناء مجتمعه كذلك.

ختاماً اقول للمعلمين في المراحل كافة: لكم التقدير والعرفان يا من علَّمتم شعوباً وبنيتم أمماً.

هبة عبد الجواد، الأكاديميات

---------------------------------------------------------------------------------------------- *Material should not be published in another periodical before at least one year has elapsed since publication in Whispering Dialogue. *أن لا يكون النص قد تم نشره في أي صحيفة أو موقع أليكتروني على الأقل (لمدة سنة) من تاريخ النشر. *All content © 2021 Whispering Dialogue or respective authors and publishers, and may not be used elsewhere without written permission. جميع الحقوق محفوظة للناشر الرسمي لدورية (هَمْس الحِوار) Whispering Dialogue ولا يجوز إعادة النشر في أيّة دورية أخرى دون أخذ الإذن من الناشر مع الشكر الجزيل

Leave a Reply