افتتح الفنان التشكيلي العراقي علي غسَّان في الولايات المتحدة الأمريكية أكاديمية لتعليم الفنون أطلق عليها اسم ( REAL Academy of Art Colorad ) وقد اعترفت بها منظَّمة إحياء التراث المتخصصة في إحياء تراث الفنون الجميلة ARC المؤسسة التربوية الأكاديمية غير الربحيَّة.
هذه الأكاديمية فريدة من نوعها لأنَّها لا تعتمد الأساليب المعتمدة في كليات الفنون الجميلة في العصر الحالي سواء في العالم ككلّ أو العالم العربي إنَّما تعتمد أسلوب التدريس الذي أسَّسه الفنَّانون العظماء في عصر النهضة الأوروبية وفنَّانو الحقبة الأكاديمية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وتهدف إلى إحياء التراث الفني.
كما أنَّها الأولى من نوعها في ولاية كولورادو الأمريكية والوحيدة التي حصلت على اعتراف منظَّمة إحياء التراث العالمي ARC المتخصصة في الفنون. وهي محطُّ اهتمام الإعلام الغربي والأمريكي فقد نُشرت عنها الكثير من المقالات الصحفية وأُعِدَّت بشأنها تقارير تلفزيونية في الولايات المتحدة الأمريكية.
تتميّز REAL Academy of Art بأنّها مؤسسة أكاديمية تعنى بتعليم الفن الأكاديمي الذي يعد الركيزة الأساسية لكل فنان من المفترض أن يمرَّ بهذه المرحلة من أجل بناء بنيان رصين يمكِّن الطالب من أن يمتلك حرفة الفن التي تساعده في الإبداع.
وهي أكاديمية فنون تعمل بالنهج Atelier، و Atelier كلمة فرنسية تعني ورشة العمل، فهي ورشة عمل خاصة أو استوديو لفنَّان محترف في الفنون الجميلة أو الزخرفية أو لمهندس معماري حيث يمكن لمعلِّم رئيس وعدد من المساعدين والطلاب والمتدربين العمل معاً لإنتاج وتعلم الفنون الجميلة أو( الفن المرئي) الصادر تحت اسم الاستاذ أو إشرافه.
كان مصطلح Atelier يُطلق على الأماكن الشائعة لتعلُّم صنعة الفن للفنانين الأوروبيين من العصور الوسطى إلى القرن التاسع عشر، وكانت شائعة في أماكن أخرى من العالم. في أوروبا العصور الوسطى غالبًا ما طبِّقت طريقة العمل والتعليم في الأكاديميات الأولى قبل أن تتحوَّل إلى كلية فنون، مثل تلك الخاصة أكاديمية الفنون في سانت لوقا، الاكاديميات الأخرى. عادة ما يبدأ المتدربون في العمل على مهام بسيطة، وبعد بضع سنوات من اكتساب المعرفة والخبرة يصبحون فنانين محترفين. واصبح يطلق عليه الاكاديمية، وأصبحت الدراسة الأكاديمية الطريقة المنهجية المعتمدة للتدريب الموصى بها والمفضلة لتعلُّم احتراف الفنون التشكيلية. وعلى الرغم من ذلك استمر كثير من الفنانين المحترفين في استخدام الطلاب والمساعدين كما كانوا في المشاغل.
ومع ظهور الثورة الحداثوية استبدل نظام التعليم هذا تدريجيًا ممَّا أدَّى إلى تراجع مستويات كليات الفنون في العالم .
إنَّ تأسيس هذه الأكاديمية، على يد الفنان علي غسَّان، أحدث ثورة في مجال تعليم الفن من خلال إعادة إحياء القيمة الرصينة في تعليم الفن والتذكير بما قام به الفنانون العظماء في المؤسسات الأكاديمية.
يقول غسَّان: ثمّة خيارات يمكن أن يلجأ إليها من يرغب بدراسة الفنون؛ فهناك الأكاديمية وهي مؤسسة تعليمية متخصصة في تعليم صنعة الفن وأسرارها وتقنياتها المرتبطة بعلم الرسم من خلال فهم النظريات العلمية وصقل المهارات ممَّا يقود إلى أن يكون الطالب فناناً محترفاً،وهناك كلية الفنون وهي مؤسسة مهتمة بالإطار التنظيري للفن مثل فلسفة الفن والنظريات النقدية وهذا جلُّ ما تركِّز عليه هذه المؤسسة دون الالتفات إلى تأهيل الطالب ليصبح فناناً محترفاً.
وبهذا تكون كلية الفنون مؤسسة تنتج منظِّرين للفن بسبب دراستهم الشاملة وغير المتخصصة في تعليم حرفة الفن وتجعل الطالب يلجأ إلى مؤسسات أخرى ليتعلم كيف يكون فناناً ناجحاً. في هذه الحالة يخسر المتعلِّم الكثير من وقته ويتشتَّت تفكيره وتركيزه في تعلم فلسفة الفن ونقده بدلاً من صبِّ اهتمامه كلِّه في الاحتراف والتمرُّس في التخصص الميداني وعدم إضاعة الوقت بعيداً عن الهدف الرئيس والمسارات الجوهرية والأكثر أهمية.
أمَّا النهج الأكاديمي فيعلمك صنعة الفن ويمكّنك من أدواتك الفنية وهو مثل تعلم اللغة لأنَّ اللغة البصرية كالفنِّ، لها أدوات أساسية يفترض تعلُّمها من أجل أن تنتقل إلى عالم الاحتراف. وهذا ما تقوم به أكاديمية REAL ACademy of Art Colorado .
وأكبر دليل على صواب منهجيتنا هو أن تطَّلعوا على ما سلكته مدارس فنية محترفة مثل أكاديمية فلورنس وأكاديمية سان بطرسبورغ للفنون وغيرها من الأكاديميات التي ظلت متمسكة بتراثها التعليمي الرصين وأولت اهتمامها كلَّه لتعليم احتراف الفن.
الفن لا يتطلب ما تتطلبه الاختصاصات الأخرى ففي كلية الطب مثلاً يعد تدريس فلسفة الطب وطرق النقد الطبي أمراً ضرورياً لأنها مواد ميدانية عملية في عمق التخصص. أما فيما يتعلق بالأساليب المتبعة ليكون المتعلم محترفاً في الفن ومنتجاً فيه، فهناك محترفات فنون لا تقل أهمية عن المختبرات العلمية لمن يدرس العلوم، هناك عالم أو فنَّان يدرِّب الطالب على أسلوبه هادفاً إلى أن يسلِّمه أسرار عمله وطريقة شغله.
نقاط التَّميُّز كما يسردها مؤسسها:
تتميّز الأكاديمية عن غيرها بأنَّها أول أكاديمية فنون في الدول الغربية يؤسِّسها عربي؛ النظرة السائدة أننا نحن العرب نهاجر وندرس في الغرب لننهل من معارفه ولنَدرُسَ الفن على أيدي الغربيين لا لنعلِّمَهم إيَّاه.
“أنا ذهبت إلى أمريكا لتأسيس أكاديمية فنون، ولا أخفيكم أني كنت أحلم بأن تكون في العراق.
إنَّها أكاديمية فنون أي أنَّها تعنى بالجانب العملي الإنتاجي وليس التنظيري. وهي مسجَّلة بالدولة ومعترف بها من قبل الحكومة الأمريكية كأكاديمية فنون. هناك الكثير من المؤسَّسات لمؤسِّسين أمريكيين لم تسجَّل بالدولة بصفة أكاديمية رسمية فهي محترف فقط، أي استوديو، وليس لها من العنوان الأكاديمي إلّا الاسم. ومعظم أكاديميات العالم لها توجُّه أو نمط وأسلوب فنِّيَّان متَّبعان من فنَّانين عظماء لأنَّها مؤسسات تريد إحياء التراث فقط.”
نحن لا نتبع فنَّاناً ما بل نتبع القواعد العلمية التي تجعل من الطالب فناناً محترفاً فلا ندرِّبه على أسلوب واحد بل على اتقان الإيهام البصري لتحقيق الهدف وهو ثلاثية الأبعاد، أي ما يسمى بدراسة اللغة البصرية دون اتباع فنان ما.
نعم، نستلهم هذا من الفنَّانين العظماء لكن لا نتبع خطَّاً واحداً للوصول إليه كي يستفيد طالب الفن المعاصر.
فضلاً عن ذلك، فللمرة الأولى في تاريخ الفن يتم دمج المنهجين الشرقي والغربي أي المدرستين الروسية والإيطالية.
ولعلَّها الأكاديمية الوحيدة في ولاية كولورادو الذي تعتمد المنهج الكلاسيكي في التدريب.
---------------------------------------------------------------------------------------------- *Material should not be published in another periodical before at least one year has elapsed since publication in Whispering Dialogue. *أن لا يكون النص قد تم نشره في أي صحيفة أو موقع أليكتروني على الأقل (لمدة سنة) من تاريخ النشر. *All content © 2021 Whispering Dialogue or respective authors and publishers, and may not be used elsewhere without written permission. جميع الحقوق محفوظة للناشر الرسمي لدورية (هَمْس الحِوار) Whispering Dialogue ولا يجوز إعادة النشر في أيّة دورية أخرى دون أخذ الإذن من الناشر مع الشكر الجزيل
