Saad Abid Zaid “Common Senses” ~ سعد عبد زيد وأحاسيس مشتركة

Saad Abid Zaid

The Iraqi painter and sculptor Saad Abid Zaid lives and works in his hometown Baghdad. His mostly non-figurative work is influenced by neo-expressionism and abstract expressionism. He got inspired by Mark Rothko, Anselm Kiefer and Francis Bacon, artists he could thoroughly study during his residence in the US. In 2011, he obtained his master in environmental art from the College of Fine Art, Baghdad University where he now works as an art professor since 2019. Three solo exhibitions 2013 (Baghdad-Iraq), 2014 (Stockholm-Sweden) and 2021 (Baghdad-Iraq). He has several publications in his field.

Our focus, in this interview, is on his latest exhibition: Common Senses in which we shed a light on the concept of beds and linens in his dramatic artistic but deep work.

حوار فنّي مع سعد عبد زيد الفنَّان التشكيلي والنحَّات العراقي

تأثَّر بالفنانين العالميين (مارك روثكو) و(آنسلم كيفَر) و(فرانسز بيكون) إذ درس أعمالهم في أمريكا، تلك الأعمال التي تتسم بالانطباعية الجديدة والتجريد الانطباعي. وهو حاصل على شهادة الماجستير من أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد في العام ٢٠١٩ ويعمل تدريسياً فيها. أقام ثلاثة معارضٍ فردية، اثنان منها في بغداد في عامَيّ ٢٠١٣ و٢٠٢١ والثالث في ستوكهولهم-السويد، كما شارك في معرض إشراقة الخريف في بغداد ٢٠٢٢. له دراسات أكاديمية نشر قسماً منها وبانتظار نشر المزيد في مجال اختصاصه. 

مقتبساً كلام محمود درويش، يصف فنَّاننا معرضه “أحاسيس مشتركة” الّذي أقامه في غاليري البرونز في بغداد لعام ٢٠٢١:

“يحاصرني واقع لا أجيد قراءته 

أسطورتي لن تعيش طويلاً. . . ولا صورتي في مخيِّلة الناس”

ويردف:                                                     

“إنَّ الصورة وسيلة للتعبير كما عهدناها سابقاً والوعي واقعُنا المرُّ الذي تقع على عاتقه مسؤولية إدارة مستلزماتنا اليومية، والذاكرة أسيرة المكان تترك بقاياها في كل زاوية وعلى المقاعد والوسائد والأسرَّة، تحتفظ بها لنا لتوقظ بين الحين والحين ذكرياتٍ مليئة بأحاسيس ومشاعر خبرناها سابقاً”.

عن هذه الأحاسيس والأعمال الدقيقة كان لهَمْس الحوار وقفة مع سعد عبد زيد:       

همسُ الحِوار: حقَّاً، استوقفتنا تلك الأحاسيس النابعة من مشاعر صادقة حوّلتَها إلى قطع فنيّة مميَّزة في الطرح تستحق أن تُعلّق على جدران المتاحف وهي تحكي قصص تشارك بها المتلقِّي، إذ لم يستطع الإنسان التخلِّي عنها فهي مفردة استطعتَ بذكاء أن تلفتَ نظرنا إليها بعمق الفكرة والتعبير عنها وعلاقتها بالإنسان، فلا يستطيع المرء أن يعرف ما يجول في فكره أكثر ممَّا تعرفه وسادته والغطاء الذي يعرف لحظات الخوف والألم والهروب من الواقع، هذه المفردة التي ننتظر الوصول إليها بعد يوم ينهكنا فيه التعب.  نعم، إنَّه السرير.  

أتوقَّف هنا موجِّهة السؤال للعقل المفكِّر الذي استطاع أن يبهرنا بأعمال تشارك المتلقِّي بإحساسه وحسرته وهو يتأمَّلها ويذكر من فارقه على فراش المرض، وحمل هذا السرير روحاً قبل أن يحمل الجسد.

من أين نبدأ ومتى كانت ولادة هذه الفكرة؟ إذ نجد تواريخ التخطيطات (السكيتشات) قديمة جداً. 

سعد عبد زيد: نعم، إنَّه أحد المشاريع المؤجَّلة منذ مرحلة الدراسة في كلية الفنون الجميلة وأجد أنَّ هذه الفترة الطويلة هي التي أنضجت العمل فاستطعت أن أقدِّمه بخامة مميزة وبطريقة عرض أجدها كانت تحتاج إلى هذا الوقت في نضج التجربة.  

همسُ الحِوار: إذن، لنبدأ بمقدِّمة قد تفتح الطريق للقارئ الذي لم يستطع أن يحضر المعرض ويشاهد الأعمال في الواقع وليتعرَّف أولاً المدرسة التي ينتمي إليها عملك أو تجربتك المميزة هذه.  

سعد عبد زيد: ينتمي العمل إلى ما يعرف بالتعبيرية الجديدة (Neo-expressionism) التي تأسَّست على يد مجموعة من الفنانيين العالميين أبرزهم (أنسليم كيفر) و(جوليان سكانبل) في نهاية العقد التَّاسع وبداية العقد العاشر من القرن الماضي بعد أن ضاق هؤلاء الفنانون ذرعاً بالكمّ الهائل من الأعمال التي غادر من خلالها منتجوها من الفنانين الأنساق التقليدية لإنتاج العمل الفني، ظهر آنذاك ما يعرف بفنّ الجسد أو التجريد المطلق والفنون المفاهيمية فضلاً عن خلط المواد (Mix media) وقرَّر هؤلاء أعادة العمل إلى قيم تعتمد الخبرة الفنية للمنتج ومحاولة رصد الشكل الإنساني (figure)  والعودة إلى الإنجاز بالفرشاة على سطح مستوٍ.

همسُ الحِوار: بعد هذا الموجز الوافي لننتقل إلى معرض (أحاسيس مشتركة). حين نقرأ العنوان يبدأ الخيال بنقلنا وجمعنا في آن واحد وكأنَّ ثمّة شعور يوحِّد العالم كلّه، ولا حدود له. فجأة نجد أنفسنا داخل غرفة مغلقة ذات أربعة جدران وأرواح أنهكتها الحروب، وآخرها الوباء. حدِّثنا عن أحساسيك التي أردت أن تشرك فيها المتلقِّي. 

سعد عبد زيد: للسرير، كرمز، مساس كبير بحياتنا اليومية فهو المكان الذي نقضي فيه نصف حياتنا تقريباً وهو ما يعطي لنا الخصوصية والتمتع بوحدتنا. الصورة الكلِّيَّة للسرير تقترب من الجوانب الحياتية كافَّةً فهو المكان الشخصي الذي نستطيع فيه قضاء ليلة هانئة بعد يوم طويل متعب، الملاذ الآمن والأكثر ألفة للكثير منا. وقد يعطي السرير الهُويَّةَ لما نحن عليه كسرير المستشفى وسرير الثكنة العسكرية وسرير الأب أو الأم بعد الرحيل ليحتفظ لنا بذكريات سعيدة وحزينة في آن. 

همسُ الحِوار: تميَّزتَ في طرح مفردة (السرير) التي لطالما استخدمها عدد كبير من الفنانيين لكنَّ رؤيتك كانت بطريقة التنفيذ والطرح مغايرة تماماً ومثيرة للانتباه وهي تستوقف المتلقي، ما رأيك بهذا؟  

  سعد عبد زيدنعم، تناول الفنَّانون في أعمالهم الفنية (السرير) بشكله التقليدي ووظيفته التقليدية فيكون عادة خلفيةً للموضوع الرئيس-الشخص الرئيس في العمل أو بطل القصة- وقد ظهر في أعمال عالمية عالية المستوى كسرير( فان كوخ) عندما رسم غرفته المتواضعة بطريقته المعروفة، و(أدورد مونش) في لوحته الشهيرة التي يتوسطها سرير تستلقي عليه طفلة هزيلة بجانبها إمرأة مسنة، فضلاً عن السرير ذائع الصيت (لفرانسيس بيكون).

 في “أحاسيس مشتركة” تحوَّلت مفردة (السرير) إلى كائن حيّ من خلال معالجات شكلية تكسب السرير شكلا آدمياً، وهو ما يعرف بالتَّحوِّل الشَّكليّ (Transfiguration)  لإضفاء جوّ يعزِّز الطاقة التعبيرية للعمل. الخطوط تؤدِّي دوراً أساسيَّاً في تقديم الشكل الكلِّيِّ في تقديم المشهد ككل مع الإنهاء بدرجات لونية تتلاءم مع الجو النفسي للعمل.

فيما يخصُّ العمل المشارك:

صورة لمفردة من مفردات الاستخدام اليومي تُقدَّم للمشاهد بطريقة مختلفة. . . سرير على الجانب الأيمن من العمل منظور من الأعلى إلى جانبه مساحة خالية وكأنَّه كائن حي وحيد ينشد الرفقة، المساحة الخالية في نصف اللوحة ويسارها تشير إلى الخواء الكبير الذي يشعر به كائننا الحي وقد اكتسب صفات نعرفها عن السرير: صفة الاستلقاء الدائمة و(عمل اللا شيء)، فضلًا عن الأجواء في مساحة العمل التي تشير إلى إحساس عالٍ باللا جدوى. قد تنتاب هذه المشاعر الكثير منَّا في لحظات معينة وقد نشعر بالمرآة الخفية التي تعكس مشاعرنا في تلك اللحظات. من هنا تجلَّت فكرة تسمية العمل “أحاسيس مشتركة”.

همسُ الحِوار:  بالتأكيد ستجعلنا نرى الأسرَّة من منظور آخر.

ولكَ منا في نهاية اللقاء كلّ التبريكات والأمنيات بأن نرى انجازات الفنان سعد عبد زيد وتجربته المميّزة وهي تزّين جدران المتاحف حول العالم مستقبلا…

 

---------------------------------------------------------------------------------------------- *Material should not be published in another periodical before at least one year has elapsed since publication in Whispering Dialogue. *أن لا يكون النص قد تم نشره في أي صحيفة أو موقع أليكتروني على الأقل (لمدة سنة) من تاريخ النشر. *All content © 2021 Whispering Dialogue or respective authors and publishers, and may not be used elsewhere without written permission. جميع الحقوق محفوظة للناشر الرسمي لدورية (هَمْس الحِوار) Whispering Dialogue ولا يجوز إعادة النشر في أيّة دورية أخرى دون أخذ الإذن من الناشر مع الشكر الجزيل

Leave a Reply