
المُلا عثمان الموصلِيّ
شيخ الموسيقى العربية، سيرته وأشهر إبداعاته الفنية
توطئة
الشيخ مُلا عثمان الموصلِيّ شخصية عراقية معروفة جيدا عاشت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين، وقد كُتبت عنه العديد من الكتب تناولت مختلف جوانب حياته وسيرته وآثاره.
لقد انتشرت أعمال المُلا عثمان الفنية في مختلف بلدان الشرق الأوسط، ووصلت إلى الهند شرقا وإلى أوربا غربا، وتعرضت العديد من أعمال هذا الرجل الضرير إلى الانتحال من قبل آخرين، وجرت جدالات عقيمة بهذا الخصوص.
لقد قمتُ بدراسة مستفيضة لمُعظم ما نُشر عن المُلا عثمان، كما سنحت لي الفرصة بالتعرف على المرحوم الدكتور عادل البكري في أواخر أيامه قُبيل وفاته، حيث أن المرحوم الدكتور البكري هو أكثر من كتب عن المُلا عثمان. وتعرفتُ كذلك على عدد من أحفاد المُلا عثمان، بعضهم يعيش في مدينة الموصل، والبعض الآخر يعيش خارج العراق.
كما قمتُ بنشر سيرة وأعمال المُلا عثمان على صفحتي في الفيس بوك ولفترة طويلة تجاوزت السنتين، فضلا عن نشري بعض أعماله في مواقع متخصصة بالموسيقى، ناهيك عن مقالات نشرتُها في مجلات إلكترونية عالمية. فكان حصيلة ذلك أن جمعتُ كم كبير من المعلومات المتعلقة بسيرة وأثار العملاق الضرير المُلا عثمان.
وبالنظر لقرب مرور الذكرى المئوية لوفاة المُلا عثمان، فقد وجدت من الوفاء لهذا الرجل المبدع إعداد كتاب عصري يتضمن سيرته وآثاره وأشهر أعماله الفنية التي لاقت رواجا واسعا في بلدان العالم العربي فضلا عن دول الجوار.
في الختام أتقدم بالشكر والثناء إلى كل من ساندني معنويا أو من خلال تزويدي بالصور والوثائق والجرائد والمعلومات، وأخص منهم أحفاد المُلا عثمان المهندسة السيدة كفاح جهاد فتحي المُلا عثمان وحفيد المُلا عثمان الدكتور محمد عبد الكريم ياسين الدليمي وحفيد المُلا عثمان السيد يونس الدليمي.
كما أشكر الفنانة القديرة والباحثة الموسيقية السيدة فاطمة الظاهر رئيسة موقع (الوتر السابع للفنان روحي خماش) على الدعم والتشجيع المتواصل بنشر أعمال المُلا عثمان على صفحة موقع (مركز الوتر السابع) وكذلك جهودها المخلصة في إبراز دور المُلا عثمان في الموسيقى العربية.
كما أشكر كل من أوصل إلينا المعلومات والصور التوثيقية التي ساهمت في إغناء مادة هذا الكتاب. وفق الله تعالى الجميع وكل جهد مبذول من أجل إحياء تراثنا ومن الله التوفيق.
يونس بحري
سندباد القرن العشرين
توطئة
يونس بحري الجبوري شخصية عراقية من مواليد الموصل، عاش في فترة حرجة من تاريخ العراق الحديث وذلك في النصف الأول من القرن العشرين، فترة شهدت صراعات بين الدول الكبرى: ألمانيا النازية ومحاولاتها التغلغل في المشرق العربي، وبريطانيا التي كانت مهيمنة على المشرق العربي.
يُعد يونس بحري من أغرب الشخصيات التي مرَّت على تاريخ العراق المعاصر، إن لم تكن على العالم في العصر الحديث. والرحّالة يونس بحري شخصية مثيرة للجدل، عُرف بلقب (السائح العراقي)؛ وصفه البعض بالجاسوس الألماني، ووصفه البعض الآخر بالعميل الألماني، في حين وصفه آخرون بالعميل الألماني-الإنكليزي المزدوج.
لقد جاب يونس بحري العديد من بلدان العالم، والتقى بالعديد من الملوك والرؤساء، وترك إرثا ضخما من الأحداث فضلا عن أرشيف ضخم من الصور التوثيقية. كما ترك العديد من الأحداث والقصص والطرائف في آسيا وأفريقيا و أوربا حتى أُطلق عليه لقب (السائح العراقي)، كما أطلق عليه البعض لقب (سندباد القرن العشرين).
لقد تهيأت الظروف ليونس بحري لكي يصل إلى الملك غازي بن الملك فيصل الأول وليكون من أعوانه المقربين، ثم ليكون له دور كبير في تأجيج الجماهير العراقية ضد الإنكليز بعد حادثة (وفاة الملك غازي).
ويونس بحري شخصية مزدحمة بالأحداث والقصص وتستحق أن تُكتب عنها ألف ليلة وليلة جديدة. وعند الخوض بغمار هذه الشخصية المثيرة، وبغض النظر عن سلبيات وإيجابيات يونس بحري، فإنك تشعر وكأنك تتكلم عن مغامرات السندباد البحري أو الرحالة ابن بطوطة أو كازنوفا مع النساء، لدرجة أن هذه الشخصية تكاد لا تُصدق وتبدو غريبة أغرب من الخيال. ولكن الوقائع تثبت أن شخصية يونس بحري هي شخصية حقيقية عاصرها الكثيرين في القرن الماضي وقد تم توثيق العديد من فعاليات هذه الشخصية العجيبة بعشرات الصور الواقعية.
لقد لاقت شخصية يونس بحري اهتمامات كبيرة من قبل العديد من الكُتاب والمؤرخين، فضلا عن العديد من الشخصيات المعروفة في العالم العربي. وقصة يونس بحري ومغامراته هي أشبه بشريط سينمائي مثير فيه ما يشدّ المُتابع للاطلاع على سيرة هذا الرجل الذي بدء حياته بصورة اعتيادية، ثم صعد ووصل إلى مواقع متقدمة لم تسنح لأقرانه، ثم عاد فقيرا ومات معدما.
لقد كان اسم يونس بحري من الأسماء التي كنتُ أسمع عنها الكثير خلال طفولتي في مدينة الموصل، وقد شدتني تلك الأحاديث الشيقة لرؤية تلك الشخصية العجيبة والمثيرة، وبخاصة أن محل عمله كان قريب جدا من محل المرحوم والدي يونس ذنّون خياط (1909-1991) المُطل على ساحة (صقور الحَضَر) المقابلة لشارع النجفي القريب من مكتبة يونس بحري.
لقد كان محل المرحوم والدي أشبه بالمحفل الثقافي حيث يزوره باستمرار شخصيات ثقافية مختلفة أمثال المربي الكبير المرحوم عبد الرحمن أفندي الصالح (1895-1992) والمرحوم الدكتور عبد الجبار الجومرد (1909-1971) أول وزير لخارجية العراق في العهد الجمهوري، وكان من بعض جوانب حديثهم التحدث عن مغامرات يونس بحري.
يقول المرحوم والدي: كان ليونس بحري شعبية كبيرة في الموصل، وكان السواد الأعظم من الناس منحازين إلى ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، وكان يونس بحري مذيعا في إذاعة برلين. وعندما يصدح يونس بحري بصوته الجهور المميز (هنا برلين.. حي العرب) يتجمهر الناس حول جهاز الراديو ويتعالى التصفيق وهم يسمعون (انتصارات) الجيش الألماني.
لقد ظلت ذكريات عن تلك الشخصية المثيرة عالقة في مخيلتي، وخلال سنتي 2017 و 2018 قمت بنشر سيرة يونس بحري على صفحتي بالفيس بوك، وقد حظيت بتفاعل كبير من قبل الأصدقاء. وقد أتصل بي عدد منهم، من داخل العراق وخارجه، وطلبوا مني تحويل تلك المعلومات إلى كتاب، وخاصة أن هناك محاولات لعمل فيلم سينمائي ومسلسل تلفزيوني عن شخصية يونس بحري ورحلاته الكثيرة، إلا أنني قمت بتأجيل تنفيذ ذلك لضيق الوقت.
واليوم أجد نفسي متحمسا لتحويل تلك المعلومات التي نشرتها عن يونس بحري إلى كتاب، مستفيدا من الملاحظات والتعليقات التي وردتني من الأصدقاء ومن شخصيات كان لها معرفة شخصية بسندباد القرن العشرين يونس بحري.
يقع الكتاب في خمسة فصول. يتضمن الفصل الأول نبذة عن السيرة الذاتية ليونس بحري مع نبذة عن شخصيته، ويتناول الفصل الثاني بعض الجوانب من حياته. وخُصص الفصل الثالث لعرض بعض الطرائف والحكايات المتعلقة بشخصية يونس بحري، أما الفصل الرابع فيعرض أحاديث نُخب معروفة تحدثت عنه. وأما الفصل الخامس فيعرض بإيجاز نبذة عن يونس بحري الزوج والأب وعائلته في العراق.
لقد اعتمدنا على عدد كبير من المصادر والمواقع عند إعداد هذا الكتيب، كما رفقناه بعدد من الصور المتاحة في الإنترنت. ونود الإشارة إلى أن الكثير من المصادر لم نرفقها عندما نشرنا سيرة يونس بحري في الفيس بوك، حيث لم يدر في خلدنا أننا سنحولها إلى كتاب، لذلك لم نتمكن من إدراجها ضمن قائمة المصادر.
وفق الله تعالى كل جهد مبذول لتوثيق كل ما هو مرتبط بوطننا وشعبنا، وأن يتقبل منا هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
---------------------------------------------------------------------------------------------- *Material should not be published in another periodical before at least one year has elapsed since publication in Whispering Dialogue. *أن لا يكون النص قد تم نشره في أي صحيفة أو موقع أليكتروني على الأقل (لمدة سنة) من تاريخ النشر. *All content © 2021 Whispering Dialogue or respective authors and publishers, and may not be used elsewhere without written permission. جميع الحقوق محفوظة للناشر الرسمي لدورية (هَمْس الحِوار) Whispering Dialogue ولا يجوز إعادة النشر في أيّة دورية أخرى دون أخذ الإذن من الناشر مع الشكر الجزيل