Janna A Ezat

جنّة عدنان عزت

خطّاطة عربية عالمية. نالت لقب أصغر خطّاطة وهي في العاشرة من عمرها. تختصّ بخطّ الطغراء والثُلث وجلي الثُلث الذي تخطه بيديها الاثنتين وفي آنٍ واحدٍ. عرضت أعمالها في عدّة دول كما تنتشر أعمالها في معالم الإمارات العربية المتحدة ونيوزيلاندا حيث تقيم الآن.  

لوالدها المرحوم الأثر الكبير بالأخذ بيدها وتشجيعها في صقل موهبتها. جنت الجائزة تلو الأخرى و حصلت على الإجازات الرسمية بالخط العربي من  العراق، موطنها الأصلي،و مصر و تركيا. عضو في جمعية الخطاطين العراقيين وعضو في جمعية الخطاطين الأردنيين كما هي عضو في جمعية الخطاطين المصريين.

كان لنا معها هذا اللقاء الجميل المفعم بالحيوية والحماس لمعرفة المزيد عن هذه الخطاطة النادرة وطريقة خطها.  

همس الحوار: مرحباً بك سيّدتي. هل لنا أن نسأل كيف اكتُشفت موهبتك الجميلة هذه منذ نعومة أظافركِ؟

جنة عزت: والدي رحمه الله اكتشف موهبتي منذ أن كان عمري أربع سنوات فشجعني كثيراً. بدءًاً تتلمذتُ على يديّ استاذي الخطاط الموصلي المعروف يوسف ذنون ثمّ درستُ فن الخط العربي بإشراف أمير الخط العربي حامد الآمدي في تركيا وعميد الخط العربي سيّد إبراهيم في مصر حتى حصلت على إجازتين في الخط العربي سنة 1975 وأنا في العاشرة من عمري. اُعتبرت آنذاك أصغر خطاطة مجازة في العالم.

هَمْسُ الحوار: وهذا ما يقودنا إلى أن نسألك، هل توقفت الاختبارات عند ذلك السنّ أم كانت هناك اختبارات أخرى لكلّ مرحلة أو خطّ معين؟

 في عمر الخمسين حصلتُ على إجازة أو تقدير عالي من أستاذي الأول في الموصل الأستاذ يوسف ذنون الموصلي. هذا التقدير لم يحصل عليه أيّ خطاط في العالم سوى عميد الخط العربي هاشم البغدادي رحمه الله والأستاذ يوسف ذنون الموصلي. و قد قام الأستاذ يوسف ذنون بضمي إلىى لِجنة إعطاء إجازات الخط الرسمية لأكون ثالثتهم في هذا التقدير العالي والذي أصله من المرحوم المؤجِز حامد الأمدي رحمه الله.

همسُ الحوار: مبارك لك هذا الانجاز. 

تخطّين بكلتا يديك كما نرى في الفديو وبدقة متناهية وهي حالة نادرة جداً، فكيف تعلمتِ الكتابة باليدين؟

جنّة: قبل دخولي إلى المدرسة لاحظ والدي بأنني عسراء (يسراوية) فحاول بقدر جهده أن يعلّمني مسك الأشياء باليمين وكنت أفعل ذلك بسهولة. أمّا  في الكتابة فكنت أستخدم اليد اليسرى  حتى حين دخلت الصف الاول الابتدائي وكان يلحّ عليّ أن أكتب باليمين على الرغم من أنّ والدتي كانت غالياً ما تقول له: “لاتضغط عليها” وكان ردّه الدائم: “العلم في الصِغر كالنقش على الحجر”.

كان رحمه الله نبيهاً إذ كان يقول “لو تعلمتْ من الآن الكتابة باليمين فهو أسهل عليها قبل أن تكبر. أمّا اليد اليسرى فلا خوف عليها لأنّ جنّة بالأصل عسراء”. وكان يوصي المعلمات في مدرستي أن يراقبنني كي لا أستخدم يدي اليسرى في الصف. وعندما مسكت القصبة لأول مرة لكي أخطّ مسكتها بيدي اليمنى وكانت سهلة جداً عليّ فتعلمت قواعد الخط كلّها باليمين ولم أخط بيدي اليسرى بل استخدمتها في الكتابة العادية السريعة.

وبعد ما اشتدّ عودي في الخطّ وكنت اعشق اللوحات المعكوسة قال لي والدي: “أكتبي بالقصبة نفسها واقلبيها واكتبي باليد اليسرى بالمعكوس” فكانت محاولة ناجحة جداً من أولّ مرة. وبعد مرور سنوات قليلة وكنت ما أزال طفلة قال لي والدي: “الآن جرّبي أن تكتبي في وقتٍ واحد باليدين وبالمعكوس”. لم تكن صعبة بتاتاً منذ أن جربتها أولَ مرّة. وبهذا نجح والدي في تعليمي مسك القلم بكلتا اليدين. كانت له بصيرة رحمه الله

هَمْسُ الحوار: رحم الله الوالد ومنه نستفيد جميعاً. لكن حين تكتبين بأيّ يد تركّزين؟ وكيف؟

جنّة: أركّز بالنظر في مركز اللوحة وغالباً ما أبدأ بالخط من جهة اليمين باستخدام يدي اليمنى ثمّ اليسرى لأنها هي التي تنسخ من اليمين ليبدآن الخط معاً في الوقت ذاته، بالنسبة لي أشبه نسخ اليسار من اليمين كأنَّما  الصدى.

وأذكر أنّني عندما كنت في العشرينات من عمري، رغبت في تعلّم العزف على اَله العود سألتُ والدي: “بأية يدٍ سأمسك العود؟”

فقال حينها: “لو مسكت العود باليد اليسرى، فلا بدّ أن تنقلب الأوتار ولو مسكته باليمنى فيكون ذلك سهلاً عليك. ولك القرار”.

أجبته دون ترددّ: “قررت أن أمسكه باليسرى دون قلب الأوتار. أقلب دماغي فقط”

ردّ فرحاً: “هذا رائع لأنك لن تحتاجي إلى عودٍ خاص للعُسر (اليسراويين)”. 

وفعلاً، تعلمت العزف باليد اليسرى دون قلب الاوتار.

هَمْسُ الحِوار: رائعٌ حقاً. نحن على ثقة بأنّ الأطباء يوّدون لو درسوا حالتك فغالباً ما يقال بأنّ الجزء الأيمن من الدماغ يتحكم بالجزء الأيسر من الجسم والعكس صحيح وها أنت تتحكمين بالجهتين في ذات الوقت 

جنّة:  لهذه حكاية طريفة ومحزنة بالوقت ذاته. عندما كان والدي مريضاً يرقد في مستشفى الحسين الطبية في عمان، ذاع صيتيي وأختي فرح بأننا أمهر خطاطتين تزوران الأردن صحبة والدهما المريض. كان طبيبه هو الطبيب الخاص للملك حسين رحمه الله وهو الدكتور عادل شريدة. وقداستأذن من والدي كي يجري دراسة على دماغي. في حينها، مزح والدي معه بادئاً كلامه: “تعمل تجارب براس بنتي،” وأكمل قائلا: “لك هذا”. إلاّ أن القدر لم يمهلنا إذ توفي والدي رحمه الله وساد الحزن. عدت بعدها إلى مقرّ سكني في أبو ظبي ولم يتسنَّ للدكتور عادل شريدة أن يدرس حالة دماغي وكيف يعمل.

هَمْسُ الحوار: رحم الله الوالد وحفظك من كلّ شرٍّ ومكروه. لقد شاركتِ بالعديد من المعارض و المسابقات منذ الصغر وكنت المتفوقة دائماً فما هو أكبر إنجاز حققتِه حتى الآن؟

جنّة: أضخم إنجازٍ كان في دولة الإمارات العربية التي عشت فيها أكثر من عشرين عاماً. فقد خططت أقوال الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله وبأشكال وتصاميم مختلفة في لوحات وهي موّزعة في العديد من المواقع المهمة بإمارة أبو ظبي كالدوائر الرسمية، والفنادق الراقية والشركات الكبرى والمستشفيات الحكومية ولا تزال معروضة حتى يومنا هذا. كما نُشِرَت (12) لوحة منها في الكتاب السنوي لإمارة أبو ظبي لسنة 2005  و2006، و لي أعمال خطية أخرى لشركة أبوظبي للأعمال البترولية البرية أدكو.Sheikh's Zaied watch using Janna calligraphy

كما قمت بتنفيذ عمل خط اسم الشيخ زايد بن سلطان بخط الثلث وقد اعتُمد هذا العمل في تصميم ساعات من ماركات عالمية قُدِّمت خصيصاً للشيخ زايد بن سلطان.

هَمْسُ الحوار: هل تحدّدت مخطوطاتك باللوحات فقط أم انّك طورتِها لتطرق جوانب أخرى؟ 

جنّة: بعد أن انتقلتُ إلى العيش في نيوزيلندا قمت بأعمال الزخرفة على الخشب لفنادق ومطاعم ولا سيّما في مدينة كرايستشيرش حيث أسكن.5

هَمْسُ الحوار: جميلٌ ورائع. رأينا تحوير مخطوطاتك لتمثّل معالم العراق من منارات إلى خرائط كالحدباء الموصلية وملوية سامراء، من أين أتت الفكرة؟

Hadbaa, Janna Ezat

جنّة: كانت الفكرة نابعة من جرح الغربة والحنين للعراق وتمسّكي بعروبتي. بدأت بها منذ العام 2014، وهو مشروع جبار، و فريد من نوعه. و أنا أعدّه أضخم أعمالي الخطّيّة فقد قمت بعمل مخطوطات لآيات قرآنية على شكل خرائط الدول العربية و واحدة لخارطة الوطن العربي الكبير فضلاً عن لوحات فنية أخرى لأماكن تاريخية ودينية في العراق، كما ذكرتِ، كملوية سامراء و منارة الحدباء في الموصل.

هَمسُ الحوار:  هل تنقلين ما تعلمتِ إلى الغير لا سيّما أنّ لديك تقنية نادرة في العمل فمعظم الخطّاطين عند الزخرفة يستخدمون الأوراق الشفافة لعكس الزخرفة أو الخط؟

جنّة:  حبي الجارف لهذا الفنّ الأصيل والتمسك به يقودني إلى نشر وتعليم علوم الخط العربي لكلّ من يرغب كما أصحّح لمن يخطأ بإنجاز الخط عند الحاجة إلى ذلك فلدي شغف كبير بنقل هذا التراث القيّم ونشره ليبقى حيّاً عبر الأجيال القادمة.

بارك الله بكِ وبأعمالك. وفي نهاية اللقاء نتمنى لكِ المزيد من النجاح والأعمال المبهرة. 

---------------------------------------------------------------------------------------------- *Material should not be published in another periodical before at least one year has elapsed since publication in Whispering Dialogue. *أن لا يكون النص قد تم نشره في أي صحيفة أو موقع أليكتروني على الأقل (لمدة سنة) من تاريخ النشر. *All content © 2021 Whispering Dialogue or respective authors and publishers, and may not be used elsewhere without written permission. جميع الحقوق محفوظة للناشر الرسمي لدورية (هَمْس الحِوار) Whispering Dialogue ولا يجوز إعادة النشر في أيّة دورية أخرى دون أخذ الإذن من الناشر مع الشكر الجزيل

Leave a Reply