“The Story of Time” ~ “قصّة الوقت”

Shawqi Naji Jawad Al-Saati

Abstract:

The present article summarises “The Story of Time”, a book by my late father Jawad Naji Al-Saati. He went through the historical development of Clocks and Watches, and started by ancient endeavours of how to measure time, and how different cultures invented tools helped to measure time: started by the Sun, Water, Sand Fire Clocks and finally the book dealt with Mechanical and Atomic Clock.
The Story of Time was first published in Arabic Language in (1959) and later translated into English Language by the Suisse magazine Al Jawaher in (1977)

“قصّة الوقت” لمؤلّفه ناجي جواد السّاعاتيّ (١٩٢٢-٢٠٠٩)

كان قد صدر الكتاب في العام ١٩٥٩ وأعيد طبعه في العام ١٩٧٧ مع ترجمة إلى اللغة الإنكليزية عن “مجلة الجواهر” التي تصدر في سويسرا.

عَرضٌ يقدّمه بتصرّف الأستاذ الدكتور شوقي ناجي جواد الساعاتي نقلاً عن رسالة كان قد بعث بها
ناجي جواد إلى صديقه الدكتور حمدي التكمجي في العام ١٩٩٧.

 الساعة اختراع مهم وعظيم وقصتها طويلة جداً تعود بدايتها إلى العصر الحجري، فقد أدرك الإنسان منذ ذلك العصر قيمة الوقت وأهمية تقسيمه وتنظيمه لتحسن الاستفادة منه وأخذ يبحث عن طريقة تمكّنه من ذلك فأعانته الشمس. قالت له: “أنا أنشر نوري من الصباح حتى المساء وأتحرك من الشرق إلى الغرب. أستطيع مساعدتك لكن عليك أن تفكر أنت في الطريقة”.
لاحظ الإنسان أنّ ظلال الأشياء تكون طويلة في ساعات الصباح الأولى عند بداية ظهور الشمس وتقصر كلما ارتفعت الشمس عالياً في السماء، فإذا ما توسطت السماء كاد الظل يختفي ثم لا يلبث أن يعود فيطول بالاتجاه المعاكس إذا مالت الشمس الى الغروب.
وهكذا اهتدى إلى نصب عصاً يجعلها قائمة في الأرض ويرسم مجموعة خطوط متتالية على الأرض من جهة الشرق وأخرى من جهة الغرب بحسب امتداد الظل، وكلما تجاوز الظل خطاً دلّ ذلك على مرور ساعة.
   لكنّه جلس محتاراً في الليل حين يختفي نور الشمس، فمدّت له النجوم التي تملأ السماء يد المعونة. قالت له: “نحن النجوم لا نظهر كلنا في وقت واحد. في كل ساعة من ساعات اليل تظهر نجمة وتختفي أخرى”. فراقب النجوم وحفظ مواقعها وأطلق عليها تسميات مختلفة وهكذا تمكّن من تقسيم أوقات النهار وأوقات الليل. لكنّه عاد الى حيرته ثانية عندما ملأت غيوم الأمطار السماء فحجبت نور الشمس وبريق النجوم. إنه يحب هذه الغيوم ولا يستطيع أن يطلب منها الرحيل فهي تسقي الأرض وتنبت الزرع وتفرح بها المخلوقات كلّها، لذلك كان عليه أن يجد طرقاً أخرى. وهكذا  كان الوقت بالنسبة للإنسان البدائي: الفرق بين النور والظلام، أي النهار والليل فقط. وكل ما كان يعرفه الإنسان هو أن يصطاد في النهار وينام في الليل. وعندما أخذ يلاحظ مرور خطوط الظلام المنبعثة من الأشجار التي ترسم ظلالها على الأرض تمكّن الإنسان البدائي بهذه الالتفاتة الذكية من أن يقسم حركة الظلال إلى أقسام معينة تتناسب وحياته البسيطة.
نظر هذا الإنسان حوله فوجد عدداً من الأصدقاء الذين هبّوا لمساعدته، أوّلهم الديك الصّيّاح ثم الماء والرمل. حتى النار وقفت إلى جانبه، لا بقوة إشعاعها وضيائها بل بقوة إحراقها، فاخترع أشكالاً وأنواعاً عديدة من الساعات المائية والرملية والنارية، ولعل أغرب هذه الساعات القديمة الساعة النارية التي استخدمها الصينيون القدماء، وهي تتكون من زورق صغير ثُبّت على طول تجويفه قضيب من نشارة الخشب الممزوجة بالقطران الذي يساعد على الاشتعال وقد ربط هذا القضيب من منتصفه بخيط تتدلى من طرفيه كرتان نحاسيتان وتحت الزورق وضعوا طبقاً نحاسياً أيضاً، وعندما يشعلون القضيب يحترق ببطء حتى يصل الى المنتصف فيحرق معه الخيط فتسقط الكرتان النحاسيتان في الطبق وقد أصدرتا رنيناً شديداً معلنتين عن مرور ساعة من الزمن، وهكذا تعاد العملية كلما احترق نصف قضيب. كانت هذه الطريقة مكلفة ومتعبة لذلك تابع الانسان اختراعاته حتى وصل إلى أسهل طريقة.

إنّ الزّمن هو محور أنشطتنا اليوميّة، وقد تكوّن لدينا الإحساس الأوّلي بهذا المفهوم (مرور الزّمن) من خلال ما نمارسه من أمور حياتنا عبر الشّعور بحدوث الظّواهر الطّبيعيّة وبالتّالي فنحن نقدّر الزّمن اعتماداً على الظّواهر الطّبيعيّة الّتي نعيشها ولكي نقيسه ينبغي أن نختار أحداثا تتكرّر بانتظام ثمّ نبتكر الوسائل لقياس المدد الزّمنيّة الّتي يستغرقها حدوثها المتكرّر.

ما المقصود بالمدّة الزّمنيّة؟ إنّنا نعيش أحداثا يوميّة كثيرة كالأكل والذهاب إلى السّوق والدّراسة والنّوم…وهذه الأحداث تستغرق مدداً زمنيّة طويلة كمدّة الدراسة ومدداً زمنيّة قصيرة كزمن حدوث البرق، وبالتّالي فإنّ المدّة الزّمنيّة هي الوقت الّذي يستغرقه حدوث ظاهرة ما.

كيف نعيّن المدّة الزّمنيّة؟ لتعيين مدّة زمنيّة ينبغي اختيار بداية للزّمن وهذه البداية اختيارية وليس لها أيّ تأثير في مقدار مدّة حدوث الظّاهرة أو نتائجها، فيمكن على سبيل المثال اعتماد منتصف اللّيل لتحديد زمن حدوث الظّواهر الّتي تمّت في اليوم، وبداية الشهر لتحديد أيام العمل والعطل والمواعيد، ويوم الميلاد لتحديد عمر المولود.

وحدة الزّمن: الزّمن قابل للقياس وبالتّالي فهو مقدار مقيس، ذلك أنّه بالإمكان مقارنة أزمنة وقوع الأحداث بعضها ببعض. وللزّمن وحدة قياس نظاميّة هي الثّانية.

اللّيل والنّهار: نلاحظ تعاقب ظاهرة اللّيل والنّهار، فالشّمس تشرق وترتفع إلى كبد السّماء ثمّ تنحدر إلى جهة الغرب ثمّ تغيب فينتج عن ذلك الظّلام ويأتي اللّيل ثمّ تعود الشّمس إلى الشروق من جديد وهكذا دواليك. وانطلاقا من هذه الظّاهرة الطّبيعيّة يمكن تعريف النّهار بأنّه المدّة الزّمنيّة الفاصلة بين شروق الشّمس وغروبها وأنّ اللّيل يمثّل المدّة الزمنيّة الفاصلة بين غروب الشّمس وشروقها وأنّ اليوم هو مجموع النّهار واللّيل. لكنّ الإشكاليّة الّتي يمكن طرحها هي: ما سبب تعاقب اللّيل والنّهار؟
إنّنا نعرف أنّ الأرض تدور حول نفسها كما أنّها تدور حول الشّمس، فعند دورانها حول نفسها يواجه قسم منها الشّمس ويكون مضاء في حين يكون القسم الآخر مظلماً، وهكذا يمكن القول إنّ النّهار هو المدّة الزّمنيّة الّتي يواجه فيها مكان ما من الأرض الشّمس، واللّيل هو المدّة الزّمنيّة الّتي لا يواجه فيها هذا المكان من الأرض الشمس. ومن المعروف كذلك أنّ الأرض تدور حول الشّمس، والمدّة الزّمنيّة الّتي تستغرقها الأرض لتكمل دورة واحدة حول الشّمس تسمّى السّنة وينتج عن ذلك الفصول الأربعة. ومن خلال ما سبق التعرّض إليه يتبيّن أنّنا نعتمد في قياس الزّمن على حركة الأرض حول نفسها وحول الشّمس، وبالتّالي فإنّ الكرة الأرضيّة تعدّ ساعة وهي وسيلتنا لقياس الزّمن.
ويدور القمر حول الأرض كذلك ويكمل دورته خلال مدّة زمنيّة تسمّى شهرا قمريّاً، وأثناء هذا الشّهر يمرّ القمر بأربعة أطوار: الهلال ثمّ البدر ثمّ المحاق ثمّ البدء. فالقمر في هذا الشّهر يمّر في أزمان متساوية بأربعة أطوار وهكذا فإنّنا نقسم الشّهر القمري إلى أربعة أسابيع تقريباً ومن هذا المنطلق فالأهلّة هي مواقيت نعرف منها الزّمن.

ساعة الشمس

لا يستطيع أحد أن يقرر من هو أول إنسان لاحظ الظلال ولكن من الثابت علمياً أن تأريخ استعمال الساعة الشمسيةالمزولة يعود إلى دور مرحلة الزراعة والرعي عند إنسان وادي الرافدين ووادي النيل إذ أن البابليين برعوا في هذا الفن، كما اشتهروا بعلم الفلك فرصدوا الشمس والقمر والنجوم وراقبوا حركتها، وبرع المصريون القدماء في تركيز مسلّاتهم الحجرية لمراقبة ظلالها المنبعثة على الأرض. كما أنّ هناك دولاً شرقية استعملت ساعة الشمس على شكل عصا مضلعة الشكل ومنها الهند. وما تزال هذه العصا تستعمل في الحدائق العامة وعلى الجدران حتى اليوم، وتسمّى المِزولة.

 

ساعة الماء

عندما أراد البابليون أن يعرفوا الوقت عندما تحجب الغيوم الشمس اكتشفوا ساعة الماء. وفي مصر عثر على ساعة الماء في معبد الكرنك. واهتم الصينيون بصناعة ساعة الماء. وعثر على ساعة الماء في أماكن متعددة ومتباعدة من العالم في سيلان وفي اليونان وعند الرومان وفي بريطانيا. وحتى في عصر الدولة العباسية فقد تطورت صناعة ساعة الماء إذ كانت الوسيلة الوحيدة لضبط أوقات الصلاة، وشيدت ساعة المدرسة المستنصرية في بغداد والتي وصفها غير واحد من المؤرخين والشعراء. كما اشتهرت ساعة الماء في الجامع الأموي الذي شيّده الوليد بن عبد الملك في دمشق في سوريا.

الساعة الرملية

هناك شبه إجماع على أنّ الساعة الرملية معاصرة لميلاد السيد المسيح عليه السلام وأن ساعة الرمل صنعت من زجاجة شفافة ذات شكل بيضوي مخروطي من الرأسين فإذا ما ارتكزت الزجاجة على قاعدتها تسرّب الرمل الناعم من الجزء الأعلى إلى الجزء الأسفل منها منسلّاً من فتحة صغيرة إلى الجزء الثاني من الزجاجة. ومن كمية الرمل المستقر في الأسفل يحدد قياس الوقت الذي استغرقته تلك الكمية. أضحت ساعة الرمل منذ القرن السادس عشر حتى يومنا هذا تستعمل كتحفة فنية كما تستعمل في مراقبة المكالمات الهاتفية وفي المطابخ لمعرفة الوقت اللازم لنضوج البيض على النار.

 

ساعة النار

ثبت تأريخياً أنّ أول من استخدم الشمعة لقياس الوقت هم الصينيون فقد صنعوا هذه الشمعة من مواد بطيئة الاحتراق ويعبق عنها عطر فوّاح، وذلك لأنهم اعتادوا على أن يحرقوا أثمن العطور وأندرها أمام هياكلهم المقدسة وقبور أسلافهم.

الساعة الآلية

الساعة ذات العقارب والساعة ذات الخانات

أحدث دخول علم الميكانيك انقلاباً جذرياً في الصناعة والاقتصاد والسياسة والاجتماع وسائر العلوم الأخرى. وهكذا حرّك علم الميكانيك اللوالب البسيطة والدقيقة للساعة ومنها اللوالب ذات القطب الواحد المستقر في وسط الآلة (الماكنة) والذي يرتكز عليه عقرب الساعة (ميل الساعة) الذي يسير بخفة وبطء كالسارق المحترف فيسرق بخطواته السحرية ثواني عمرنا الحيوية.

 

صفحات مصوّرة من كتاب: قصّة الوقت

---------------------------------------------------------------------------------------------- *Material should not be published in another periodical before at least one year has elapsed since publication in Whispering Dialogue. *أن لا يكون النص قد تم نشره في أي صحيفة أو موقع أليكتروني على الأقل (لمدة سنة) من تاريخ النشر. *All content © 2021 Whispering Dialogue or respective authors and publishers, and may not be used elsewhere without written permission. جميع الحقوق محفوظة للناشر الرسمي لدورية (هَمْس الحِوار) Whispering Dialogue ولا يجوز إعادة النشر في أيّة دورية أخرى دون أخذ الإذن من الناشر مع الشكر الجزيل

Leave a Reply