اللّغة العربيّة الفصحى ودورها في عالميّة النّصّ الأدبيّ

سهام السّامرائي 

الملخّص: 

  تلعب اللغة دوراً فاعلاً في تكوين الرواية وتشكيلها مع عناصرها الأخرى من الأحداث والشخصيات والزمان والمكان والسرد والوصف والحوار وغيرها إذ لا يمكن للروائي أو الكاتب أن يقدم أفكاره في صورة محسوسة إلّا من خلال اللغة؛ فاللغة وعاء الفكر ومحور التخاطب والتواصل بين أبناء المجتمع ومهمة الكاتب أن يحرفها عن طريقها التقليدي ليجعل منها عالماً لغوياً مختلفاً عن لغة المعاجم ولغة الحياة اليومية، ومن ثم فأيّ كاتب لا يمتلك ناصية اللغة ولا يحسن توظيفها توظيفاً أدبياً لن يتمكن من أن يكون روائياً ناجحاً. 

  اللغة العربية الفصحى تسهم في إعمال الفكر وتوسّع من مدارك العقل لأنّها مكمن المعاني كما تسهم  في التثقيف وصقل الوعي والإدراك  وتنمية الشعور بالذات والكون، ويسهم توظيف اللغة العربية الفصحى في الرواية في تذوق جمال اللغة العربية بإمكانيتها التعبيرية ومتاحاتها التواصلية لأنها اللغة الأكثر جمالاً وبلاغة على مرِّ العصور والأزمان. لذا لابدَّ من أن نحافظ على اللغة العربية الفصيحة من خلال الابتعاد عن استعمال اللهجات الخاصة بكل بلد لأنّ هذا الاستعمال يؤثر على سلامة اللغة العربية  ويزيد من تفككها، وإنَّ توظيف اللهجة العامية لا يسهم في أيّة إضافةٍ  أدبية للعمل الإبداعي بل على العكس فاللهجة العامية تقيّد  انتشار العمل في نطاق البلد الذي تنتمي إليه فقط. 

  وقضية اللغة في الرواية إحدى القضايا التي يقف الروائيون والنقاد مواقف مختلفة منها. يسعى هذا البحث إلى بيان الآراء التي ذهب إليها الروائيون والنقاد بشأن هذه القضية  والحجج التي استند إليها كل فريقٍ لتدعم رأيه وتقوّي حجّته.

الكلمات المفتاحية: اللغة، اللغة الروائية، اللغة الفصحى، اللغة العامية الحوارية، لغة السرد. 

  من أبرز الدوافع التي أدت بي إلى اختيار هذا الموضوع قلة الدراسات الأدبية التي تتناول الجانب اللغوي في الرواية العربية. 

أولاً – في مفهوم اللغة: 

  يعرّف ابن جنّيّ  المتوفّى سنة 392  للهجرة اللغة في كتابه (الخصائص)  بقوله:(( أمّا حدّها فإنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم))1الخصائص ، أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي، ( المتوفى 329هـ ) الناشر ، الهيئة المصري للكتاب ، ط4 ، ص67.  ويعرّفها ابن خلدون بقوله: ((اللغة في المتعارف هي عبارة المتكلم عن مقصوده، وتلك العبارة فعل اللسان ناشئة عن القصد في إقامة الكلام. فلا بدّ أن تكون ملكة مقررة في العضو العامل لها وهو اللسان، وهو في كل أمة بحسب اصطلاحاتهم))2ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، عبد الرحمن بن محمد بن محمد ، ابن خلدون أبو زيد ، ولي الدين الحضرمي الإشبيلي ( المتوفى 808هـ ) تحقيق : خليل شحادة ، الناشر دار الفكر ، بيروت ، ط2 ، 1408هـ – 1988م ، ص 23. .  وعند الأنباري هي((ما كان من الحروف دالّاً بتأليفه على معنى يحسن السكوت عليه)) . 3أسرار العربية ، عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الأنصاري ، أبو البركات ، كمال الدين الأنبا ري ( المتوفى : 577هـ ) الناشر : دار الأرقم بن أبي الأرقم ، ط 1، 1420هـ – 1999م ، 23 .  ولا يخرج المعاصرون كثيراً عن هذا السياق القاموسي في تعريفهم اللغة، وعلى هذا السياق  يعرّف ناصر الدين الأسد اللغة فيقول:(( بأنها ماهية دلالية قوامها حروف وأصوات: حروف حين تكون مكتوبة وهي أصوات حين تكون ملفوظة منطوقة. ولكنها في دورها وحقيقتها إنّما هي معان ومدلولاتها تصبح أحياناً صوراً بيانية وبخاصة حين تنضو اللفظة إلى غيرها في سياق الكلام))4مقدمة لدراسة اللغة وهوية الأمة، ناصر الدين الأسد ، مجلة ثقافات ، 2004.  ويتطرق ناصر الدين الأسد إلى وظيفتها بوصفها أداة اتصال وتفكير فيقول: (( واللغة بما تكتنزه من معان ودلالات وأحاسيس وسيلة للتفكير، كما أنها وسيلة للتعبير والتواصل بين الناس )). 5المصدر ذاته ص4 

  ولم تتجاوز التعاريف التي وضعها الغربيون في العصر الحديث ما وضعه ابن جنّيّ إذ يعرّفها سابير بأنّها وسيلة إنسانية محضة لإيصال الأفكار والعواطف والرغبات عن طريق نظام من الإشارات المقصودة. كما يصفها بأنها وسيلة للاتصال ذات عناصر مركبة نحوياً ومنتجة صوتياً لتبادل رسائل مفيدة بين المتكلمين.6مقدمة في دراسة الكلام، ادوارد سابير، ترجمة المنصف عاشور، الدار العربية للكتاب، 1916، ص8.  

أمّا المنظّر السويسري فردينان دو سوسير( 1857- 1913) فاللغة عنده (( عبارة عن منظومات مكوّنة من علامات وإنّ العلامة اللغوية تتألف من عنصرين: الصورة  الصوتية أو بديلها المكتوب ويطلق عليه سوسير مصطلح الدال ثم المفهوم ويطلق عليه المدلول ))7النص والأسلوبية بين النظرية والتطبيق، عدنان بن ذريك، اتحاد الكتّاب العرب، دمشق، 2010، ص31.. وهي أيضاً (( نظام دلالي محدد يتم بالاتساق الداخلي وله قواعده الخاصة يتكون من دوال وأسماء تشير إلى مدلولات ومسميات الأشياء الموجودة في العالم الخارجي، وهكذا تمثل اللغة جزءاً من النشاط  الإنساني يتطور بالممارسة على وفق الأنماط المتاحة  وبحسب المقام ومقتضيات الحال فهي ملكة اللسان والضمان الأساسي لوجود  الحقيقة)).8حداثة السرد والبناء في رواية ذاكرة الماء لواسيني الأعرج، رسالة ماجستي، آمال سعودي، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد بو ضياف، ص48.  وتختلف اللغة (( باختلاف الإشارات المستعملة في التعبير عن الفكر ولها أنواع عدّة: لغة اللمس وهي لغة العميان، ومنها لغة البصر وهي لغة الصّمّ والبكم، ومنها لغة السمع أي لغة الكلام))9المعجم الفلسفي، جميل صليبا، 2/ 28- 288.  وعرّف علماء النفس اللغة فرأوا أنّها مجموعة من إشارات تصلح للتعبير عن حالات الشعور أي عن حالات الإنسان الفكرية والعاطفية والإرادية، أو أنّها الوسيلة التي يمكن بواسطتها تحليل أيّة صورة أو فكرة ذهنية إلى أجزائها أو خصائصها وتمكّننا من تركيب هذه الصورة مرّة  أخرى بأذهاننا وأذهان غيرنا بتأليف كلماتٍ  ووضعها في ترتيب خاص.102002))Bauer( 2003) Haspelmat h

  إذاً اللغة ظاهرة اجتماعية يتفرد بها الإنسان عن سائر المخلوقات وهي مجموعة من  الإشارات والرموز الصوتية المنطوقة باللسان والمسموعة بالآذان يستعملها الناس للاتصال ببعضهم  وللتعبير عن أفكارهم  وحاجاتهم وآرائهم ومشاعرهم وأحاسيسهم وخلجات أنفسهم، وهي حلقة التقارب والاتصال بين الأمم والشعوب، ولكل قومٍ لغة خاصة بهم تختلف عن غيرها من اللغات. 

ثانياً –  أهمية اللغة في الخطاب الأدبي: 

  تستمد اللغة قيمتها في الدرس النقدي بوصفها المادة الخام التي يتشكل منها العمل الأدبي بعامّة؛ فاللغة لا تتوقف عند مصاحبة الخطاب مقدّمة له مرآة لبنيته الخاصة  بل هي التي تشكل سماته الخاصة وتولد قيمته الفنية والجمالية11اللغة في رواية تجليات الروح للكاتب محمد نصار، د. عبد الرحيم حمدان، مجلة الجامعة الإسلامية ( سلسلة الدراسات الإنسانية ) المجلد السادس عشر، العدد الثاني، 2008 ، ص 103- 157. وهي أساس مادة الإبداع وجماله ومرآة خياله، فلا خيال إلا باللغة ولا جمال إلا باللغة ولا صلاة إلا باللغة  ولا حب إلا باللغة.12بحث في تقنيات السرد، عبد الملك مرتاض، سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت، ديسمبر 1998م . وتعطي لفعل السرد شكله الأدبي وسمته وواقعيته وغوايته  وتبث فيه روحه التي يحيا بها وهي أشبه بريشة الرسام أو نوتة الموسيقي  لأنها تحمل أفكار الكاتب ورؤاه ومضمون نصّه. والروائي -بوصفه مُشَكّلاً لهذه اللغة- يسعى جاهداً لنسج نصّه الأدبي نسجاً بلاغياً  جمالياً محكماً تتوافر فيه عناصر التشويق والجمال والدهشة  والإثارة من خلال اللغة ((لأنّها المعيار الأساسي المعوّل عليه وذلك لما تحمله من طاقات وإمكانات فهي التي تبعث على الإدهاش أو عدمه أو الغرابة أو الوضوح. فالمادة الأساسية التي تشكل الإغراء ليس الموضوع الذي تتحدث عنه لغة النص فقط بل اللغة ذاتها)).13جماليات الأسلوب والتلقي، ربابعة موسى، دار جرير للنشر والتوزيع، عمان ، ط ، 2008.  

  وقد دعا الباحث الفرنسي رولان بارت ( 1915- 1980 ) إلى (( وحدة الهوية بين اللغة والأدب، ذلك لأنه لم يعد من الممكن تصور الأدب فناً يهمل العلاقة باللغة من كل جهة وبخاصة بعد أن يكون قد استخدمها استخدام الأدوات في التعبير عن الفكرة  والانفعال أو الجمال))14اللغة في الخطاب الروائي – يحيى خلف نموذجاً، رياض كامل ، dianalarab. COM فالأدب في رأي الباحث ساسون سوميج ((فن لغوي، وإعراض النقاد عن معالجة لغة النص الأدبي يعني إهمال المادة الأولية التي يقوم عليها هذا الفن، وبالتالي فإنّ تفهّم الأثر الأدبي معنىً ومبنىً  يظل جزئياً وناقصاً)).15المصدرذاته    

   تعد اللغة العنصر الأبرز في بناء الرواية وتشكيل عالمها الفني إلى جانب العناصر البنائية الأخرى التي يتشكّل منها المعمار الروائي من زمان ومكان وشخوص ورؤية سردية وأحداث (( فباللغة  تنطق الشخصيات وتتكشف الأحداث وتتضح البيئة ويتعرف القارئ على طبيعة التجربة التي يعبّر عنها الكاتب)).16المصدرذاته

  ولا يمكن تصور الإنسان كحقيقة خارج إطار اللغة لأنها تحمل حقيقة وجوده  فهو لا يفكر إلّا داخلها أو بواسطتها لأنّها هي التي تتيح له أن يعبّر عن أفكاره فيبلغ ما في نفسه ويعبر عن عواطفه فيكشف عما في قلبه. الحب دون لغة يكون بهيماً والإنسان دون لغة سيستحيل إلى (لا كائن) بل إلى لا شيء17إشكالية الوجود والتقنية عند مارتن هيجر، أحمد إبراهيم، ط1، منشورات الاختلاف الدار العربية للعلوم، 2006، ص86. ،  ففضلاً عن الدور الذي تقوم به  في تحديد خصوصية الإنسان وفي التواصل اللغوي الذي هو أرفع أشكال التواصل بين الناس وأرقاها  وأسماها فإنّها (( تبطّن عدداً كبيراً آخر من نظم التقاليد الاجتماعية، العرف الاجتماعي، طقوس العقيدة  ثم الفنون التمثيلية. هذه النظم نظم نمذجة ثاوية، وفي مجال الأدب يعد النص أكبر وحدة تنظيم  ملموسة لأنه – على أية حال – قابل لفك رموزه، فقط في حدود نظامه المنظم)).18اللغة وحدودها، حكيم راضي، مجلة الأقلام، العدد 5، مايو 1984، وزارة الثقافة والإعلام بغداد، ص30 .

  وعلى هذا الأساس فإنَّ الصلة المتينة بين اللغة بوصفها نظاماً إشارياً وحاملها الإنسان تستلزم أن تكون لهذه اللغة مجالات متعددة ومتنوعة يمكن عن طريقها أن تنمو وتتطور تبعاً لنمو المجتمع وتطوره في مجالاته المختلفة والمتعددة  ذلك لأن ((الطابع اللغوي للكائن البشري بالنهاية  مرتبط باجتماعيته ارتباطاً  وثيقاً ))19مستويات اللغة السردية في الرواية العربية، د. ماجد عبدلله القيسي، دار غيداء للنشر والتوزيع، ط1، 1966- 1980، ص25.  لذا فكثير من المفردات نجدها قد اضمحلت وانمحت  مع مرور الزمن وتقادمه و(( تظل اللغة في توالد وتزايد كل يوم لتؤدي عنا حاجتنا اليومية التي نريد منها ونحملها على التعبير عنها في تواصلنا على مستويات التواصل المختلفة)).20المصدر ذاته 

  وهكذا فإنّ اللغة هي منبع الفكر ومهده الأول  وهي الوسيلة  التي توجِد النص الأدبي وتشكّله وبدونها يظل خيالاً لا وجود له لأنها العنصر الذي تظهر من خلاله بقية  العناصر التي يتشكّل منها العمل الروائي بتفاصيله ومكوناته كلها وهي الوحيدة القادرة على تحقيق تآلف هذه العناصر وتمازجها مع بعضها من خلال تقنيات الحوار والسرد والوصف، (( فالرواية صياغة بنائية مميزة والخطاب الروائي لا يمكن أن يتحدد بالحكاية فحسب بل بما يتضمن من (لغة) توحي بأكثر من الحكاية وأبعد من زمانها ومكانها ومن أحداثها وشخصياتها. والرواية ليست لها لبِنات أخرى تقيم منها عالمها غير الكلمات، ونحن لا يمكن أن نقول شيئاً مفيداً حول روايةٍ ما ما لم نهتم بالطريقة التي صنعت بها)).21أدب عبد الرحمن الشرقاوي، د. ثريا العسيلي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، سنة 1995م ، ص 287.

   وتسهم اللغة في الإعلاء من شأن  الرواية أو الحطّ منها تبعاً للمستويات التي تصاغ بها وتتشكّل لأنّ اللغة هي اللبنة الأولى التي تستند عليها الرواية في تأثيث هيكلها وبنائها السردي كما أنّ الرواية  من أكثر الأنماط الأدبية تجسيداً للواقع وهي تتخذ من الأنساق الفكرية واللغوية وسيلة لتمثيلها الواقع،  فالنص الروائي (( تجسيد للبنيات الاجتماعية من خلال بعده النثري وخلقه لعالم اجتماعي يتفاعل مع العالم الاجتماعي المعاش، فهو يخلق عالماً عن طريق اللغة ويمارس رؤيته للعالم الاجتماعي الذي  يعيش فيه بجزئياته وتفاصيله)).22اللغة في رواية تجليات الروح للكاتب محمد نصار ، د. عبد الرحيم حمدان ، مجلة الجامعة الإسلامية ( سلسلة الدراسات الإنسانية ) المجلد السادس عشر ، العدد الثاني ، 2008 ، ص 103- 157. وعلى هذا الأساس تسهم اللغة  في  إدراك حيثيات السرد وفهمها وعلى الروائي أن يكون (( قادراً على توليدها واستثمارها واستعمالها في أحسن الصيغ الاستعارية والمجازية تقريراً أو تفجيراً، إيحاءً أو تعييناً. ولا بدّ أن تكون اللغة تناصّيّة خاضعة  للتعدد الحواري والأسلبة والتهجين الأسلوبي ولكن في إطار مراعاة اللغة العربية الفصحى بقواعدها المعمارية وأبعادها البلاغية والجمالية )).23اللغة في الخطاب الروائي، marsa.ahlamontada.net

  والروائي البارع هو الذي يمتلك ناصية اللغة ويجيد توظيفها توظيفاً أدبياً بلاغياً سليماً ويستثمرها في سياقات تداولية وتواصلية  وفق معانٍ جديدةٍ ذات أغراض فنية وتعبيرية وجمالية  يجذب بها العقول ويسحر بها الألباب ويؤثر في المتلقي/ القارئ، فاللغة إذاً تمثل الاختبار والمحك  الحقيقي لبيان براعة  المؤلف ومهارته في نسج نصّه وبث المعاني الجمالية المنتظرة من النص السردي. 

ثالثاً – مستويات اللغة الروائية: 

  عندما بدأت الرواية في العصر الحديث تشقّ طريقها نحو العالمية برزت مسألة مهمة هي مستويات اللغة الروائية، وبصورة أدق ما اللغة التي ينبغي أن تستعمل في الكتابة الروائية. 

  تباينت آراء الروائيين والنقاد والدارسين  بشأن لغة السرد التي يكتب بها الروائي عمله ووجد بعضهم أنه يتوجب على الكاتب أن يراعي في رواياته مستويات شخصياته الروائية الثقافية والفكرية والاجتماعية مستندين على رأي ميخائيل باختين ( 1895- 195) الذي يرى  أنّ ((الرواية ككل ظاهرة متعددة الأسلوب واللسان والصوت ويعثر المحلل فيها على بعض الوحدات الأسلوبية اللا متجانسة التي توجد أحياناً على مستويات لسانية مختلفة، ولغة الرواية هي نسق من اللغات وهي التنوع الاجتماعي للغات وأحياناً للغات والأصوات الفردية، تنوع منظم أدبي. وتقضي المسلّمات الضرورية بأن تنقسم اللغة القومية إلى لهجات اجتماعية وتلفّظ متصَنّع عند جماعة ما))24الخطاب الروائي، ميخائل باختين، 34.  فمنهم من يؤيد أن يكتب الروائي باللهجة العامية بأشكالها المختلفة لأنّ العامية تسهم في المحافظة على الموروث الثقافي اللغوي وإعادة إحيائه من جديد بعد إهماله كما أنها تساعد على تسهيل إيصال الأفكار إلى ذهن المتلقي ونقل الكاتب للواقع دون زخرفة مما يدفعه في بعض الأحيان إلى استعمالها، وهذا ما يذهب إليه محمد المنقري في قوله بأنّ الرواية ((عالم يتوازى مع الحياة بأنواعها وأطيافها وناسها وأساليب تعبيراتهم، واللهجة الشعبية جزء أساسي من اليوميات وعبرها تفيض الدلالات عمقاً في نقل الواقع والتعبير عن إيقاعها لتعميق الصوت والصورة بأبعادها كلّها ليعيش القارئ في عمق الشارع )).25بين العامية والفصحى يتحدد الجدل، محمد المنقري، مجلة عربيات الدولية، 25 مارس، 2010م http ;www.arabiyat.com content cultureissues 824 .html2010

  إنّ العمل على اعتماد تقنيات التعدد اللغوي إنّما القصد منه الحصول على لغة روائية مميزة تجمع بين فصاحة المكتوب وبلاغة الشفوي وهو ينقل لنا المنطوق اليومي بما تسمح به هذه التعددية اللغوية وهذا ما يراه الناقد عبد المالك أشهبون.26الحساسية الجديدة في الرواية العربية، ( روايات إدوارد الخراط أنموذجاً ) عبد المالك أشهبون، ط1، منشورات الإختلاف، 2010، ص 165. كما أنّ هناك من يرى أنّ توظيف العامية في النص الأدبي إنَّما هو ترجمة للواقع ذاته، إذ إنّ اللهجة الدراجة  المحكية – هي في الغالب – أداة التواصل في البيت والشارع  والعمل وهي لغة الحياة، وتكون بهذا الشكل أقرب إلى الصدق. 

  غير أننا نجد فريقاً آخر يتمسك باللغة الفصحى  وينظر إليها بنوع من التقديس وينادي بها ويدافع عنها مع المناشدة إلى التمسك بها سواء كان ذلك في السرد أو في الحوار  وعلى رأس هذا الاتجاه الدكتور طه حسين والناقد الجزائري عبد الملك مرتاض الذي يرى(( أنّ اللغة التي يجب أن توظّف في متون النصوص الروائية هي الفصحى فالمبدع يستطيع أن يجدد في المعاني اللفظية ويكسبها طابعاً جمالياً لم يكن معروفاً من قبل عند المتلقّي وهذا ما سيثير فيه الدهشة، فالأدب في نظره يستطيع التلاعب بالألفاظ ويكسبها معاني جديدة وذلك للحرية الفنية التي يتمتع  بها في نقل الأحداث))27في نظرية الرواية، عبد الملك مرتاض، عالم المعرفة، الكويت، 1990، 95. ، ويرى من زاوية أخرى أنّ لغة الرواية ((إذا لم تكن شعرية أنيقة عبقة مغرّدة مختالة  متهيّئة متزيّنة متغجّرة لا يمكن إلّا أن تكون شاحبة ذابلة عليلة كليلة حسيرة خلِقة بالية  فانية، وربما شعثاء غبراء. اللغة هي أساس الجمال في العمل الإبداعي من حيث هو)).28المصدر ذاته، ص 100.

  ويذهب عبد الملك مرتاض أيضاً إلى أنّ الروائيين لم ينجحوا في طريقة توظيف اللهجة العامية في نصوصهم الأدبية وذلك لأنهم ((جاؤوا إلى العامية  ثم شرعوا يغترفون منها دون تحفظ ولا حس لغوي لطيف ولا إشفاق ولا ارعواء وكأنّ العربية ملك مشاع لهم وحدهم يفعلون به ما يشاؤون ويعيثون فيه فساداً متى يشاؤون، فركموا العامية على  الفصحى باسم التعبير عن الواقع)).29 المصدر ذاته، ص 105 ويردّ الدكتور محمد شفيع الدين السيد على الذين أسرفوا في توظيف اللهجة العامية في الرواية بقوله:(( فإنّ المنحى الأخير – الذين دعوا لتوظيف العامية – قد أسرف هو أيضاً في فهم الواقعية وتمثُّلِها فجعلها نقلاً للواقع بحذافيره،  وليس هذا فهماً صحيحاً لها لأنّ الفن في جوهره اختيار وليس نقلاً حرفياً لمفردات الواقع وعناصره ومنها اللغة التي يتحدث بها الناس في حياتهم اليومية بكل ما فيها من شوائب، فالفصحى أرقى من هذا وأجمل وما يجب التعويل عليه في مراعاة الواقع ومحاكاته إنما هو طبيعة الشخصية ومستوى تفكيرها. فالواقعية كما قيل بحق واقعية حال وليست واقعية مقال )).30لغة الحوار في الأدب القصصي والمسرحي، الفصحى والعامية، محمد شفيع الدين السيد، مجلة مجمع اللغة العربية، القاهرة، العدد 126، ص41.

  والعامية تختلف من بلد إلى بلد فإذا استعملت لهجة بلدة في رواية تكون غريبة على أصحاب اللهجات الأخرى وعلى الأعاجم الذين يستعملون الفصحى فقط مثل الهنود فالعامية تكون مثل لغة أجنبية عند كثير منهم وهذا يبعدهم عن الرواية التي فيها العامية. حجّة الفهم  والتيسير صحيحة في دائرة صغيرة وإذا خرجت الرواية إلى دائرة واسعة فهي تتحول إلى لغة غير معروفة حتى في البلاد العربية المجاورة.31العامية في الرواية : تحدٍّ أم تطور؟ مع الإشارة الخاصة إلى روايات أحمد بهجت، شفيق أحمد، بحث منشور في مجلة اللغة بتاريخ 1/ 6/ 2018، Allugah .com

  كما يؤدي توظيف العامية في النص الأدبي إلى إفساد اللغة واختلاط الإبداع بغيره من الكلام العادي مما يعني خروجه عن طبيعته كنصّ أدبي فصيح وتحوّله إلى نصّ شعبي خاص بمجتمع عربي واحد دون بقية المجتمعات وتقوقع الرواية في بيئتها المحلية ممّا يعني انتفاء مفهوم الرواية العربية.32العامية في الرواية، محمد ولد محمد سالم، مقال منشور بتاريخ 18/ يوليو/ 2017، ect.orj amppoj 

  وقد باتت الحاجة إلى توظيف اللغة العربية الفصحى ضرورية في ظل خصوصية اللهجة المحلية في حالات كثيرة فالكاتب الذي يكتب بالعامية لا يتمكن من تجاوز فضائه المحلي؛ ذلك أن اللهجات العامية وبخاصة في البلاد العربية تختلف من منطقة إلى أخرى اختلافاً شديداً. ويدعو الناقد جميل حمداوي  إلى تفصيح الفنون والأجناس الأدبية جميعها وذلك ((لأننا لا نفهم ما يقوله العراقيون والكويتيون ولا الأردنيون ولا التونسيون))، فكم من مسرحية هادفة وجادة لا تحقق التواصل بين المغاربة والمشارقة والسبب يعود إلى كثرة العاميات واختلافها من بيئة إلى أخرى. لذلك لا بدّ من استخدام اللغة العربية في جميع المقامات التخاطبية لنحقق التواصل بين المرسل والمتلقي ونرفع من مستوى الثقافة والتواصل الأدبي والفني في عالمنا العربي. وينبغي كذلك أن تكون اللغة الروائية خاضعة لقواعد البيان العربي وقابلة لتفجيرها انزياحاً وإبداعاً واشتقاقاً وتوليداً لخلق حالة فنية.33اللغة في الخطاب الروائي العربي، د. جميل حمداوي، دنيا الوطن، مقال منشور بتاريخ 27/ 11/ 2006، alwatanvoice.com

  يرى الكاتب صالح هشام أنّ توظيف اللهجة العامية في كتابة النص الأدبي لا يمكن أن يحقق جماليات النص الفنية ولا يمكن أن يخلق في نفس المتلقي لذة القراءة التي يبحث عنها في جمال اللغة قبل أن يبحث عن المعاني والأفكار، فجودة اللغة من جودة المعاني ورائع التركيب فيها لا محالة سيحقق شرف المعنى؛ فلا لغة بدون معنى. كما يُسقِط التوظيفُ العشوائيُّ للّهجاتِ الكاتبَ في مطبات الابتذال والمباشرة التي تفقد النص بريقه  فتخبو لذة القراءة في نفس المتلقي.34توظيف اللهجات في القصة القصيرة، صالح هشام، نشر بتاريخ 20 يوليو 2019 مؤسسة الجيل الجديد للثقافة والأعلام ، elaliadeed .blogspot.com فاللهجات وسيلة تواصلية لا تنقصها القدرة على الانزياح والتكثيف لكنها تبقى  خاضعة لما هو محلّيّ أو إقليمي في أحسن الأحوال فتتحول اللهجة من محفّز إلى عائق يمنع المتلقي من استقبال النص والإقبال على قراءته.35المصدر ذاته.  كما يرى الكاتب صالح هشام أنّ قيمة النسيج السردي يستمدها من جمال  لغته، في حين لا يثير ذرة إعجاب إذا كانت لحمته من بنيات سطحية فقيرة لا تدعو إلى التفكير36المصدر ذاته. ، ويرى أنّ مساوئ توظيف اللهجات تتجلى في عدم خضوعها للمقومات الفنية التي تقتضيها النصوص السردية، وحتى إذا توافر ذلك  فإننا لا نطمح لقارئ محلّيّ أو إقليمي، ولأنّ هذا التوظيف  لا يشجع القارئ الذي لا يتكلمها ولا يفهمها على القراءة وهذا من مساوئ الإبداع التي تعوق انتشار النص ولا ترقى به إلى مستوى العالمية، فالإبداع في المجال الأدبي – كغيره من المجالات العلمية الأخرى- إنسانيّ بالدرجة الأولى وليس وليد بيئة معينة في زمن معين.37المصدر ذاته.  هؤلاء الكتّاب الذين يوظفون اللهجة العامية في النص السردي يحولونه -عن غير قصد- نصّاً مبتذلاً مباشراً  يخدش السمع  فيشمئز منه الذوق. إنّ عالمية النص لا يمكن أن تتحقق عندما يخاطب الكاتب قارئاً بعينه، بلهجته المحلية، وفي نيّته أن يقدم له فناً رائعاً.38المصدر ذاته.

  على  أنّ مثل هذه الظاهرة – العامية – عُرفت في بعض الكتابات الأدبية غير العربية  لكنّ (( بلزاك وهيجو وغيرهما كانوا ينادون بالويل والثبور وعظائم الأمور مما قد يلحق الأدب الفرنسي من مصائب العامية المحلية الفرنسية )).39في نظرية الرواية بحث في تقنيات السرد، عبد الملك مرتاض، سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني لثقافة والفنون والآداب، الكويت، ديسمبر، 1998، 120

  ووسط هذا الجدل القائم بين الفريقين ثمة فريق ثالث يرى بأنه لا يمكن التفضيل بين اللهجة العامية واللغة الفصحى فاستعمال هذه أو تلك يعتمد على السياق المناسب، ويطالب هذا الفريق بضرورة أن يوظف الكاتب في سرده العامية والفصحى معاً؛ فالفصحى ملائمة لتناول القضايا المصيرية الكبرى كالموت والحب والتأمل والفلسفة  أمّا العامية فمطلوبة لنقل المواقف الكوميدية الطريفة والوقائع اليومية العابرة، لذا لا يمكن الفصل بين (العامّيّة) و(الفصحى) بل يجب أن تندمجا كوحدة متكاملة في نصّ الكاتب، ولعل هذا ما فعله الروائي العراقي الراحل فؤاد التكرلي الذي أعاد طبع بعض أعماله الروائية  بعد أن قام بتقريب الكثير من الحوارات التي كانت مكتوبة بالعامية العراقية للعربية الفصحى.40السرد بين الفصحى والعامية، إبراهيم حاج عبدي، مقال منشور بتاريخ 24/ يونيو/ 2009، hifat .yhoo7.com             

رابعاً: علاقة اللغة العربية باللهجة العامية: 

أوجه التشابه: 

  لابدّ من الإشارة إلى أنّ اللهجات العامية العربية من أصول فصيحة وكثير من الألفاظ العامية أصلها فصيح وأصابها بعض التغيير. ((إنّ العامية ليست علماً انحرفَ عن  اللغة لأنّ الألفاظ العامية إمّا أن يكون أصلها فصيحاً أو أصابها بعض التغيير أو التحريف)).41معجم الألفاظ العامية المصرية، فتح الله أحمد سلمان، دار الآفاق العربية، القاهرة، د. ط، 2010، ص10. وكلتاهما تستعملان الضمائر وحروف الجر وتشتركان في كثير من الجذور والكلمات والصيغ وبهذا فإن اللهجة العامية واللغة الفصيحة وسيلتان للاتصال وتعبران عن حاجات الفرد والتفاهم في المجتمع.42العامية والفصحى في سبيل الإصلاح، إبراهيم عبد القادر المازني، مجلة الرسالة، ع 277، 1938.

أوجه الاختلاف :

  للغة العربية الفصحى قواعد وقوانين تضبطها سواء كانت نحوية أو صرفية أوغيرها وهي ذات مصطلحات علمية وفنية وتتميز بتنوع الأساليب والعبارات والقدرة على التعبير عن معاناة ثانوية على عكس اللهجة العامية الخاصة بفئة معينة ولا قواعد لها تضبطها وتلتزم بها أيضاً ولا ثبات ولا استقرار وتفتقر إلى ما لا يحصى  من المصطلحات.43العربية بين العامية والفصحى، وفاء نجار، مجلة عود الند، الناشر د. عدلي الهواري، الأعداد الشهرية :01- 120، السنة 83-27 :7، العدد 78، 2012/12. 

  ومن مظاهر الاختلاف أيضاً أنّها ((تتميز بالاختلاف في مخارج بعض الأصوات اللغوية وفي وضع  النقط مع بعض الأصوات والتباين في النغمة الموسيقية للكلام والتغيير في قوانين التفاعل بين الأصوات المتجاورة، في حين يتأثر بعضها ببعض)).44في اللهجات العربية، إبراهيم أنيس، دار المعرفة، مصر، د.ط ، 1970، ص 16.  نستنتج أنّ اللهجة العامية  تختلف عن اللغة العربية في مخارج الحروف ولها نغمتها الخاصة في الكلام.  

  ومن مظاهر الاختلاف الأخرى  افتقار العامية إلى ما لا يحصى من المصطلحات العلمية والفنية والمفردات المُستحدثة ولاسيما العصرية التي تمليها مستلزمات التطور الحضاري والتقدم التكنولوجي لتُستدرج في قاموس الفصحى تيسيراً لاستعمالها وضرورة انسجامها مع متطلبات مناهج البحث العلمي والعلوم المستحدثة.45 تاريخ اللغة العربية في مصر، أحمد مختار، الهيئة المصرية للطباعة، 1970، ص 20.

   تتميز العامية بلهجاتها الكثيرة بطابع المُغايرة النبرية في البلد الواحد كأن تقول: هذه لهجة عراقية أو سورية أو مصرية أو لبنانية، بنماتتمثل الفصحى والحالة هذه بمصدرها البليغ المتمثل بالقرآن الكريم الذي يتوجب قراءته وفق الأصول المحتّمة وبخاصّة في عملية التجويد. و تختلف اللهجات العامية في البلد الواحد باختلاف طبقات الناس وفئاتهم أي ما يسمى باللهجات الاجتماعية حيث تتشعّب لغة المحادثة كلهجة الارستقراطيين والتجار والمهن الأخرى والنساء اللائي ينعزلن عن مجتمع الرجال، بينما تُفتَقد هذه الظاهرة في عرف الفصحى. 

  ونلاحظ ندرة المترادفات في العامية واختصار المعنى في لفظ واحد يفي بالغرض المطلوب بينما تزخر الفصحى بالمترادفات التي لا حصر لها في لغة العرب.46ينظر المصدر: أوجه الاختلاف ما بين الفصحى والعامية ، alfaseeh.com

الخاتمة:

  الحقيقة أنّ اللغة العربية  ليست عقيمة بل هي لغة التجديد والتطور الدائم وقد حافظت على مكانتها الفريدة في ثقافتنا وتاريخنا وحضارتنا على مدى أكثر من أربعة عشر قرناً وتأتي في مقدمة اللغات  العالمية التي نجحت في القيام بدورها الحضاري المتميز وقفزت بأهلها من مجتمع بدوي إلى مجتمع متمدن وأصبحت لغة الحضارة والثقافة والعلم على العالم لقرونٍ عديدة، وإنّ الروائي المبدع هو الذي يوظفها  توظيفاً سليماً صحيحاً وفق معانٍ جديدة وسياقات سليمة  يجذب بها العقول ويسحر بها الألباب فيؤثر في المتلقي. إنّ براعة الكاتب وتمكّنه من ناصية اللغة هما سر إبداعه وتمكّنه لأنّ اللغة  هي المرآة العاكسة لبناء النص الروائي برمّته، وعلى الكاتب أن يتحمّل دوره ويعمل جاهدا للحفاظ عليها وتجديدها في نصّه لما لها من انعكاس على ذهن المتلقي وتمكينها عنده فهي ليست مجرد لغة أصوات وكلام ومعان بل هي تعبرعن كيان أمة وثقافتها وهويتها  فهي الأساس الذي يصل حاضر الأمة بماضيها وهي من مكونات الشخصية العربية الأصيلة لذا يتوجب المحافظة عليها من التفريط والهجر. والرواية المكتوبة باللغة العربية الفصيحة تعد رواية عالمية  بامتياز لسهولة ترجمتها للغات أخرى لغير الناطقين بها لكنها ستضيع إذا ما كتبت باللهجة العامية. 

  ختاماً، لا بدّ من استعمال اللغة العربية الفصحى في المقامات التخاطبية كافّةً كي نحقق التواصل بين المرسل والمستقبِل ونرفع من مستوى الثقافة بين أبناء المجتمع، وتبقى العربية الفصحى الركيزة الأساسية لهويتنا وأمتنا العربية فهي رمز وجودنا وعنوان شخصيتنا الحضارية وهي تتميز عن سائر اللغات الأخرى لأنّها ((ولدت كاملة كما قرر الكثير من علماء اللسانيات ولأنّها ولدت بمفرداتها الزاخرة ومترادفاتها القادرة على التعبير عن الأحاسيس والحالات الدقيقة وقدرتها على التصريف والاشتقاق مؤهلة لأن تكون لغة العلم الإنساني بدقائقه وصياغة مصطلحاته))47الارتقاء بالعربية في وسائل الإعلام، نور الدين بلبل، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ط1 ، الدوحة، أكتوبر 2001، ص 24 . إذ ما تزال تتميز بخصائص تراكيبها وصرفها ونحوها وأدبها، وهي أهم مكون جمالي وإبداعي في عملية الخلق الروائي لذلك يتوجب علينا الحفاظ عليها والعناية بها كي لا يأتي يوم نراها فيه لغة على الهامش. 

الهوامش:

 1.  الخصائص ، أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي، ( المتوفى 329هـ ) الناشر ، الهيئة المصري للكتاب ، ط4 ، ص67. 

2. ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، عبد الرحمن بن محمد بن محمد، ابن خلدون أبو زيد، ولي الدين الحضرمي الإشبيلي ( المتوفى 808هـ) تحقيق: خليل شحادة، الناشر دار الفكر، بيروت، ط2، 1408هـ /1988م، ص 23. 

أسرار العربية، عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الأنصاري، أبو البركات، كمال الدين الأنباري (المتوفى 577هـ) الناشر: دار الأرقم بن أبي الأرقم، ط 1، 1420هـ/ 1999م، 23. 

مقدمة لدراسة اللغة وهوية الأمة، ناصر الدين الأسد، مجلة ثقافات، 2004. 
المصدر ذاته ص4 
مقدمة في دراسة الكلام، ادوارد سابير، ترجمة المنصف عاشور، الدار العربية للكتاب، 1916، ص8. 
7. 
النص والأسلوبية بين النظرية والتطبيق، عدنان بن ذريك، اتحاد الكتّاب العرب، دمشق، 2010، ص31.

8.حداثة السرد والبناء في رواية ذاكرة الماء لواسيني الأعرج، رسالة ماجستي، آمال سعودي، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة  محمد بو ضياف، ص48.

9. المعجم الفلسفي، جميل صليبا، 2/ 28- 288. 
10. 2002)) Bauer( 2003)  Haspelmat h

11. اللغة في رواية تجليات الروح للكاتب محمد نصار، د. عبد الرحيم حمدان، مجلة الجامعة الإسلامية ( سلسلة الدراسات الإنسانية ) المجلد السادس عشر، العدد الثاني،  2008 ، ص 103- 157. 

12. بحث في تقنيات السرد، عبد الملك مرتاض، سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت، ديسمبر 1998م . 

13. جماليات الأسلوب والتلقي، ربابعة  موسى، دار جرير للنشر والتوزيع، عمان ، ط ، 2008. 

14. اللغة في الخطاب الروائي – يحيى خلف نموذجاً، رياض كامل ، dianalarab. COM 

15. المصدر ذاته.

16.المصدر ذاته.

 17. إشكالية الوجود والتقنية عند مارتن هيجر، أحمد إبراهيم، ط1، منشورات الاختلاف الدار العربية للعلوم، 2006، ص86. 

18.  اللغة وحدودها، حكيم راضي، مجلة الأقلام، العدد 5، مايو 1984، وزارة الثقافة والإعلام بغداد، ص30 .

19. مستويات اللغة السردية في الرواية العربية، د. ماجد عبدلله القيسي، دار غيداء للنشر والتوزيع، ط1، 1966- 1980، ص25. 

 20.المصدر ذاته

21. أدب عبد الرحمن الشرقاوي، د. ثريا العسيلي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، سنة 1995م، ص 287.

22. اللغة في رواية تجليات الروح للكاتب محمد نصار، د. عبد الرحيم حمدان، مجلة الجامعة الإسلامية (سلسلة الدراسات الإنسانية) المجلد السادس عشر، العدد الثاني،  200 ، ص 103- 157.

23. اللغة في الخطاب الروائي، marsa.ahlamontada.net

24. الخطاب الروائي، ميخائل باختين، 34. 

25. بين العامية والفصحى يتحدد الجدل، محمد المنقري، مجلة عربيات الدولية، 25 مارس، 2010م http ;www.arabiyat.com content cultureissues  824  .html2010  

26.الحساسية الجديدة في الرواية العربية، ( روايات إدوارد الخراط أنموذجاً ) عبد المالك أشهبون، ط1، منشورات الإختلاف، 2010، ص 165. 

27. في نظرية الرواية، عبد الملك مرتاض، عالم المعرفة، الكويت، 1990، 95. 

28. المصدر ذاته، ص 100. 

29.  المصدر ذاته، ص 105 

30. لغة الحوار في الأدب القصصي والمسرحي، الفصحى والعامية، محمد شفيع الدين السيد، مجلة مجمع اللغة العربية، القاهرة، العدد 126، ص41. 

31. العامية في الرواية : تحدٍّ أم تطور؟ مع الإشارة الخاصة إلى روايات أحمد بهجت، شفيق أحمد، بحث منشور في مجلة اللغة بتاريخ 1/ 6/ 2018، Allugah .com 

32. العامية في الرواية، محمد ولد محمد سالم، مقال منشور بتاريخ 18/ يوليو/ 2017، ect.orj  amppoj

33. اللغة في الخطاب الروائي العربي، د. جميل حمداوي، دنيا الوطن، مقال منشور بتاريخ     27/ 11/ 2006، alwatanvoice.com

34. توظيف اللهجات في القصة القصيرة، صالح هشام، نشر بتاريخ 20 يوليو 2019 مؤسسة الجيل الجديد للثقافة والأعلام، elaliadeed .blogspot.com

35. المصدر ذاته. 

36. المصدر ذاته. 

37. المصدر ذاته. 

38. المصدر ذاته. 

39. في نظرية الرواية بحث في تقنيات السرد، عبد الملك مرتاض، سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني لثقافة والفنون والآداب، الكويت، ديسمبر، 1998، 120  

40. السرد بين الفصحى والعامية، إبراهيم حاج عبدي، مقال منشور بتاريخ  24/ يونيو/ 2009، hifat  .yhoo7.com

41. معجم الألفاظ العامية المصرية، فتح الله أحمد سلمان، دار الآفاق العربية، القاهرة، د. ط، 2010، ص10.

42. العامية والفصحى في سبيل الإصلاح، إبراهيم عبد القادر المازني، مجلة الرسالة، ع 277، 1938. 

43. العربية بين العامية والفصحى، وفاء نجار، مجلة عود الند، الناشر د. عدلي الهواري، الأعداد الشهرية :01- 120، السنة 83-27 :7، العدد 78، 2012/12.

44. في اللهجات العربية، إبراهيم أنيس، دار المعرفة، مصر، د.ط ، 1970، ص 16. 

45.  تاريخ اللغة العربية في مصر، أحمد مختار، الهيئة المصرية للطباعة، 1970، ص 20.


قائمة المصادر والمراجع:
   

الارتقاء بالعربية في وسائل الإعلام ،  نور الدين بلبل، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ط1، الدوحة، أكتوبر2001م.

أدب عبد الرحمن الشرقاوي، د. ثريا العسيلي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، سنة 1995م .

أسرار العربية، عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الأنصاري، أبو البركات، كمال الدين الأنباري (المتوفى: 577هـ) الناشر: دار الأرقم بن أبي الأرقم ، ط 1، 1420هـ – 1999م. 

إشكالية الوجود والتقنية عند مارتن هيجر، أحمد إبراهيم، ط1، منشورات الاختلاف الدار العربية للعلوم، 2006م . 

أوجه الاختلاف ما بين الفصحى والعامية، alfaseeh.com.

بين العامية والفصحى يتحدد الجدل، محمد ألمنقري،  مجلة عربيات الدولية، 25 مارس، 2010م http ;www.arabiyat.com content cultureissues  824  .html2010  

 بحث في تقنيات السرد، عبد الملك مرتاض، سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت، ديسمبر 19998م. 

تاريخ اللغة العربية في مصر، أحمد مختار، الهيئة المصرية للطباعة، 1970م.

توظيف اللهجات  في القصة القصيرة، صالح هشام، نشر بتاريخ 20 يوليو 2019  مؤسسة الجيل الجديد للثقافة والأعلام، elaliadeed .blogspot.com.

جماليات الأسلوب والتلقي، ربابعة  موسى، دار جرير للنشر والتوزيع ، عمان ، ط1 ، 2008م . 

حداثة السرد والبناء في رواية ذاكرة الماء لواسيني الأعرج، رسالة ماجستير، آمال سعودي، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد بو ضياف.  

الحساسية الجديدة في الرواية العربية، (روايات إدوارد الخراط إنموذجا) عبد المالك أشهبون، ط1، منشورات الإختلاف، 2010م. 

الخصائص، أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي، (المتوفى 329هـ) الناشر، الهيئة المصري للكتاب، ط4. 

الخطاب الروائي،  ميخائل باختين. 

  ديوان  المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، عبد الرحمن بن محمد بن محمد، ابن خلدون أبو زيد، ولي الدين الحضرمي الإشبيلي (المتوفى 808هـ) تحقيق: خليل شحادة، الناشر دار الفكر، بيروت، ط2، 1408هـ – 1988م .

السرد بين الفصحى والعامية، إبراهيم حاج عبدي، مقال منشور بتاريخ 24/ يونيو/ 200، hifat  .yhoo7.com.

العامية في الرواية: تحدي أم تطور؟ مع الإشارة الخاصة إلى روايات أحمد بهجت، شفيق أحمد، بحث منشور في مجلة اللغة بتاريخ 1/ 6/ 2018، Allugah .com 

العامية في الرواية، محمد ولد محمد سالم، مقال منشور بتاريخ 18/ يوليو/2017، ect.orj  amppoj

العامية والفصحى في سبيل الإصلاح، إبراهيم عبد القادر المازني، مجلة الرسالة، ع 277، 1938. 

 العربية بين العامية والفصحى، وفاء نجار، عود الند مجلة ثقافية فصلية، الناشر د. عدلي الهواري، الأعداد الشهرية :01- 120، السنة 83-27 :7، العدد 78، 2012/12. 

في اللهجات العربية، إبراهيم أنيس، دار المعرفة، مصر، د.ط، 1970م. 

في نظرية الرواية بحث في تقنيات السرد، عبد الملك مرتاض، سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني لثقافة والفنون والآداب، الكويت، ديسمبر، 1998م. 

اللغة في الخطاب الروائي – يحيى خلف نموذجًا، رياض كامل، dianalarab. COM .

اللغة وحدودها، حكيم راضي، مجلة الأقلام، العدد 5، مايو 1984، وزارة الثقافة والإعلام بغداد.

اللغة في الخطاب الروائي، marsa.ahlamontada.net

لغة الحوار في الأدب القصصي والمسرحي، الفصحى والعامية، محمد شفيع الدين السيد، مجلة مجمع اللغة العربية، القاهرة، العدد 126، ص41. 

  اللغة في الخطاب  الروائي العربي، د. جميل حمداوي، دنيا الوطن، مقال نشور بتاريخ 27/ 11/ 2006، alwatanvoice,com.

مقدمة لدراسة اللغة وهوية الأمة، ناصر الدين الأسد، مجلة ثقافات، 2004م. 

مقدمة في دراسة الكلام، ادوارد سابير، ترجمة المنصف عاشور، الدار العربية  للكتاب، 1916م. 

المعجم الفلسفي، جميل صليبا، 2/ 28- 288. 

معجم الألفاظ العامية المصرية، فتح الله أحمد سلمان، دار الأفاق العربية، القاهرة، د. ط، 2010م. 

مستويات اللغة السردية في الرواية العربية، د. ماجد عبدلله القيسي، دار غيداء للنشر والتوزيع، ط1، 1966- 1980م.  

 النصّ والأسلوبية بين النظرية والتطبيق، عدنان بن ذريك، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2010.                   

  2002)Bauer( 2003)  Haspelmat h  

  

---------------------------------------------------------------------------------------------- *Material should not be published in another periodical before at least one year has elapsed since publication in Whispering Dialogue. *أن لا يكون النص قد تم نشره في أي صحيفة أو موقع أليكتروني على الأقل (لمدة سنة) من تاريخ النشر. *All content © 2021 Whispering Dialogue or respective authors and publishers, and may not be used elsewhere without written permission. جميع الحقوق محفوظة للناشر الرسمي لدورية (هَمْس الحِوار) Whispering Dialogue ولا يجوز إعادة النشر في أيّة دورية أخرى دون أخذ الإذن من الناشر مع الشكر الجزيل

Leave a Reply