
اختلفت أنماط التربية في الامم والعصور السابقة من عصر إلى عصر ومن أمة إلى أمة تبعاً لاختلاف الظروف والتقاليد والعقائد والأفكار الخاصة التي كانت سائدة في كل أمة من هذه الأمم على مرِّ مراحلها الزمنكانية* المختلفة.
يذكر الدكتور علي جريشة أنَّ الإنسان البدائي عرف التربية على النحو البدائي الذي عاشه من البساطة، فهي بسيطة في ذاتها وتخلو من التعقيد، ففي عموها تعلم الناشئ طريقة النطق والأكل والمشي والاسترزاق والصيد، فأسلوب حياته يمتاز بالبساطة في الوسائل والغايات والأهداف التي يسعى لبلوغها، وكانت مدرسته التي يتلقى تعليمه منها تتمثل في البيت أولاً، ثم الطبيعة ثانياً، ثم في مجتمعه الذي يتمثل بقبيلته ثالثاً.([1])
وتميزت التربية في تلك الشعوب البدائية بأنَّها حملت جملة من السمات والخصائص شبيهة بتلك التي عرفتها التربية في أكثر مراحلها نمواً وتطوراً، فهي تربية محافظة في طبعها وهدفها الأساسي دمج الناشئ في المجتمع عبر مسيرة حياته ومراحل نموه المختلفة المتمثلة بمرحلة الطفولة ثم المراهقة، إلى بلوغه.([2])
وأما الهدف الأساسي من التربية عندهم فهو أن يقلد الناشئ عادات مجتمعه وتقاليدها تقليداً عبودياً خالصاً ويتماشى مع طراز حياتهم، فهي بالمجمل تكوين غريزي آلي يقتصر على إعداده إعداداً يمكِّنه من الحصول على الحاجات المادية من الملبس والمأكل والمأوى، وكذلك التدريب على عادات القرية المختلفة وأعمالها، فهي تربية فكرية وخلقية.
والخلاصة: إنَّ التربية في هذه المجتمعات مازتها سمات أساسية، وهي في جوهرها تدريب آلي تدريجي على معتقدات وعادات وأعمال الفئة الاجتماعية فيها، وكان المجتمع ككل يمثل الأسلوب التربوي الأساسي للناشئ.
وكانت التربية في تلك العهود القديمة تتمحور حول ثلاث خصائص اساسية تميز بها الجنس البشري، وهي:
1- الآلة.
2- الطقوس.
3- اللغة.([3])
ولذلك كانت العملية التربوية في تلك المجتمعات في العموم تختلف من مجتمع إلى آخر ومن أمة إلى أخرى وتختلف حتى عند أبناء المجتمع الواحد تبعاً لاختلاف الزمان والمكان الذي يليه، ولتغير الأمم وتعاقب الحضارات. ([4])
———
الهوامش
* مصطلح شائع حديث، يدمج بين الزمان والمكان في آن واحد
([1]) ينظر: نحو نظرية للتربية الاسلامية، علي جريشة، ص 12.
([2]) ينظر: التربية عبر التاريخ من العصور القديمة وحتى أوائل القرن العشرين، عبد الله عبد الدائم، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، ط5، 1984م، ص 14- 16.
([3])التربية عبر التاريخ من العصور القديمة وحتى أوائل القرن العشرين، ص 14-15.
([4]) ينظر: مدخل إلى التربية، محمد الطيطي وأخرون، دار المسيرة، عمان، الأردن، ط1، 1324هـ- 2002م، ص37.
---------------------------------------------------------------------------------------------- *Material should not be published in another periodical before at least one year has elapsed since publication in Whispering Dialogue. *أن لا يكون النص قد تم نشره في أي صحيفة أو موقع أليكتروني على الأقل (لمدة سنة) من تاريخ النشر. *All content © 2021 Whispering Dialogue or respective authors and publishers, and may not be used elsewhere without written permission. جميع الحقوق محفوظة للناشر الرسمي لدورية (هَمْس الحِوار) Whispering Dialogue ولا يجوز إعادة النشر في أيّة دورية أخرى دون أخذ الإذن من الناشر مع الشكر الجزيل