
ABSTRACT
‘The Palestinian Exodus’, (A seminal TV series)
This essay (in Arabic) examines the importance of the acclaimed Syrian TV series ‘The Palestinian Exodus’ [al-Taghrība al-Filisṭīniyya], produced by Syrian Art Production International and first broadcast in the month of Ramadan, 2004. (1)
Written by Palestinian poet, linguist and screenwriter Walid Saif (b. 1948) and directed by Syrian filmmaker, actor and writer Hatem Ali (1962-2020), the series is considered to be one of the finest historical TV dramas in the Arabic language. (2) & (3)
The artistic partnership between Walid Saif and Hatem Ali extended to so much more than exploring the Palestinian narrative. They worked together on numerous projects including Salah al-Dīn al-Ayyūbī ‘Saladin’ (2001), Muslim Iberia (2002, 2003 & 2005) and Caliph Omar ibn al-Khaṭṭāb (2012).
Arguably, however, ‘The Palestinian Exodus’ remains the most powerful of the Walid Saif/Hatim Ali works. For one thing, the series featured some truly great actors and actresses from Syria, Palestine and Jordan. Some were already household names before the series; others became so after the huge success of the series across the Arab world.
One poignant scene remains the most popular from the series: the character played by Syrian actor Khaled Taja (1939-2012) struggles to swallow his food and hold his tears, as he realises that their flight from their village is not a temporary affair. (4) & (5)
What distinguishes Saif’s storytelling and Ali’s dramatisation is the way in which the series eerily demonstrates the ‘mechanics’ of how the Palestinian people were ethnically cleansed from their ancestral homeland. The screen turns into a moving mural as the scenes move from farming the land, to military struggle and then to exile. From village homes to tents, from tents to tin shacks, and from there to refugee camps as these camps become the gateway to the Palestinian Diaspora across the world.
Kelani focuses on two important dates. The first is the date on which the MBC-owned Shahid.net decided to withdraw the series from its streaming services in October 2020. The second is the sudden death of Hatim Ali, 29 December 2020, which led to the outpouring of emotion and grief across the Arab world. (6), (7) & (8)
Kelani argues that MBC’s decision must be seen against the background of the signing two months earlier of the Israel-UAE normalisation agreement, August 2020. The series was later reinstated by MBC, after widespread public pressure from audiences and influencers on social media. (9)
Kelani emphasises the importance of translating and sub-titling this vital series in English, to ensure that people across the world have the opportunity to learn about the Palestinian narrative, away from the incessant attempts to distort the story in the mainstream media.
Noting how the series had such a significant impact on already sympathetic Arab audiences, Kelani highlights its potential in terms of audiences new to the history of Palestine, as well as those who might think to normalise with Israel.
‘The Palestinian Exodus’ is one of several masterpieces of drama left to us by the late Hatim Ali, and these films deserve to be better known, not just in the Arab world, but beyond.
Links
- ‘The Palestinian Exodus’ [al-Taghrība al-Filisṭīniyya] TV series on IMDb:
https://www.imdb.com/title/tt3109682/
- Palestinian writer Walid Saif on IMDb:
https://www.imdb.com/name/nm5864480/
- Syrian filmmaker Hatim Ali on IMDb:
https://www.imdb.com/name/nm3377111/?ref_=fn_al_nm_1
- Syrian actor Khaled Taja on IMDb:
https://www.imdb.com/name/nm3704589/?ref_=fn_al_nm_1
- Most famous scene from ‘The Palestinian Exodus’, featuring Syrian actor Khaled Taja:
- Shahid.net website:
- News of Shahid.net removing ‘The Palestinian Exodus’ from its streaming services:
https://www.middleeasteye.net/news/saudi-arabia-uae-israel-palestine-mbc-drama-normalisation
- Announcement of the death of Syrian director Hatim Ali:
https://www.middleeasteye.net/news/hatem-ali-syria-director-dies-egypt
- Israel-UAE normalisation agreement:
https://www.middleeasteye.net/news/israel-uae-reach-peace-agreement
تغريبةُ “التَّغريبة”
(إلغاء المَقُولة أمام رُهاب الذكريات)
حين ذهبتُ في جولة موسيقيَّة إلى سوريا عام 2007 (من تنظيم المجلس الثقافي البريطاني في دمشق)، تعرَّفتُ إلى موسيقيين سوريين مُبدِعين، تفوَّقوا في حقيقة الأمر على أعضاء فرقتي البريطانيَّة.
في إحدى فقرات الاستراحة بين جلسات التدريب الطويلة سألني الموسيقيون السوريون إن كنتُ قد شاهدتُ مسلسلاً باسم “التَّغريبة الفلسطينيَّة”، 2004 (1). كان رد فعلهم التعجُّب الشَّديد حين أجَبتُ بالنَّفي (لأنّ خاصيَّة اليوتيوب لم تكُن منتشرة كما هي عليه الآن، ولأنّني بشكل عام كنتُ قد توقفتُ عن متابَعة المسلسلات العربيَّة منذ عودتي من الكويت إلى مسقط رأسي بريطانيا عام 1989). وكان العِتاب يُوَشِّح تعجُّب الموسيقيين السوريين فشعرتُ بنوع من الحرَج، إن لم أقُل الخجَل.
طيلة السنين الماضية كان أحد مَقاطِع هذا المسلسل الأيقوني، الذي أخرجَه الرَّاحل حاتم علي من سوريا (2) وألَّفَه المؤرّخ والشَّاعر وليد سيف من فلسطين (3)، يَظهَر أمامي نتيجة لوغاريتمات المُشاهَدة على قناة اليوتيوب. كنتُ أتفادى هذه المَقاطِع خوفاً من الشعور بالمزيد من الألم والحسرة اللذين ما انفكَّا يُلازمانني كلما أجرَيتُ مقابَلة ميدانيَّة مع سيّدة فلسطينيَّة من أحد مخيّمات اللاجئين (ما زلتُ أقوم بتسجيل مثل هذه المقابَلات منذ عام 1986 كلما سنحَت لي فرصة زيارة أحد المخيّمات الفلسطينيَّة).
أذكُر قبل وفاة والدتي عام 2004 أنّها أنشَدَت لي – على غير عادتها حينئذٍ – أغنية تراثيَّة بعنوان “الحَمدُ لله” (4)، وقد أصبحَت مُلازمة لأغلب حفلاتي الحيَّة منذ ذلك الحين. في الثمانينيات من القرن المنصرم كانت والدتي أكثر رغبة في تعليمي بعض الأغاني من تُراث “النَّصراويَّات”، وهو تُراث مدينة النَّاصرة في الجليل الأسفل حيث وُلِدَت ونشَأَت (5)،. اكتشَفتُ حينها أنّ للنَّاصرة تراثاً خاصَّاً يشبه القُدود الحلَبيَّة وربَّما متأثراً بها أشَدّ التأثر. كانت والدتي تبتسِم كلما أنشَدَت “إسَّه إجا، وإسَّه راح، بيَّاع التُّفاح” أو أغنية الأعراس “بِالهَنا يامِّ الهَنا يا هَنِيِّة”. لكنني بدأتُ ألاحظ أنّها كلما كبُرَت في السِّن تكلَّمَت عن فلسطين بأقلّ ممّا كانت تفعل في الماضي. سألتُها مراراً وكانت دائماً تَرفض الحديث عن خروجها من النَّاصرة، على سبيل المثال.
كان والدي على النَّقيض منها تماماً بل كان أُصوليّاً ودقيقاً في ذِكر وتَعداد كل حادثة وكل مرحلة دراسيَّة وكل تطوُّر سياسي في فلسطين ما قبل النَّكبة. لكنَّ انفعالاته العاطفيَّة الحادَّة أثناء الحديث عن طفولته وصباه في فلسطين كانت تُخيفُني وتُؤلمُني.
ما بين ترَدُّد الأم وثَوَران الأب والشَّجَن المُصاحِب لمقابَلاتي في المخيّمات وجدتُ نفسي أتغاضى عن مشاهدة “التَّغريبة الفلسطينيَّة”، قائلة لنفسي إنّني سأكرّسُ وقتاً مناسباً “في يوم من الأيَّام” لمشاهدة المسلسل بأكمله، إلّا أنّني لم أفعَل إلى أن ضجَّت مواقع التَّواصل الاجتماعي والقنوات التلفزيونيَّة والمَحطّات الإذاعيَّة والصُّحف المطبوعة والرَّقميَّة في أنحاء العالم العربي بخبر وفاة المُخرج السوري حاتم علي إثر نوبة قلبيَّة حادَّة أودَت به في غربته وغرفته في أحد فنادق العاصمة المصريَّة في اليوم التاسع والعشرين من كانون الأوَّل عام 2020.
منذ ظهور وسائل التَّواصل الاجتماعي لم أرَ فيضانَ العاطفة والتقدير والحُزن والشُّعور بالخسارة الجَماعيَّة مثلما رأيتُ حين وقع خبر وفاة هذا المُخرج الكبير على آذان مُعجَبيه ومُحِبّيه. هنالك بالطبع استثناءات مثل الفجيعة التي شعَرَ بها العرب وقت وفاة الشَّاعر الفلسطيني محمود درويش، والأخرى التي شعَرَ بها العالم بأجمعه وقت وفاة المُلاكِم الأمريكي المسلم محمد علي كلاي.
لكن في حالة حاتم علي كان هناك عاملان إضافيَّان جَعلا الصَّدمة أكثر شِدَّة، وهما أنّ وسائل التَّواصل الاجتماعي قد تطوَّرَت وتوسَّعَت عمَّا كانت عليه أيام محمود درويش ومحمد علي كلاي، والسَّبب الثاني الأهم هو أنّ حاتم علي كان مُخرجاً تلفزيونيّاً وسينمائيّاً، أي أنّ تأثيره كان مرئيّاً أكثر منه مَقرُوءاً بالرغم من تجاربه في الكتابة، فما بالكم حين يكون هذا التأثير قويّاً فحاتم علي أبدَع على مدار ثلاثة عقود في الخَوض في الذاكرة الجَماعيَّة السوريَّة والعربيَّة والإسلاميَّة، لدرجة أنّ اسمه أصبح معروفاً في أغلب البيوت العربيَّة.
حينها أدركتُ أنّه وجَب عليّ أن أشاهد “التَّغريبة الفلسطينيَّة” بأكملها، بل المسلسلات والأفلام التي قام حاتم علي بإخراجها أو التَّمثيل فيها أوالمُشارَكة في كتابتها مع أمثال المؤرّخ الفلسطيني المتميّز د. وليد سيف. أخيراً، وبعد وفاة حاتم علي ببضعة أسابيع جلستُ وشاهدتُ المسلسل من حلقته الأولى إلى الأخيرة. فضلاً عن الشُّعور العارم بالألم، شعرتُ بنوع جديد من الغضب المرير فجلستُ لمشاهدة المسلسل للمرَّة الثانية مع زوجي. ولا أرى اليوم الذي سأُشاهده للمرَّة الثالثة بعيداً.
تدُور أحداث المسلسل في قرية فلسطينيَّة غير مُسَمَّاة أثناء الثلاثينات من القرن الماضي. العائلة التي تتمركز حولها الأحداث هي عائلة الفلّاح أحمد الشّيخ يونس (خالد تاجا) وزوجته أُم أحمد (جُولييت عوَّاد) والشخصيَّة المركزيَّة المتمثِّلة في ابنهما أحمد “أبي صالح” (جمال سليمان). تمتد أحداث المسلسل حتى عام 1967، حين نُشاهِد حاتم علي ممثِّلاً هذه المرَّة في دور “رُشدي” ابن أخت “أبي صالح”.
مزيجٌ من التاريخ الدَّقيق لوليد سيف الذي جعَل المواد التاريخيَّة سهلة الاستيعاب- بالرغم من أكاديميَّة الكاتب المُتوَّجَة بالدكتوراه- مقروناً برؤية سينمائيَّة مَلحميَّة غير مُبالَع بها لحاتم علي وضَع فلسطين أمام أعيُننا، وقد صُوِّرت الأحداثُ في سوريا دون أيّ تضارُب في التَّضاريس. أصبح مَشهَد خالد تاجا (1939-2012) في دور “أبي أحمد” وهو يُصارع الأكل والبُكاء في آن – حين يُدرك أنّ خروجهم من بيوتهم عام 1948 ما هو إلّا نُزوح ولُجوء دائم الأمَد – من أكثر مَشاهِد “التَّغريبة” تداوُلاً. خلافاً لأغلب الروايات البصَريَّة للنَّكبة لم نسمَع عَويلاً أو صياحاً مُرافَقاً بتمزيق الثياب وشَدّ الشَّعر بل سَمِعنا صمتاً مُطبِقاً ونحن ننظُر إلى عيون “أبي أحمد” وتجاعيد وجهه بينما تنظُر إليه زوجته وابنها بعيون فارغة، بأداء بارع من الممثِّلة الأردنيَّة-الأرمنيَّة جُولييت عوَّاد (م. 1951) والممثِّل السوري تَيم حسن (م. 1976). (7)
لطبيعة عمَلي كموسيقيَّة تبحث في الموسيقا الفلسطينيَّة لم تَمُرَّ على سَمعِي الموسيقا التَّصويريَّة مرور الكرام. فهناك النَّص الموسيقي الرَّسمي للمسلسل الذي وضعه الموسيقار السوري طاهر مامللي (م. 1966) واَستخدم فيه الأصوات البشريَّة والإيقاعات المُركَّبة بطريقة تدفَع المُستمِع إلى الإدمان، دون أن نغفل عن ذِكر أهميَّة تطويع قصيدة “الفدائي” لشاعر فلسطين إبراهيم طوقان (1905-1941) في شارَة المسلسل (8). كما أنّ هناك أغنيات مُتفرّقة لفِرَق موسيقيَّة وثّقَت أحداثاً تاريخيَّةً مثل إعدامات الاحتلال البريطاني المُناضِلين الفلسطينيين، كمَشهَد إعدام “سَعدي” رمياً بالرَّصاص والذي أدَّى دوره الممثِّل السوري عبدالحكيم قطيفان (م. 1958) بتحكُّم ومَرَح على الرغم من قِصَر المَشهَد ومأساويَّته. هو تلخيصٌ لكلمة “صُمود” التي أصبحَت واحدةً من أهم مُفردات مُعجَم النِّضال بل الوجود الفلسطيني.
تمُرّ أمامنا أحداث تاريخيَّة أُخرى مثل برُوز دور الشيخ عزالدين القسَّام (1882-1935) في تأجيج الثورة الفلسطينيَّة الكبرى عام 1936. فكيف لنا ألَّا نشعُرَ بوحدة الدَّم السوري والفلسطيني حين نتذكَّر القسَّام وهو ابن مدينة “جَبلة” في محافظة اللاذقيَّة؟ هذه الوحدة التي تُقرَع أجراسُها اليوم حين نتذكَّر شهداء مخيّم اليرموك ومجزرة التَّضامُن على أيدي نظام بشَّار الأسد. وكيف لي ألا أتأثَّر وأنا أذكُر قصص والدي، الذي كان وهو طفلٌ في السابعة، يحمل حقيبة القسَّام حين كان الأخير يزُور جدّي في قرية “يَعبَد” حيث استُشهِد، وبالتحديد في (خربة الشيخ زيد الكيلاني)؟ ولا ننسى أهازيج المُغَنِّي والشَّاعِر الشَّعبي نُوح إبراهيم (1913-1938) الذي استُشِهد هو الآخَر على أيدي الاحتلال البريطاني (9). أحداث وأناشيد أُخرى كثيرة امتزَجَت فيها أصواتُ النّساء وهنّ يُغنّين في الجنائز والأعراس مع أصواتِ الرّجال وهم يُنشِدون عن الجهاد والشَّهادة.
لكنّني أخُصّ بالذِّكر مَشهَد زواج خَضرة (نادين سلامة) والعَبد (خالد القيش) في القرية، حيث المَعازيم هُم سُكَّانها، وضيوف الشَّرف هُم فريق المُجاهِدين الذي يقودُه “أبو صالح”. هذا الفدائي الذي أدَّى دورَه الممثِّل السوري جمال سليمان (م. 1959) بذات الشُّموخ الذي تتطلَّبه الشَّخصيَّة (10). هذا المَشهَد أخذَني عبر عقود ماضية إلى أوائل السبعينات، حين حضَرتُ ولأوَّل مرَّة نُسخة تكاد تكون مُطابِقة لعُرس “التَّغريبة”، لكن في قرية “نِين” قضاء النَّاصرة: دبكة شباب القرية، إنشاد الحَدَّا “يا حلالي يا مالي” [فلسطين هي “الحلال” الضِّمني]، مَشهَد حِنَّة العروس، بُكاء الأم لفِراق ابنتها، اللهجة الأصيلة، أضواء الزّينة الليليَّة، الثوب النّسائي والقُمباز الرّجالي. فكان عرس “التَّغريبة” مطابِقاً لعرس “نِين”، لدرجة أنّني كِدتُ أشُمُّ رائحة القَرع المَحشِي والقهوة المُرَّة والدُّخَّان العربي. (11)
يأتي اليوم الثاني عشر من تشرين الأول 2020، أي قبل وفاة حاتم علي بشهرين، لنشهَد زوبعة أشعَلها ناشطون في التَّواصل الاجتماعي، خصوصاً موقع “مِش هِيك” الفلسطيني. يكفي أن نَرجِع لشهرين قبل هذا التاريخ لنتذكَّر توقيع الاتفاق الإماراتي -الإسرائيلي في شهر أغسطس 2020، فلا نُفاجَأ إذاً بقرار المِنصَّة الإلكترونيَّة “شاهِد” – التابعة لمجموعة “إم بي سي” – حَذف المسلسل من قائمة أعمالها الفنّيَّة (12). قامَت الدُّنيا على التَّواصل الاجتماعي ولم تقعُد، إلّا حينما تراجعَت مِنصَّة “شاهِد” عن قرارها الذي تحجَّجَت بأنّها اتَّخذته نظراً “لانتهاء حقوق العَرض”. كما أصدرت الممثِّلة جُولييت عوَّاد مقطع ڤيديو قصيراً مؤثِّراً موجِّهةً كلامها إلى المِنصَّة – وكذلك المطبِّعين العرب – قائلة: “كلمة فلسطين بِتخَوّفكُم”؟ (13)
وكيف لا تُخيف الكلمة كل من يؤيِّد التطبيع مع الصهاينة؟ كيف لا تُخيفهم، والمَشهَد الختامي الذي يؤدِّيه حاتم علي يُظهِر “رُشدي” وهو يبحث عن بندقيَّة والده المُجاهِد الشَّهيد بعد أن تأكَّد أنّ الكفاح المُسلَّح هو الطريق الواحد الأوحَد؟ كيف لا تُخيفهم هذه الكلمة حين يُسمَع صوت المغنِّية السوريَّة أصالة نَصري وهي تُنشِد قصيدة محمود درويش “أيُّها المارُّون”؟ هذه الأُغنية التي كان حاتم علي قد استعملها من قبل في مسلسل “صلاح الدين”، 2001، والتي نَسمَعُ من خلالها أصالة نَصري وهي تَصرُخ بأعلى طبقة السُّوپرانُو “آنَ أن تَنصَرِفوا”! (14)
لكن ما يُميِّز مَقُولة هذا المسلسل في المَقام الأوَّل السِّيرة الشَّخصيَّة المبنيَّة على حياة وليد سيف. هذه التجربة التي تكلَّم عنها الكاتب الدرامي بإسهاب في لقاء مع الإعلامي السعودي علي الظفيري في برنامج “المقابَلة” على قناة “الجزيرة” (15). حين نشاهد اللقاء سنُدرك بوضوح تفاصيل “ميكانيكيَّة” التَّهجير من المَنحيَين الزَّماني والمكاني. هنا يأتي إبداع حاتم علي ليضع يده بيد وليد سيف ليَرسُما أمام أعيُننا جداريَّةً متحركة لرحلة تَحَوُّل الفِلاحة إلى جهاد، ثم الجهاد إلى نُزوح، ثم النُّزوح إلى خيمة، ثم الخيمة إلى كوخ من الزّينكو، ثم الكوخ إلى بيت في المخيّم، ثم المخيّم إلى وجهات اللجوء المتشعِّبة في الشَّتات.
لهذا، وجَب علينا أن نعمَل بطريقة أو بأُخرى على ترجمة حوار المسلسل إلى أكثر من لغة، أو على الأقل إلى اللغة الإنجليزيَّة في بادئ الأمر (كما حدَث مع مسلسل “عُمَر”، على سبيل المثال). لن يتمكن “الآخَر” غير المُتعاطِف أو حتى غير المُلِمّ بقضيَّة فلسطين أن يفهَم الموضوع من مَنظُور “الخطيئة الأولى” المُتمثِّلة في اغتصاب فلسطين من قِبَل الصهاينة. ولن يُصدَم إلّا حين يُشاهِد عمَلاً كهذا المسلسل في إحدى وثلاثين حلقة، وقد بُثَّ لأوَّل مرَّة في شهر رمضان من عام 2004. والأهم من ذلك، يجب أن يُشاهِد “التَّغريبة” كل من يؤيِّد التطبيع مع الصهاينة، كي يَصحُوا من حُلمِهم الزَّائف، أو من “الرِّدَّة”، كما وصفَها وليد سيف في مقابَلته المذكورة أعلاه.
فليُشاهِد “التَّغريبة الفلسطينيَّة” كل من لم يفعل من قبل، ولنحتَفِل بالغضب بالرغم من الرُّهاب فهو تِرياقٌ لسموم الاحتلال والاغتصاب.
**
الرَّوابط:
(1) مسلسل “التَّغريبة الفلسطينيَّة”
https://www.imdb.com/title/tt3109682/
(2) المُخرج حاتم علي
https://elcinema.com/person/1100588/
(3) الكاتب د. وليد سيف
https://elcinema.com/person/1013163/
(4) أغنية “الحَمدلله” من التُّراث الفلسطيني، أداء ريم الكيلاني
https://www.youtube.com/watch?v=gfa25UMvYQE
أغنية “قَطَعِن النَّصراويَّات مَرج ابن عامِر” من تُراث النَّصراويَّات، أداء ريم الكيلاني (5)
https://www.youtube.com/watch?v=zb4zKoH-ZgA
خبر وفاة المُخرج حاتم علي (6)
https://www.bbc.com/arabic/magazine-55475461
المَشهَد الأكثر تداولاً، من أداء خالد تاجا، في مسلسل “التَّغريبة الفلسطينيَّة” (7)
https://www.youtube.com/watch?v=AqdWJ4BJlg0
شارة مسلسل “التَّغريبة الفلسطينيَّة”: قصيدة “الفدائي”، من نَظم إبراهيم طوقان، وتلحين طاهر مامللي (8)
https://www.youtube.com/watch?v=f3RXEAYSoWE
أغنية “دَبِّرها يا مِستَر دِلّ” للشَّاعر الشَّعبي الفلسطيني نُوح إبراهيم، أداء فرقة العاشقين (9)
https://www.youtube.com/watch?v=QkTSfh2DE4s
مقالة ريم الكيلاني عن أوَّل عرس فلسطيني حضَرَته في قرية “نِين” قضاء النَّاصرة. المقالة منشورة في كتاب “أن تكون فلسطينيّاً” [العنوان مترجم من الإنجليزيَّة]، تحرير د. ياسر سليمان، جامعة كامبردج، 2016 (10)
مشهد عرس خَضرة والعَبد في مسلسل “التَّغريبة الفلسطينيَّة”، من الدقيقة 04:35 (11)
https://www.youtube.com/watch?v=jZSxUvpL4sA
قرار مِنصَّة “شاهِد” الإلكترونيَّة حَذف مسلسل “التَّغريبة الفلسطينيَّة” من قائمة أعمالها (12)
https://www.alquds.co.uk/منصة-سعودية-تحذف-مسلسل-التغريبة-الفلس/
الممثِّلة الأردنيَّة-الأرمنيَّة جُولييت عوَّاد تتكلَّم عن حَذف مِنصَّة “شاهِد” مسلسل “التَّغريبة الفلسطينيَّة”، أكتوبر 2020 (13)
https://www.youtube.com/watch?v=qNZuQ8a4JpQ
المَشهَد الختامي لمسلسل “التَّغريبة الفلسطينيَّة”. تمثيل حاتم علي، بمرافقة أُغنية “أيُّها المارُّون”، من نَظم محمود درويش، وألحان طاهر مامللي، وغناء أصالة نَصري (من الدقيقة 7:00) (14)
https://www.youtube.com/watch?v=0gm5HLlVaog
مقابَلة علي الظفيري مع الكاتب والشَّاعِر وليد سيف على قناة الجزيرة (البث الأوَّل: 26 يونيو 2022) (15)
https://www.aljazeera.net/programs/the-interview/2022/6/26/المقابلة-وليد-سيف-فلسطين
---------------------------------------------------------------------------------------------- *Material should not be published in another periodical before at least one year has elapsed since publication in Whispering Dialogue. *أن لا يكون النص قد تم نشره في أي صحيفة أو موقع أليكتروني على الأقل (لمدة سنة) من تاريخ النشر. *All content © 2021 Whispering Dialogue or respective authors and publishers, and may not be used elsewhere without written permission. جميع الحقوق محفوظة للناشر الرسمي لدورية (هَمْس الحِوار) Whispering Dialogue ولا يجوز إعادة النشر في أيّة دورية أخرى دون أخذ الإذن من الناشر مع الشكر الجزيل