تِه دلالاً

ابن الفارض

عمرُ بنُ الفارضِ الشَّاميُّ الحمويُّ واحد من أشهر شعراء الصُّوفيَّة، ولد في القاهرة العام 576 للهجرة و توفّي فيها العام 632 للهجرة. تميَّز شعره بما في الشِّعر الصُّوفيِّ من الإشارة والرمز وكثيراً ما يكون فيه إيحاء تُنتجه حياة العزلة الّتي تبعث روحانيَّة في النَّفس عبَّر عنها الشَّاعر بطريقة  تجذب القارىء ثمَّ تأسر قلبه.

وعلى الرَّغم من أنَّ شعر ابن الفارض زاخر بالإشارات فهو يبتعد عن الأحاجي والألغاز الّتي يستخدمها كثير من شعراء الصُّوفيَّة في كلامهم عن الذَّات الإلهيَّة ممَّا يجعل شعرهم ممتلئاً بمعانٍ باطنيَّة على حساب اللُّغة والصِّياغة والبيان.

يقول ابن الفارض في واحدة من أشهر قصائده:

 تِهْ  دلالاً   فأنتَ  أهلٌ   لذاكا                وتحكّمْ فالحسنُ قد أعطاكا

ولكَ الأمرُ فاقضِ ما أنت قاضٍ               فعَليَّ   الجمالُ  قد  ولَّاكا

و تِلافي  إن  كان  فيه  ائتلافي              بكَ عجِّلْ  به  جُعِلتُ فداكا

وبما شئتَ  في  هواكَ  اختبرني              فاختياري ما كانَ فيه رضاكا

فعلى  كلِّ  حالةٍ   أنتَ   منِّي                بيَ أَولى إذ  لم  أكنْ لولاكا

و  كفاني  عزّاً   بحبِّك  ذُلِّي                 وخضوعي ولستُ من أكفاكا

و إذا ما إليكَ بالوصلِ  عزَّتْ                نسبتي  عزّةً و صحَّ   ولاكا

فاهتمامي بالحبِّ  حسبي حيٌّ                 بين  قومي أُعَدُّ من  قتلاكا

لكَ في الحيِّ  هالكٌ بكَ حيٌّ                 في سبيلِ الهوى استلذَّ الهلاكا

عبدُ  رِقٍّ ما رَقَّ يوماً  لعتقٍ                 لو  تخلَّيتَ عنهُ  ما خلَّاكا

و منها:

ذابَ   قلبي   فأذنْ  لهُ   (يتمنَّا              كَ)  و فيهِ  بقيّة  لرجاكا

أو  مُرِ  الغمضَ  أنْ يمرّ َ بجفني             فكأنِّي به  مطيعاً  عصاكا

فعسى في المنامِ يعرضُ لي (الوه             مُ)  فيوحى سرَّاً  إليَّ سراكا

أبقِ  لي  مقلةً   لعلِّي  يوماً                 قبل موتي أرى بها من رآكا

أيَن منِّي ما رمتُ هيهاتَ بل (أَي          نَ) لعيني بالجفنِ  لثمُ  ثراكا

فبشيري لو جاءَ منكَ بعطفٍ              ووجودي في قبضتي قلتُ هاكا

قد كفى ما جرى دماً من جفونٍ          بك قَرحى فهل جرى ما كفاكا

فأجِرْ  مَن  قلاكَ  فيكَ  مُعنَّى            قبل أنْ يعرفَ الهوى يهواكا

هَبْك  أنَّ  اللَّاحي نهاهُ  بجهلٍ            عنكَ قلْ لي عن وصلِه مَنْ نهاكا

و إلى  عشقِك  الجمال  دعاهُ              فإلى  هجرِهِ  ترى مَنْ  دعاكا

أترى من أفتاكَ  بالصَّدِّ عنّي              ولغيري بالودِّ  من  أفتاكا

بانكساري   بذلَّتي   بخضوعي            بافتقاري   بفاقتي   بغِناكا

لا  تكلْني إلى  قويٍّ  جَلدٍ (خا          نَ) فإنّي أصبحتُ من ضعفاكا

كنتَ تجفو وكانَ لي بعضُ صبرٍ        أحسنَ اللهُ في اصطباري عزاكا

كم صدوداً عساكَ ترحمُ (شكوا        يَ) و لو باستماعِ قولي عساكا

شنَّع المرجفونَ عنكَ بهجري         و أشاعوا  أنِّي سلوتُ  هواكا

ما بأحشائِهم عشقتُ فأسلو         عنكَ يوماً دعْ  يهجروا حاشاكا

---------------------------------------------------------------------------------------------- *Material should not be published in another periodical before at least one year has elapsed since publication in Whispering Dialogue. *أن لا يكون النص قد تم نشره في أي صحيفة أو موقع أليكتروني على الأقل (لمدة سنة) من تاريخ النشر. *All content © 2021 Whispering Dialogue or respective authors and publishers, and may not be used elsewhere without written permission. جميع الحقوق محفوظة للناشر الرسمي لدورية (هَمْس الحِوار) Whispering Dialogue ولا يجوز إعادة النشر في أيّة دورية أخرى دون أخذ الإذن من الناشر مع الشكر الجزيل

Leave a Reply